الصفحات

الأربعاء، 17 أبريل 2013

النقاش فن .... فما أحوجنا إلى فن النقاش .

الأربعاء ٧ جمادى الآخرة ١٤٣٤

موضوع كتبته في عدد من المنتديات قبل عدة سنوات وكانت مناسبته بعد أن لاحظت الردود والتعليقات على المشاركات في المنتديات وكيف تتحول المشاركة أو التعليق إلى نقد المشارك دون المشاركة ، والتعرض إلى شخصية الكاتب وهذا بلا شك ليس من العدل ولا من الإنصاف... والأمر لايقتصر على الكتابة فحسب بل أيضا عند الحوار والنقاش المباشر وجها لوجه وكيف تتحول نبرة الصوت بين المتحاورين وطريقة النقاش !!
لذلك كتبت وبحثت في هذا الموضوع وعن المصطلحات المتداولة في النقاشات والحوارات .

النقاش فن وما أجمل التجرد من جميع الحظوظ عند النقاش ...
وكما قيل : 
إن بعض القول فن... فاجعل الإصغاء فنا 

وقد ورد عن عطاء بن رباح - رحمه الله - العالم المشهور أنه قال : ( إن الشاب ليحدثني حديثاً فاستمع له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن تلده أمه ) . 
وهذا فن لا يتقنه إلا الكبار .
نعم النقاش فن ، عندما يحسب المتحدث للكلمة ألف حساب قبل ان يتفوه بها ، كما قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : ( إذا أراد أحدكم الكلام فعليه أن يفكر في كلامه فإن ظهرت المصلحة تكلم, وإن شك لم يتكلم حتى تظهر ) .
فعلينا الاقتصاد في النقاش والكلام بالأهم فالأهم ، وأيضاً الترفع عن الغلظة في القول والبذاءة في اللسان وملاطفة الجلساء حتى لا يشعروا بالسأم ولا يدخلهم الفتور ، ومراعاة أحوال السامعين أثناء النقاش أهم مقبلون على المتحدث فيسترسل في الحديث ويستمر أم معرضون عنه فيتجه إلى ناحية أخرى .

والنقاش يحتوي على مصطلحات متداولة ، وكثيراً ما يتردد مثل هذه الألفاظ :
النقد - الانتقاد - الحوار - الجدال 

فالنقد : هو البيان والإيضاح ونقد الشيء دون التعرض لشخصية الكاتب .

وهو على قسمين : 
نقد هادف وبناء 
ونقد هادم وغير هادف .


الانتقاد : هو انتقاد سلوكيات وصفات أخلاقية 
وهو على قسمين : 
إيجابي : مثل انتقادي للكذب وكرهي له وليس لأن فلان فيه صفة الكذب
وسلبي : مثل الغيبة والنميمة وليس الهدف منه الإصلاح أو تعديل السلوك السيء .

الحوار : هو حديث يجري بين شخصين أو أكثر، لتوصيل معلومة أو الإقناع بفكرة، يغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة ، وهو النقاش والتحاور والتفاهم للوصول إلى هدف محدد ورأي مناسب وليس شرطاً أن يقتنع به الجميع .

وهو على قسمين : 
حوار منطقي وهادئ 
حوار غير منطقي وأقرب إلى الصراخ .

الجدال: من الجدل، وهو شدة الفتك، 
ورجل جدل إذا كان قوي الخصام
إذاً فأصل كلمة الجدل في اللغة تدل على القوة والشدة ويقصد بالجدل شدة الخصومة . 
فالحوار والجدال يلتقيان في أنهما حديث أو مناقشة بين طرفين لكنهما يفترقا بعد ذلك.

الفرق بين الحوار والجدال :

أولاً: يغلب على الحوار الهدوء والرغبة في الوصول إلى الحق، 
في حين يغلب على الجدال الخصومة والرغبة في إفحام الخصم.

ثانياً: كل جدال حوار، وليس كل حوار جدالاً، فالحوار أوسع وأعم.

ثالثاً: لم يمدح الله تعالى الجدال، وإنما أمرنا به مقيداً بالحسنى.
يقول الله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}.(العنكبوت، الآية : 46) .
ويقول الله تعالى:{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}. (النحل، الآية : 125) .

رابعاً: قد يتحول الحوار إلى جدال مذموم وذلك إذا رافقه تعصب في الرأي وخصومة وشدة ومنازعة.

خامساً: قد ترد (أحياناً) كلمة جدال في موطن الحوار .
يقول الله تعالى:{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير}.(المجادلة، الآية : 1) .
ويقول الله تعالى:{فلما ذهب عن إبراهيم الرَّوع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط. إن إبراهيم لحليم أواه منيب}.( هود، الآيتان : 74-75) 

وأخيراً النقاش فن ....
فما أحوجنا إلى فن النقاش .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق