الشهادة الجامعية في الهندسة - جامعة الملك سعود بالرياض..
اعمل في القطاع الخاص وحاصل على العديد من الدورات التخصصية ( الفنية والإدارية ) ..

أحمد ربي على نعمة الإسلام ، وافتخر بأني اكتب وأتكلم بلغة الضاد ، وأحب التعمق فيها ومعرفة أسرارها والبحث عن معاني مفرداتها ومترادفاتها ، فهي بحر عميق ، ولا عجب فهي لغة كتاب ربنا ومصدر عزنا ومجدنا.

إن الذي ملأ اللغات محاسناً **** جعل الجمال وسره في الضاد

اكتب ما يمليه علي ضميري من الواجبات الدينية والوطنية..


السبت، 31 أغسطس 2013

الموت والوفاة ... وأيهما أصح أن يقال : توفى أو توفي ؟

السبت ٢٤ شوال ١٤٣٤

الموت والوفاة ...
وأيهما أصح أن يقال : توفى أو توفي ؟

كثيراً ما نقول فلان ( توفى ) بفتح التاء والفاء ، فهل هذا صحيح ؟

الموت :
هذا القدر الإلهي الرهيب الذي أطلق الله سبحانه وتعالى عليه اسم – المصيبة – بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني الإصابة بذات النفس وهالة من الخوف الكبير التي تسيطر على الإنسان بمجرد وقوع الحدث كما قال عز وجل : ( إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت)
وهو قدر الله المقدور لا رجعة فيه وكل نفس لها موعد واجل مسمى لا تستقدم ساعة ولا تستأخر بعد ان متعها الله متاعا حسنا في الحياة الدنيا ( ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلها ) وأزف الموعد ووصل الإنسان إلى نهاية الرحلة تمهيدا للعودة إلى الله سبحانه وتعالى ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ) وهو ذلك السلاح المرعب الذي قهر الله به النفس البشرية مهما بلغت درجة طغيانها وتعسفها وتسلطها وجبروتها وظلمها في الأرض بغير الحق ومهما طال عليها الأمد ( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) ولن يكون هنالك أي هروب او تحصن ضد الموت ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) ، كما انه لن تكون هنالك اي استثناءات لأي مخلوق من البشر حتى الأنبياء والرسل بدءاً من آدم عليه السلام وانتهاء بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله تعالى فيه ( إنك ميت وإنهم ميتون )

الوفاة :
الوفاة في القرآن تأتي بمعنى الموت وتأتي بمعنى النوم وتأتي بمعنى الرفع .
فالله سبحانه وتعالى يتوفى الأنفس حين موتها (عند النوم) فإذا لم تمت في ذلك النوم فإنه يرسلها إلى اليقظة والحياة مرة أخرى لأن موعدها مع الموت لم يأتِ بعد بينما يمسك النفس الأخرى التي قضى عليها الموت فلا تعود إلى اليقظة والحياة من جديد ، فنقول عن هذه النفس أنها ميته ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى اجل مسمى ) سورة الزمر 42.
ولعل حالة وفاة عيسى عليه السلام الدليل القاطع بعودته ونزوله إلى الأرض في آخر الزمان ( اذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ) سورة آل عمران 55. 
فهو متوفى وليس بميت وهذا ينطبق تماما مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى ينزل ابن مريم فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ) وكذلك مع ما جاء في القران الكريم ( وانه لعلم للساعة فلا تمترن بها ) الزخرف 61.

وكلمة {تَوَفَّيْتَنِي} عن عيسى عليه السلام فسرها بعض أهل العلم بمعنى استوفيت رسالتي ، والرفع من لوازمها ، بمعنى تقول : وفى زيد ما عليه أي أدى ما عليه ،
وقد يخرج الإنسان من دوامه مثلا فيقال له : أين تذهب؟ قال : وفيت عملي .
فهو بعث عليه السلام ثم رفع فانتهت نبوته ورسالته برفعه ،ولم تنته حياته ، فما بعد عودته بعد نزوله للأرض ليس له علاقة بالنبوة والرسالة .
لكنه جزء من حياته ،أما الأول له علاقة بالنبوة والرسالة ، فيصبح معنى{ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } سورة المائدة: (117).
بعد ذلك ينفذ قضاء الله وقدره حين يأتي الوقت المعلوم فلا يبقى على الأرض آية مخلوق ( كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) سورة الرحمن 26 - 27 .

وفي ذلك اليوم العصيب حين يقول رب العزة (لمن الملك اليوم) ؟
الملك يومئذ لله الواحد القهار وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما.

ويبقى سر الموت والحياة واحدا من اعظم الأسرار الإلهية لا يعلمها إلا هو فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون .

الفرق بين توفى وتوفي :

( تَوفَّى ) :
بفتح التاء والفاء - بالبناء للفاعل - فهذا خطأ ، لأن الذي يتوفى هو الله كما جاء به القرآن في قوله عز وجل ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى اجل مسمى ) ..

( تُوُفَّيَ ) :
بضم التاء والواء وكسر الياء المشددة وفتح الياء في آخره - بالبناء للمفعول - وهو الصحيح أن يقال ، لأن الميت متوفَّى وليس متوفِّيا ..
إذاً من الأخطاء الشائعة عند الناس أن تقول (توفى فلان) بالألف المقصورة إذ أن الصحيح هو (مات) أو (توفي ) بالياء وليست الألف المقصورة .
وقال تعالى واصفا الميت بأنه يتوفى : ( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) [الحج/5]

وجاءت الأحاديث والآثار صريحة في تسمية الميت متوفى أو أنه توفي ،  وحسبك ثالث حديث في صحيح البخاري وهو حديث بدء الوحي الطويل .. وفي آخره : "ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي"صحيح البخاري ح3 .

وحديث وفاة النبي صلوات الله عليه .. وأوله من حديث انس : أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع النبي صلى الله عليه و سلم الذي توفي فيه .. وفي حديث ( وأرخى الستر فتوفي من يومه صحيح البخاري ح648 .
بل جاء بلفظ النبي نفسه كثيرا منها : " ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم" صحيح البخاري ح1191 .

ولما توفي النجاشي بالحبشة قال النبي صلى الله عليه وسلم : "قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه"صحيح البخاري ح1257.


إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ؛ فلنصبر ولنحتسب .
إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولانقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقهم لمحزونون.

اللهم اغفر لكل عزيز على قلوبنا ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يارب العالمين ، اللهم افسح له في قبره ونور له فيه .
وأسأل الله أن يسكنه فسيح جناته وأن يجعل ما أصابه رفعة في الدرجات ، وذخرا من رب الأرض والسموات ، وأن يجعل ما يقبل من أمره خير من ما مضى فهو عند رب كريم مجيب الدعوات...

اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفر الله .

هناك تعليق واحد:

  1. بوركت و جزيت و كفيت و عفيت يا شيخنا الفاضل و زادك الله علما ...

    ردحذف