الصفحات

الأربعاء، 6 مارس 2013

السقوط الأمريكي وسقوط بغداد بعد عام!!

نشرت هذه المقالة في ( موقع المسلم ) بتاريخ 16 صفر 1425 هـ

رابط المقال :
http://almoslim.net/node/82291

الحمد لله وحده مذل الجبارين وقاهر المتكبرين وهازم كل من عادى هذا الدين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين ، ثم أما بعد :

فقد تصرمت أيام وشهور وودعنا عاماً حمل بين طياته منحاً ومحناً ، وهانحن نستقبل عاماً جديداً- نسأل الله العلي القدير أن يجعله عام نصرٍ وعزٍ للإسلام والمسلمين وذلٍ للكفر والكافرين . ولن ينسى التاريخ أبداً في مثل هذا الشهر من العام المنصرم وبالتحديد ليلة الخميس السابع عشر من شهر الله المحرم العدوان الآثم على أرض العراق وشعبه من قبل أعداء الإسلام الذين تكالبوا من كل حدب واستخدموا أحدث التقنيات الحربية ضد هذا الشعب المنهك ، ولن يتوقف أهل الباطل عند هذا الحد ، فالله عز وجل يقول (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ )(1) . وكل عاقل يدرك بأن هدفهم أولاً وآخراً القضاء على الإسلام وأهله والتاريخ شاهد وحافل بالعديد من القصص والعبر التي تثبت ذلك ، ولكن الأيام دول وحسبنا قول الله تعالى (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ) (2).

وفي وقتنا الحاضر كشر أهل الباطل عن أنيابهم وأظهروا العداء علانية بعدما كان سراً ، وأصبح المسلم وخصوصاً العربي مشبوهاً ومطارداً في كل مكان ، لا لشيء سوى إيمانه بالله تعالى ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) (3) ، وشعاره مقولة (الفاروق)عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله ) .
وليس بخافٍ على الجميع ما يفعله الغرب الكافر ومن على شاكلته من إزهاق لأرواح المسلمين الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ ، وتطبيق نظرية السكوت العالمي المتمثلة في قول الشاعر :
قتل(علج كافر)جريمة لاتغتفر وقتل شعب مسلم مسألة فيها نظر
فلا تخلوا بقعة من العالم الإسلامي إلا وتجد فيها الحروب والويلات والفقر ، بينما العكس تماماً مع غير المسلمين وإن كانوا أقل عدداً !!.

ومع تداعي الأمم على الأمة الإسلامية كما أخبر رسولنا- صلى الله عليه وسلم- وتوالي الفتن والابتلاءات عليها وذلك ( ليميز الله الخبيث من الطيب) (4) ، (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) (5) ، إلا أن فيها أيضاً من المبشرات التي تستدعى التفاؤل وعدم اليأس كما قال الله أصدق القائلين (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )(6).
ومن الأمور المشاهدة والمحسوسة – بالنسبة لنا- والتي تعتبر من المبشرات هو الفشل الذريع أو المستنقع الأمريكي في أرض العراق والذي جعل معنويات الجندي الأمريكي تصل إلى القاع ، بل جعل الجنسية الأمريكية على وجه العموم شخصية ذليلة ومهانة والتي كانت في السابق من الشخصيات التي لا تقهر والأمنية المنتظرة لكثير من الناس ، فهذا التغير الحاد يجعلنا نتساءل ألا يستحق الشكر من تسبب في ذلك ؟! .

وعلاوة على السقوط السياسي والاقتصادي المتتالي ، فقد سقطت أمريكا من قلوب الناس حتى من المعجبين بها –ولله الحمد – ، فبالأمس كنا نقرأ ونشاهد الكثير من الإعلانات التي تملأ الشوارع والطرقات لمنتجات أمريكية ، واليوم نجد العكس تماماً ، بل وصل الأمر إلى لجوء عدد من التجّار إلى تغيير اسماء محلاتهم وتجنب ذكر أي لفظ لكلمة(أمريكا)، والأغرب هو قيام إحدى وكالات السيارات التي اشتهرت باستيراد بضاعتها من أمريكا بالإعلان عن نوعية معروفة من السيارات بأنها مصنوعة في بلد آخر غير أمريكا !! وتعدى الأمر إلى أن أصبح الكثير يتحاشى السفر إلى (الولايات المتحدة) بعدما كانت الأفئدة تهفو وتتحرى الفرصة المناسبة لقضاء الإجازات أو إكمال الدراسات الدنيا والعليا أو حتى الزيارات المتعلقة بمشاهدة التطور والتقدم الصناعي والتقني هناك ، وهذا مقدمة – إن شاء الله - لسقوطها وتفرقها، ونسأل الله أن يعجّل بذلك ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ) (7) ، ونقول كما قال الحق تبارك وتعالى ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم)(8). ومرة أخرى فهذا التغير الجذري يجعلنا نتساءل ألا يستحق الشكر من كان سبباً في ذلك ؟! .

ومن الأمور أيضاً ترقب أكثر بلدان العالم والمسلمين على وجه التحديد لسماع الأخبار اليومية التي تتناقلها وكالات الأنباء العالمية حول القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمريكية ، حيث لم تنقطع الأخبار منذ بدء العدوان والاحتلال الآثم لأرض العراق - الذي مضى عليه ما يقارب العام – حتى يومنا هذا من استمرار عمليات المقاومة التي يقوم بها أبطال العراق على معسكرات قوات الاحتلال والذي يسفر يومياً عن مصرع مالا يقل عن ثلاثة من الجنود وجرح ضعفهم وهذا معترف به من قبل القوات الأمريكية ، وبإجراء عملية حسابية يسيرة ومعدل تقريبي يقدر بثلاثة قتلى يومياً – على أقل الأحوال - ينتج أن عدد القتلى في صفوف الجنود الأمريكان لمدة عام كامل لا يقل عن(1080 قتيلاً ) ، عدا من يموت من الجرحى والنيران الصديقة – كما يقولون- والحوادث المتفرقة الأخرى الأمر الذي أثار الشعب الأمريكي الذي لم يتوقع ولم يعهد مثل هذا العدد في صفوف القتلى والجرحى ، مما حدا بالإدارة الأمريكية إلى الحيلولة دون وصول رسائل الجنود الأمريكيين إلى أهليهم ، بل اضطرت إلى إرسال الرسائل لأهالي الجنود بمعرفتها– كما ذكرت وكالات الأنباء هذا الخبر- !! وبعد هذا الذل والسقوط أفلا يستحق الشكر من أساء لشعبه من حيث أراد الإحسان؟! .
ولتضليل العالم والشعب الأمريكي بالذات ضيقت الإدارة الأمريكية الخناق على الإعلام الدولي ، ولعل قتل عدد من مراسلي ومصوري وكالات الأنباء المختلفة دليل على كثرة القتلى في صفوف الجنود الأمريكيين ، ونسأل الله أن يجعل بلاد المسلمين وخصوصاً العراق مستنقعاً ومقبرة للعدوان الظالم وأن يخرجهم أذلة وهم صاغرون .
وبقي أن نقول بأن الشكر لا يستحقه من لُطِخت صحائفهم بدماء المسلمين الأبرياء ، ونوكد بأن جرمهم لن ينسى ولن يضيع هدراًُ وسيسأل عنها كل من تسبب بإزهاقها، فحرمة الدم المسلم أشد عند الله من هدم الكعبة .
وختاماً ، فإن هذه المرحلة الحرجة- بالنسبة لنا- تتطلب المزيد من التماسك ووحدة الصف والحكمة وتفويت الفرصة على العدو ، وواجب الأخوة الإسلامية تجاه إخواننا المستضعفين في كل مكان يحتم علينا الوقوف معهم ودعمهم مادياً ومعنوياً بما نستطيع ، ويأتي في مقدمة ذلك الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بأن ينصرهم ويذل أعدائهم ، وأن نثق بنصر الله القائل (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لايَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (9) .
والله اعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
كتبه / سامي بن عبدالمحسن الطريقي
غرة محرم 1425هـ
(1) : سورة البقرة – آية( 217) .
(2) : سورة آل عمران – آية(140) .
(3) : سورة البروج –آية(8) .
(4) : سورة الأنفال – آية (37).
(5) : سورة العنكبوت- آية (3) .
(6) : سورة يوسف –آية(110) .
(7) : سورة التوبة –آية ( 14)
(8) : سورة يونس -آية(88)
(9) : سورة غافر- أية (51-52) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق