الصفحات

الخميس، 14 مارس 2013

من أعذب الشعر (متجدد) ...

الجمعة - غرة رجب ١٤٣٧هـ

[ الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر ... شواهد وأمثلة ]

جاء في " الموسوعة الفقهية " أن الاقتباس على نوعين :

١- ما لم ينقل فيه المقتبَس (بفتح الباء) عن معناه الأصلي ، ومنه قول الشاعر :

قد كان ما خفت أن يكونا
إنا إلـى الله راجعـــــــونا 

وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير ، من قوله تعالى: {وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} .

٢- ما نقل فيه المقتبَس عن معناه الأصلي ، كقول ابن الرومي :

لئن أخطأتُ في مدحِك
ما أخطأتَ في منعــي

لقــد أنزلتُ حاجـاتي
" بوادٍ غــير ذي زرع "

فقوله " بواد غير ذي زرع " : اقتباس من الآية التي وردت في سورة إبراهيم ، حيث وردت بمعنى " مكة المكرمة " ، إذ لا ماء فيها ولا نبات ، فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي ، هو : " لا نفع فيه ولا خير " .


وكقول ابن حجر العسقلاني :

خاض العواذل في حديث مدامعي
لما جرى كالبحر في سرعة سيره

فحبسته لأصون سِرَّ هـــواكم
(حتى يخوضوا في حديث غيره)

وثبت عن الشافعي أنه قال : 
أنلني بالذي استقرضت خطا
وأشهد معشرا قد شاهدوه

فإن الله خلاق البرايا
عنت لجلال هيبته الوجوه

يقول إذا تداينتم بدين
إلى أجل مسمى فاكتبوه . 

يتبع .....
____________

الأحد ١٢ جمادى الأولى ١٤٣٧هـ

[ رفقًا بها يَا مِبضَعَ الجَرَّاحِ ]

مطلع قصيدةٌ لأحد شعراء المهجر ، واسمه (صيدح ) ، وهو يرى ابنته تخضع لعملية جراحية .. يقول فيها :

رفقًا بها يَا مِبضَعَ الجَرَّاحِ
شَرَّحْتَ قَلْبَ الوَالِدِ المُلْتَاحِ

إنْ زِدتَ إيِلامًا قَسوت تَجلُّدي
وَخَلطْتَ بَيْنَ صِيَاحِهَا وصِيَاحِي

واللهِ لوْ أَطْلَعتَ رُوحي لارْتَمت
تَحْتَ النِّصَالِ تَصُدُّها بِجرَاحِي

هذي القَطاةُ قُصاصةٌ مِنْ ريْشِهَا
تَكْفِي إذَا انْتَثرتْ لِقَصِّ جَناحِي

مَاذا جَنَتْ ؟ وَهِيَ الصَّغيرةُ في الرُّبى
حَتَّى تُسامَ خُثارةَ الأَقْداحِ

بالأَمْسِ مَدَّتُ عُنقها مِن وَكْنِها
واليَوْمَ تِشْهدُ مُديَة الذَّبَّاحِ 

اليَاسمِينُ الغَضُّ فِي أَكْمامهِ
غدنَ النَّضارة أخذه بالرَّاح

واللهِ لوْ أَطْلَعتَ رُوحي لارْتمتْ
تحتَ النِّصَالِ تَصُدُّها بجراحِي

ويحي دفعتُ إلى مشارطِ فلذةً
كنتُ الضَّنينَ بها على الأرياحِ

أَنا لا أخدشهُ بغير نواظري
وبغيرِ شَمِّ عَبيرهِ الفَوَّاحِ

آمنت في علمِ الطبيبِ وإنّ في
جرح الجسومِ سلامة الارواحِ

رَبّاهُ سَدّد كفّهُ وسلاحهُ
إني طرحْتُ على يديهِ سلاحي

__________

الخميس ٢٥ ربيع الآخر ١٤٣٧هـ

[شعراء نصارى قالوا كلمة حق في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم]

ممن مدح النبيّ صلى الله عليه وسلّم :

• الشاعر النصرانيّ (إلياس فرحات) من لبنان ، وهو من شعراء المهجر ، حيث قال : 

غَمَرَ الأَرْضَ بِأَنْوَارِ النُّبُـوَّةْ
كَوْكَبٌ لَمْ تُدْرِكِ الشَّمْسُ عُلُـوَّهْ

لَمْ يَكُدْ يَلْمَعُ حَتَّى أَصْبَحَتْ
تَرْقُبُ الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا دُنُـوَّهْ

بَيْنَمَا الكَوْنُ ظَلاَمٌ دَامِـسٌ
فُتِحَتْ فِي مَكَّةَ لِلنُّورِ كُـوَّةْ

وَطَمَى الإِسْلاَمُ بَحْرًا زَاخِرًا
بِـأَوَاذِيِّ الْمَعَالِـي وَالفُتُـوَّةْ

مَنْ رَأَى الأَعْرَابَ فِي وَثْبَتِهِمْ
عَرَفَ البَحْرَ وَلَمْ يَجْهَلْ طُمُـوَّهْ

إنَّ فِي الإِسْلاَمِ لِلْعُرْبِ عُلاً
إنَّ فِي الإِسْلاَمِ لِلنَّاسِ أُخُـوَّةْ

فَادْرُسِ الإِسْلاَمَ يَا جَاهِلَـهُ
تَلْقَ بَطْشَ اللهِ فِيهِ وَحُنُـوَّهْ

يَا رَسُـولَ اللهِ إِنَّـا أُمَّـةٌ
زَجَّهَا التَّضْلِيلُ فِي أَعْمَقِ هُـوَّةْ

ذَلِكَ الجَهْلُ الذِي حَارَبْتَـهُ
لَمْ يَزَلْ يُظْهِرُ لِلشَّرْقِ عُتُـوَّهْ

قُلْ لأَتْبَاعِكَ صَلُّواوَادْرُسُوا
إِنَّمَا الدِّينُ هُدَىً وِالْعِلْمُ قُـوَّةْ

وممن مدح النبيّ - صلى الله عليه وسلّم - :
• الشاعر (جاك صبري شماس)
من محافظة الحسكة السورية:


يممتُ ( طهَ ) المُرْسَلُ الروحانـى 
ويُجلُّ (طه) الشاعـرُ النصرانـى

يا خاتمَ الرسل الموشـح بالهـدى
ورسـول نبـلٌ شامـخٍ البنيـان

أَلْقَىَ عليكَ الوَحـى طهـرُ عقيـدة ٍ
نبويـةٍ همـرت بفيـض مـعـان

قوّضت كهف الجهل تغدق بالمنـى 
ونسفـت شـرك عبـادة الأوثـان

مهما أساء الغـرب فى إيلامه 
لـم يـرق هـون للنبي الباني

لا يحجب الغربـال نـور شريعـة 
ويظـل نـورك طاهـراً روحانـى

ماذا أسطر فـى نبوغ (محمـد)
قـاد السفيـن بحكمـة وأمــان

ومآثر الإسلام فـى سفـر الهـدى
درب النجـاة و شعلـة الفرقـان

أنا يا ( محمد) من سلالـة يعـرب
أهـواك ديـن محـبـة وتـفـان

وأذود عنـك مولـهـاً ومتيـمـاً 
حتى ولو أُجزى بقطـع لساني

أكبرت شأوك فى فصيـح بلاغتـى 
وشغاف قلبي مهجتي وبياني

وأرتل الأشعار فـى شمـم النـدى 
دين تجلّـى فـى شـذى الغفـران

وتسامـح يزهـو ببـرد فضيلـة
وشمائـل تشـدو بسيـب أغـان

أغدقت للعـرب النصـارى عـزة 
ومكانـة ترقـى لـشـمِّ مـعـان

وأنـرت دربـاً ناضـراً برسالـة 
مسك الرسـول وخاتـم الأديـان

وزرعت فى قلب الرعيـة حكمـة 
شماء تنطق فـى نـدى الوجـدان

أودعت يمنك فى حدائـق مقلتـى 
ووشمت مجدك فى شغاف جنـان

ونذرت روحي للعروبـة هائمـاً
بالضـاد والإنجـيـل والـقـرآن

ونقشت خلق (محمد) بمشاعـري 
ودرجت أرشف كوثـر الرحمـن

وشتلت فى دوح التآخـى أحرفي 
أختال زهـواً فـى بنـى قحطـان

آخيت ( فاطمة) العروبة فى دمي 
وعفاف (مريم) فى فـؤاد كياني

عاودت نور (محمـد) بشريعـة 
تزهو شموخـاً فـى أجـل بيـان

رفلـت مبادئـه نضـار رجاحـة
وتعـطـرت بالـبـر والإيـمـان

والمجد يتبع خطـوة أنّـى مشـى 
ويسيل شهـداً فـى فـم الأزمـان

ولئـن تغطـرس أجنبي حاقـدٌ 
كفقاعة الصابـون فـى الفنجـان

أنا (مسلم) لله أمرى فى الدنـى
ومفاخـر (بالمسلـم) المـعـوان

وإذا قرأتـم للـرسـول تحـيـة 
فلتقـرِؤوه تحـيـة النصـراني

الله أكبر يـا رسـول فسـر بنـا 
نحـو الشمـوخ وقبلـة الإيمـان

ويكَحَّل الأقصـى بـروح مجاهـد 
والقدس تزهو فـى قـلاع أمـان

أستصرخ (اليرموك) فى ألق الوغى 
شمخت صموداً فى رحى الميـدان

وتربعت عرش البطولـة والفـدى
ونمت علـى شفـة وكـل لسـان

أودعت للعرب الكمـاة وصيتي
وغداة حتفـى أذكـروا عنوانـي

إن تـاه عنوانـى فإني شاعـر
عشق النخيـل وسـورة الإنسـان

مهما مدحتـك يا(رسـول) فإنكـم 
فوق المديح وفـوق كـل بياني

لن تفلـح الدنيـا بكسـر عقيـدة
والديـن يرفـل بـردة الـقـرآن

______________
* جاك شماس شاعر سورى شارك بهذه القصيدة فى مسابقة البردة النبوية نال بها استحسان جميع النقاد .
__________

الأحد ٢ ربيع أول ١٤٣٧ هـ

عن الشريد بن سويد الثقفي - رضي الله عنه - قال : ( ردفتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -يومًا ، فقال " هل معكَ من شعرِ أُميَّةَ بنِ أبي الصَّلتِ شيئًا ؟ " قلتُ : نعم . قال " هِيه " فأنشدتُه بيتًا . فقال " هيه " ثم أنشدتُه بيتًا . فقال " هيه " حتى أنشدتُه مائةَ بيتٍ ) . رواه مسلم .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : ( أشعَرُ بيتٍ قالته العربُ كلمةُ لَبيدٍ:
ألا كلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ باطلُ 
وكاد أميَّةُ بنُ أبي الصَّلتِ أنْ يُسلِمَ ).
صحيح الإسناد .

وعن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : ( أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صَدَّقَ أُميةَ في شيٍء من شِعْرِهِ فقال :
رجلٌ وثورٌ تحت رِجْلِ يمينِهِ

والنسرُ للأُخرى وليثٌ مُرْصَدُ

فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : صَدَقَ  ، وقال :
والشمسُ تطلعُ كلَّ آخرِ ليلةٍ
حمراءَ يُصبحُ لونُها يَتَوَرَّدُ 

تَأْبَى فما تطلعُ لنا في رِسلِها
إلا معذِّبةً وإلا تُجْلَدُ

فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : صَدَقَ ) . مسند الإمام أحمد .


• أمية بن أبي الصلت - عبدالله بن أبي ربيعة الثقفي - شاعر جاهلي ومن رؤساء ثقيف بالطائف ، وأمه من قريش ، اشتُهر بالحنيفية وكان من الدعاة إلى نبذ الأصنام وتوحيد الإله وحرّم الخمر على نفسه .
وجاءت الأخبار أنه عاصر ظهور النبي عليه الصلاة والسلام والتقاه وتحاور معه وسمع منه القرآن الكريم لكنه أبى أن يسلم .

• من أشعاره :
 
هذه القصيدة " رب الحنيفة " يقول فيها :

الحمد للـه مُمسانا ومُصَبحنا
بالخير صبَّحنا ربي ومسَّانا

رب الحنيفة لم تنفد خزائنها
مملؤةَ طبَّق الآفاق سلطانا

ألا نبيَّ لنا منَّا فيخبرنا
ما بُعْدُ غايتنا من رأس مُجْرانا

بينا يُرَبِّبُنَا آباؤنا هلكوا
وبينما نقتني الأولاد أفنانا

وقد علمنا لَوَ أنَّ العلم ينفعنا
إن سوف يلحق أُخرانا بأُولانا

وقد عجبت وما بالموت من عجب
ما بال أحيائنا يبكون موتانا

يا رب لا تجعلنّي كافراً أبداً
واجعل سريرة قلبي الدهرَ إيماناً

واخلِط به بُنْيَتي واخلِط به بَشَري
واللحمَ والدمَ ما عُمِّرتُ إنسانا

إني أعوذ بمن حج الحجيج لـه
والرافعون لدين الله أركانا

مسلِّمين إليه عند حجِّهمِ
لم يبتغوا بثواب الله أثمانا

والناس رَاثَ عليهم أمر ساعتهم
فكلـهم قائل للدين أيَّانا

أيام يلقى نصاراهم مسيحَهمُ
والكائنين له وُدّاً وقربانا

هم ساعدوه كما قالوا الـههم
وأرسلوه يَسُوفُ الغيثَ دُسْفانا

ساحي أياطلـهم لم ينزعوا تفثاً
ولم يسلّوا لـهم قملاً وصئباناً

لا تخلطنَّ خبيثاتٍ بطيبة
واخلع ثيابك منها وانجُ عُريانا

كل امرىءٍ سوف يُجْزى قَرْضَهُ حسناً
أو سيئاً ومديناً كالذي دانا

قالت أراد بنا سوءاً فقلت لـها
خزيان حيث يقول الزور بهتانا

وشق آذاننا كيما نعيش بها
وجاب للسمع أصماخاً وآذانا

يا لذة العيش إذ دام النعيم لنا
ومن يعيش يلق روعاتٍ وأحزانا

من كان مكتئباً من سيّءٍ ذَقِطاً
فزاد في صدره ما عاش ذَقْطانا*

* ذقطان : غضبان

ومن قصائدة ، قصيدة بعنوان ( لك الحمد ) :

لك الحمد والنعماء والملك ربَّنا
فلا شيءَ أعلى منك مجداً وأمجدُ

مليك على عرش السماء مهيمنٌ
لعزته تعنو الوجوه وتسجدُ

عليه حجاب النورِ والنورُ حولـه
وانهار نورٍ حولـه تتوقد

فلا بصر يسمو إليه بطرفه
ودون حجاب النور خلق مؤيدُ

ملائكة أقدامهم تحت عرشه
بكفيه لولا اللـه كلّوا وأَبلدوا

قيامٌ على الأقدام عانين تحته
فرائصهم من شدة الخوف تُرعَدُ

وسبطٌ صفوف ينظرون قضاءَه
يُصيخون بالأسماع للوحي رُكَّدُ

أمينٌ لوحي القدس جبريل فيهم
وميكال ذو الروح القويُّ المسدد

وحُرَّاس أبواب السموات دونهم
قيام عليهم بالمقاليد رُصَّدُ

فنعم العباد المصطفون لأمره
ومن دونهم جند كثيفٌ مجندُ

ملائكة لا يفترون عبادة
كروبيَّةٌ منهم ركوعٌ وسُجَّدُ

فساجدهم لا يرفع الدهر رأسه
يُعظِّمُ ربّاً فوقه ويمجدُ

وراكعهم يعنو لـه الدهرَ خاشعاً
يردّدُ آلاء الآلِ ويحمدُ

ومنهم مُلِفٌّ في الجناحين رأسَهُ
يكاد لذكرى ربه يتفصَّدُ

من الخوف لا ذو سأَمةٍ بعبادةٍ
ولا هو من طول التعبد يجهد

ودون كثيف الماء في غامض الهوا
ملائكةٌ تنحطُّ فيه وتَصْعَدُ

وبين طباق الأرض تحت بطونها
ملائكة بالأمر فيها تردَّدُ

فسبحان من لا يعرف الخلق قدرَه
ومن هو فوق العرش فرد مُوَحَّد

ومن لم تنازعه الخلائق ملكه
وإن لم تفرِّدْه العباد فمفردُ

مليك السموات الشداد وأرضها
وليس بشيءٍ عن قضاه تأوُّدُ

هو اللـه باري الخلق والخلق كلـهم
إماءٌ لـهُ طوعاً جميعاً وأعبُدُ

وأنى يكون الخلق كالخالق الذي
يدوم ويبقى والخليقة تنفد

وليس لمخلوق من الدهر جدَّةٌ
ومن ذا على مرّ الحوادث يخلد

وتفنى ولا يبقى سوى الواحد الذي
يُميت ويُحيي دائباً ليس يهمد

تسبحه الطير الجوانح في الخَفى
وإذ هي في جوّ السماء تُصَعِّدُ

ومن خوف ربي سبح الرعد فوقنا
وسبَّحه الأشجار والوحشُ أُبَّدُ

وسبَّحه النينانُ والبحر زاخراً
وما طمَّ من شيءٍ وما هو مُقْلِدُ

ألا أيها القلب المقيم على الـهوى
إلى أيّ حينٍ منك هذا التصدُّدُ

عن الحق كالأعمى المميط عن الـهدى
وليس يردُّ الحقَّ ألاَّ مفنِّدُ

وحالات دنيا لا تدوم لأهلـها
فبينا الفتى فيها مهيبٌ مُسَوَّدُ

إذا انقلبت عنه وزال نعيمها
وأصبح من ترب القبور يوَّسدُ

وفارق روحاً كان بين جنانه
وجاور موتى ما لـهم مُتردَّدُ

فأي فتى قبلي رأيت مخلداً
لـه في قديم الدهر ما يتوددُ

ومن يبتليه الدهر منه بِعَثْرةٍ
سيكبو لـها والنائبات تَردَّدُ

فلم تسلم الدنيا وإن ظن أهلُها
بصحتها والدهر قد يتجردُ

ألست ترى في ما مضى لك عبرةً
فَمَهْ لا تكن يا قلبُ أعمى يُلدَّدُ

فكن خائفاً للموت والبعث بعده
ولا تكُ ممن غرَّه اليوم أو غَدُ

فإنك في دنيا غرور لأهلـها
وفيها عدوٌّ كاشحُ الصدر يُوقِد

وساكن أقطار الرقيع على الـهوا
ومن دون علم الغيب كلٌّ مُسَهَّدُ

ولولا وثاق اللـه ضلَّ ضلالنا
وقد سرَّنا أنّا نُتَلُّ فنوأَد

ترى فيه أخبار القرون التي مضت
وأخبار غيب في القيامة تنجُدُ

وليس بها إلا الرقيم مجاوراً
وصِيدَهُمُ والقوم في الكهف هُمَّدُ

____________


الاثنين ٧ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ


رحلة الحج في عيون الشعراء :


القصيدة صوت حاضر في مواكب الحج عبر العصور الإسلامية وحتى يومنا هذا.. وما تزال عيون الشعراء تلتقط عبر مسير هذه الرحلة ومن خلال مناسكها صوراً لا ينضب معينها، وفيها من المعاني المتجددة بتجدد هذه الرحلة الروحانية..
لنجد في كل نص نافذة تطل بنا على رحلة العمر..
فهذا الشاعر (عبدالرحيم البرعي ) الذي وفد مع الحج الشامي، إلا أن المنية وافته قبل وصوله المدينة المنورة بخمسين ميلا.. إذ يقول الرواة بأنه لفظ أنفاسه بعد هذه القصيدة التي كان يرددها في الرمق الأخير من حياته ، والتي يقول فيها: 

ياراحلين إلى منى بقيادي
هيجتم يوم الرحيل فؤادي

سرتم وسار دليلكم ياوحشتي
الشوق أقلقني وصوت الحادي

حرمتم جفني المنام ببعدكم
ياساكنين المنحنى و الوادي

ويلوح لي ما بين زمزم والصفا
عند المقام سمعت صوت منادي

ويقول لي يانائما جِدّ السرى 
عرفات تجلو كل قلب صادي

من نال من عرفات نظرة ساعة
نال السرور ونال كل مراد

تالله ماأحلى المبيت على منى
في ليل عيد أبرك الأعياد

ضحوا ضحاياهم وسال دماؤها 
وأنا المتيم قد نحرت فؤادي

لبسوا ثيابا بيض شارات الرضا 
وأنا الملوع قد لبست سوداي

فإذا وصلتم سالمين فبلغوا
مني السلام أهيل ذاك الوادي

قولوا لهم عبدالرحيم متيم
ومفارق الأحباب و الأولاد

صلى عليك الله ياعلم الهدى 
ماسار ركب أو ترنم حادي

أما الشاعر / مصطفى عكرمة ، فيقول :

طف بي بمكة إني هدّني تعب
واترك عناني فإنّي هاهنا أربي
 
ودع فؤادي يمرح في مرابعها
ففي مرابعها يغدوا فؤاد صبي
 
هنا بمكّة آي الله قد نزلت
هنا تربّى رسول الله خير نبي

هنا الصحابة عاشوا يصنعون لنا
مجداً فريداً على الأيام لم يهمي
 
وإن رأيت دموعي ها هنا انسكبت
فتلك مني دموع الفرحة العجب

كم هزني الشوق يا خير الديار وكم
عانيت بعدك وجداً دائم السبب

وعند ذكرك أنسى أنني بشر
و كالملائك أحيا في المدى الرحب

كم هزّني الشوق يا خير الديار وكم
مهوى القلوب مدى الأيام والحقب


ويقول الشاعر سعيد الهندي :

إلى البيت العتيق حملت قلبي 
فلبى الله مبتهلاً إليه 

وطاف بركنه والدمع يجري 
على الخدين في صمتٍ لديه 

وبين المروتين سعيت سعيًا 
كما يسعى الحمام بمروتيه 

له - سبحانه - ندعو ونرجو
هداية أُمَّةٍ  وَفَدَتْ عليه 
 
وما في الأرض من نعمٍ توالت 
على مر الزمان فمن يديه 


أما شاعر طيبة "محمد ضياء الدين الصابوني" فيسوق لنا خفقة من خفقات القلب النابض في "رباعيات من مكة" حيث يقف بباب الكريم راجيًا فضله ونداه ...  بقوله:

"كعبة" الحسن تبدت سحرا
ما أحلاها بوقت السحر 

تغمر الأرواح من نفحاتها 
تتملى من شذاها العطر 

كلما طفت بها في لهف
هزني الشوق للثم الحجر 
 
فرسول الله قد قبَّله 
كيف لا أهنا بلثم الحجر 

 
ومن روائع أمير الشعراء أحمد شوقي:

إلى عرفات الله يا خير زائر
عليك سلام الله في عرفات

ففي الكعبة الغراء ركن مرحب
بكعبة قصاد وركن عفاة

على كل أفق بالحجاز ملائك
تزف تحايا الله والبركات

لدى الباب جبريل الأمين براحة
رسائل رحمانية النفحات

وما سكب الميزاب ماء وإنما
أفاض عليك الأجر والرحمات

وزمزم تجري بين عينيك أعينا
من الكوثر المعسول منفجرات


وها هو الشاعر السوري الكبير محمد سليمان الأحمد (بدوي الجبل ) يقول :

بنور على أم القرى وبطيب
غسلت فؤادي من أسى ولهيب

لثمت الثرى سعيا وكحلت مقلتي
بحسب كأسرار السماء مهيب

وأمسكت قلبي لا يطير إلى منى
بأعبائه من لهفة وحبيب

هنا الكعبة الزهراء والوحي والشذى
هنا النور فافني في هواه وذوبي

ويا مهجتي بين الحطيم وزمزم
تركت دموعي شافعا لذنوبي

وفي الكعبة الزهراء زينت لوعتي
وعطر أبواب السماء نحيبي.


وشاعر آخر يقول:

خذوني خذوني إلى المسجدِ
خذوني إلى الحجرِ الأسودِ

خذوني إلى زمزم علَّها
تُبّرد من جوفيَ الموقد

خذوني لأستار بيت الإله
أشد به في ابتهال يدي

دعوني أحط على بابه
ثقال الدموع وأستنفد

فإني أحيا على لطفه
وإن يأتني الموت أستشهد


وشاعر يتمنَّى لو كان مِمَّن حضر مع النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حجَّة الوداع فيقول:

أَحِبَّتِي  عَادَ ذِهْنِي بِي إِلَى زَمَنٍ
مُعَظَّمٍ  فِي سُوَيْدَا الْقَلْبِ مُسْتَطَرِ

كَأَنَّنِي بِرَسُولِ اللَّهِ مُرْتَدِيًا
مَلابِسَ الطُّهْرِ بَيْنَ النَّاسِ كَالْقَمَرِ

نُورٌ وَعَنْ جَانِبَيْهِ مِنْ صَحَابَتِهِ
فَيَالِقٌ وَأُلُوفُ النَّاسِ بِالأَثَرِ

سَارُوا بِرُفْقَةِ أَزْكَى مُهْجَةٍ دَرَجَتْ
وَخَيْرِ مُشْتَمِلٍ ثَوْبًا وَمُؤْتَزِرِ

مُلَبِّيًا رَافِعًا كَفَّيْهِ فِي وَجَلٍ
لِلَّهِ فِي ثَوْبِ أَوَّابٍ وَمُفْتَقِرِ

مُرَنِّمًا بِجَلالِ الْحَقِّ تَغْلِبُهُ
دُمُوعُهُ مِثْلُ وَبْلِ الْعَارِضِ الْمَطِرِ

يَمْضِي يُنَادِي خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ
لَعَلَّ هَذَا خِتَامُ  الْعَهْدِ وَالْعُمُرِ

وَقَامَ فِي عَرَفَاتِ اللهِ مُمْتَطِيًا
قَصْوَاءَهُ  يَا لَهُ مِنْ مَوْقِفٍ نَضِرِ

تَأَمَّلَ الْمَوْقِفَ الأَسْمَى فَمَا  نَظَرَتْ
عَيْنَاهُ إِلاَّ لأَمْوَاجٍ  مِنَ الْبَشَرِ

فَيَنْحَنِي شَاكِرًا للهِ مِنَّتَهُ
وَفَضْلَهُ  مِنْ  تَمَامِ  الدِّينِ  وَالظَّفَرِ

يَشْدُو بِخُطْبَتِهِ الْعَصْمَاءِ  زَاكِيَةً
كَالشَّهْدِ كَالسَّلْسَبِيلِ الْعَذْبِ كَالدُّرَرِ

مُجَلِّيًا رَوْعَةَ الإِسْلامِ فِي جُمَلٍٍ
مِنْ  رَائِعٍ  مِنْ بَدِيعِ الْقَوْلِ مُخْتَصَرِ

دَاعٍ  إِلَى الْعَدْلِ وَالتَّقْوَى وَأَنَّ بِهَا
تَفَاضُلَ النَّاسِ لا  بِالْجِنْسِ وَالصُّوَرِ

مُبَيِّنًا أَنَّ  للإِنْسَانِ حُرْمَتَهُ
مُمَرِّغًا سَيِّءَ الْعَادَاتِ  بِالْمَدَرِ

يَا لَيْتَنِي كُنْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذْ حَضَرُوا
مُمَتَّعَ الْقَلْبِ وَالأَسْمَاعِ وَالْبَصَرِ

وَأَنْبَرِي لِرَسُولِ اللَّهِ أَلْثُمُهُ
عَلَى جَبِينٍ  نَقِيٍّ  طَاهِرٍ عَطِرِ

أُقَبِّلُ الْكَفَّ  كَفَّ الْجُودِ كَمْ بَذَلَتْ
سَحَّاءَ  بِالْخَيْرِ مِثْلَ السَّلْسَلِ الْهَدِرِ

أَلُوذُ بِالرَّحْلِ أَمْشِي فِي مَعِيَّتِهِ
وَأَرْتَوِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِالنَّظَرِ

أُسَرُّ  بِالْمَشْيِ إِنْ طَالَ الْمَسِيرُ بِنَا
وَمَا انْقَضَى مِنْ لِقَاءِ الْمُصْطَفَى وَطَرِي

أَمَّا الرِّدَاءُ الَّذِي حَجَّ الْحَبِيبُ بِهِ
يَا  لَيْتَهُ كَفَنٌ لِي فِي دُجَى الْحُفَرِ

يَا غَافِلاً مِنْ مَزَايَاهُ وَرَوْعَتِهَا
يَمِّمْ إِلَى كُتُبِ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ

يَا رَبِّ لا تَحْرِمَنَّا مِنْ شَفَاعَتِهِ
وَحَوْضِهِ الْعَذْبِ يَوْمَ الْمَوْقِفِ الْعَسِرِ



وأخيرا ... الشاعر / مصطفى قاسم عباس ، من أمام الكعبة الغراء يقول  :

رَأَيْتُ البَيْتَ، عَايَنْتُ المَقَامَا 
وَأَدَّيْتُ التَّحِيَّةَ وَالسَّلامَا

أَهِيمُ وَتُسْكَبُ العَبَرَاتُ وَجْدًا 
وَمَا عَرَفَ الفُؤَادُ كَذَا هُيَامَا

تَهُبُّ نَسَائِمُ التَّقْوَى سُحَيْرًا 
فَلا أَدْرِي أَمِسْكًا أَمْ خُزَامَى؟!

أَمَامَ البَيْتِ مَا جَفَّتْ دُمُوعِي 
أَظَلُّ أَنَا المُحِبَّ المُسْتَهَامَا

هُنَا عَجَزَ اللِّسَانُ فَلا بَيَانِي 
يُسَاعِدُنِي، أَنُسِّيتُ الكَلامَا؟

إِذَا انْفَطَرَ الفُؤَادُ فَلا تَلُمْنِي 
فَمِثْلِي عِنْدَ زَمْزَمَ لَنْ يُلامَا

أَنَا الصَّبُّ المُتَيَّمُ فِي بِقَاعٍ 
بِهَا المُخْتَارُ قَدْ صَلَّى وَصَامَا

عَلِقْتُ بِحُبِّهَا مُذْ كُنْتُ طِفْلاً 
وَكَمْ غَرَزَتْ بِخَفَّاقِي سِهَامَا!

أَمَا وَطِئَ الحَبِيبُ عَلَى ثَرَاهَا؟ 
لِذَلِكَ حُبُّهَا فِي القَلْبِ دَامَا

وَفِي يَوْمِ اللِّقَاءِ خَشِيتُ بَيْنًا 
أَبَعْدَ الوَصْلِ أَحْتَمِلُ الفِطَامَا؟!

وَهَا أَنَا تَحْتَ ظِلِّ البَابِ أَبْكِي 
وَنُورُ الكَعْبَةِ الغَرَّا تَسَامَى

أَرَى الحَجَرَ الكَرِيمَ لُجَيْنَ بَدْرٍ 
وَأَلْتَثِمُ الجَمَالَ بِهِ التِثَامَا

وَأَعْلَمُ أَنَّهُ حَجَرٌ وَلَكِنْ 
رَسُولُ اللَّهِ قَبَّلَهُ اسْتِلامَا

رَأَيْتُ بِمَكَّةَ الأَنْوَارَ فَجْرًا 
تَحُوطُ الحِجْرَ وَالبَيْتَ الحَرَامَا

أَمَكَّةُ، أَنْتِ يَاقُوتٌ وَدُرٌّ 
وَلِلإِسْلامِ تَبْقَيْنَ السَّنَامَا

شُعُوبُ الأَرْضِ قَدْ جُمِعَتْ بِشَوْقٍ
وَحَوْلَ البَيْتِ تَزْدَحِمُ ازْدِحَامَا

أَتَوْا مِنْ كُلِّ فَجٍّ كَيْ تَرَاهُمْ 
قُعُودًا - يا إلهي - أَوْ قِيَامَا

أَلا يَا أَرْضَ مَكَّةَ، ذَكِّرِينِي
بِنُورِ المُصْطَفَى يَجْلُو الظَّلامَا

أَعِدْنِي نَحْوَ مَكَّةَ فِي سُرُورٍ 
أَحُجُّ البَيْتَ عَامًا ثُمَّ عَامَا

وَفَرِّجْ كَرْبَ أُمَّتِنَا إِلَهِي
وَجَنِّبْهَا التَّشَتُّتَ وَالخِصَامَا

وَصَلِّ عَلَى حَبِيبِكَ مَا أُنَاسٌ
أَنَاخُوا العِيسَ، أَوْ نَصَبُوا الخِيَامَا


اللهم يسر للحجاج حجهم ، وبلغهم مقاصدهم في يسر وأمن وأمان وسلام يا رب العالمين.


 


==========


الخميس ١٣ جماد الآخر ١٤٣٦ هـ


شوق أب لأبنائه ...


قصيدة تحرك الوجدان ، وتستثير الدمع ، وتهز القلب الحي ..
أبيات تكشفُ روعة الأبوة الحانية التي تغمر قلوب الآباء على أبنائهم ،
إلى درجة عجيبة لا يعرف حقيقتها إلا أب ..
فيض حنان يتفجر .. وشلال عاطفة يتدفق ..
من قلب أبٍ يودع أطفاله
ويُظهرُ لهم بأنه متماسك ، وهو يوشكُ أن ينهار .
ومناسبة القصيدة هي عند توديع الشاعر لأولاده بعد أن قضوا مع والديهم أياما ًحلوة في المصيف ، وبعد عودتهم بقي أبوهم وحده ، فتذكر أيام كان أولاده حوله يملأون الجو حياة ولعباً ، فقال هذه الأبيات :


أين الضجيج العذب والشغبُ 
أين التدارس شابه اللعبُ؟
 
أين الطفولة في توقدها 
أين الدمى في الأرض والكتبُ؟ 

أين التشاكس دونما غرض 
أين التشاكي ماله سبب؟ 

أين التباكي والتضاحك في 
وقت معاً، والحزن والطربُ؟ 

أين التسابق في مجاورتي 
شغفا إذا أكلوا وإن شربوا؟ 

يتزاحمون على مجالستي 
والقرب مني حيثما انقلبوا 

فنشيدهم: (بابا) إذا فرحوا 
ووعيدهم: (بابا) إذا غضبوا 

وهتافهم: (بابا) إذا ابتعدوا 
ونَجيّهم: (بابا) إذا اقتربوا 

في كل ركن منهمُ أثر 
وبكل زاوية لهم صخبُ 

في النافذات زجاجَها حطموا 
في الحائط المدهون قد ثقبوا 

في الباب قد كسروا مزالجه 
وعليه قد رسموا وقد كتبوا 

في الصحن فيه بعض ما أكلوا  
في علبة الحلوى التي نهبوا 

في الشطر من تفاحة قضموا  
في فضْلة الماء التي سكبوا 

إني أراهم حيثما اتجهتْ 
عيني كأسراب القطا سَربوا 

ذهبوا، أجلْ ذهبوا ومسكنهم  
في القلب ما شطوا وما قربوا 

دمعي الذي كتمتُهُ جَلَدا 
لما تباكوا عندما ركبوا 

حتى إذا ساروا وقد نزعوا 
من أضلعي قلبا بهم يجبُ 

ألفيتُني كالطفل عاطفة  
فإذا به كالغيث ينسكبُ 

قد يَعجب العذال من رجل 
يبكي، ولو لم أبكِ فالعجب 

هيهات ما كل البكا خوَر 
إني وبي عزمُ الرجالِ أبُ


الشاعر / عمر بهاء الدين الأميري


=========


الأربعاء  ١٢ ربيع الآخر ١٤٣٥هـ


(أمي وأرجع للطفولة باكيًا)

 

بَدْرٌ أَطَلَّ، وَكَوْكَبٌ يَتَرَاءَى 
وَسَنَا الْمَحَبَّةِ فِي سَمَاكِ أَضَاءَ 

وَحَدَائِقُ الْحُبِّ القَدِيمِ تَزَيَّنَتْ 
وَحُدَاؤُهَا قَدْ أَطْرَبَ الأَرْجَاءَ 

فَبِرَوْضِهَا صَدَحَتْ طُيُورُ طُفُولَتِي 
وَنُجُومُهَا شَعَّتْ صَبَاحَ مَسَاءَ 

يَا أَعْذَبَ الكَلِمَاتِ تَخْرُجُ مِنْ فَمِي 
ذَهَبًا، وَتُزْهِرُ رِقَّةً وَهَنَاءَ 

فَاحَتْ بُحُورُ الشِّعْرِ حِينَ نَثَرْتُهَا 
عِطْرًا، فَعَبَّقَ نَشْرُهَا الأَجْوَاءَ 

أَدَبِي وَأَشْعَارِي أَمَامَكِ تَرْتَمِي 
خَجَلاً، وَأَقْلاَمِي تَذُوبُ حَيَاءَ 

فَلِذَا نَظَمْتُ الدَّمْعَ عَقْدَ مَحَبَّةٍ 
وَإِلَيْكِ دَبَّجْتُ القَرِيضَ وَفَاءَ 

وَلِوَجْهِكِ الفَتَّانِ جُلَّ مَدَائِحِي 
أُهْدِيكِ، يَا مَنْ تُمْطِرِينَ عَطَاءَ 

(مَامَا).. نَطَقْتُ بِهَا فَكُلُّ مَشَاعِرِي 
وَقَفَتْ جَلاَلاً, عِزَّةً، وَإِبَاءَ 

•       •        •

أُمَّاهُ: أُمْنِيَتِي بِأَنْ أَبْكِي دَمًا 
فَرَوِيُّ قَافِيَتِي يَفِيضُ بُكَاءَ 

وَتَكَادُ تُغْرِقُنِي الدُّمُوعُ إِذَا جَرَتْ 
حُمْرًا، فَلَمْ أَرَ أُمِّيَ الأَشْيَاءَ 

أَمَلِي بِأَنْ تَمْضِي الْحَيَاةُ وَلاَ أَرَى 
نَعْشًا لأُمِّيَ يُحْزِنُ الأَرْجَاءَ 

كَمْ مِنْ أُنَاسٍ تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى 
لَكِنْ غَدَوْا لِصَنِيعِهِمْ أَحْيَاءَ! 

كَمْ مِنْ أُنَاسٍ شَيَّدُوا بِقُلُوبِنَا 
وَطَنًا، وَشَدُّوا فِي الشَّغَافِ خِبَاءَ! 

أَأَعُودُ طِفْلاً وَالْحَنَانُ يَحُوطُنِي 
وَالعَطْفُ عِنْدَ النَّوْمِ صَارَ غِطَاءَ؟! 

أَصْحُو عَلَى هَمْسٍ بِحِضْنِ دَافِئٍ 
وَأَرَى بِثَغْرِكِ بَسْمَةً بَيْضَاءَ 

هَلْ تَسْمَحِينَ بِأَنْ أُقَبِّلَ مُطْرِقًا 
يَدَكِ الَّتِي تَتَجَاوَزُ الْجَوْزَاءَ؟ 

إِنْ غَابَ بَدْرُكِ تَارَةً عَنْ نَاظِرِي 
يَغْدُو نَهَارِي لَيْلَةً سَوْدَاءَ 

أَوْ غِبْتِ عَنْ دُنْيَايَ عِشْتُ بِقِيعَةٍ 
هَلْ فِي ثَرَى البَيْدَاءِ أَرْشُفُ مَاءَ؟! 

لاَ بَارَكَ اللهُ الْمِدَادَ إِذَا جَرَى 
شِعْرًا، وَكَانَ الشِّعْرُ فِيكِ رِثَاءَ 

•       •        • 

أُمَّاهُ يَا أُمَّاهُ: مَا قَمَرٌ بَدَا 
بَلْ ذَاكَ وَجْهُكِ بَدَّدَ الظَّلْمَاءَ 

يَا زَهْرَةَ الدُّنْيَا، وَنَبْعَ وِدَادِهَا 
يَا جَنَّةً فِي رُوحِنَا فَيْحَاءَ 

أَنَّى لِطِفْلِكِ أَنْ يَصُوغَ قَصَائِدًا 
فِي وَصْفِ فَضْلِكِ؟ مَنْ يَرُومُ سَمَاءَ؟ 

يُثْنِي عَلَيْكِ؟.. فَلَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّهُ 
حَتَّى وَإِنْ نَظَمَ الدُّهُورَ ثَنَاءَ 

عَلَّمْتِنِي أَنَّ الْحَيَاةَ مَوَدَّةٌ 
يَا مَنْ أَرَى فِي وَجْنَتَيْكِ بَهَاءَ 

•       •        • 

أُمِّي.. وَأَرْجِعُ لِلطُّفُولَةِ بَاكِيًا 
عَهْدًا مَضَى طُهْرًا، وَفَاضَ نَقَاءَ 

لاَ هَمَّ يُقْلِقُنِي، يَقَضُّ مَضَاجِعِي 
بَلْ عَالَمٌ مَلأَ الْحَيَاةَ صَفَاءَ 

أُمَّاهُ: مَا سُحُبُ القَصِيدِ تَأَلَّفَتْ 
إِلاَّ لِتُمْطِرَ فِي رُبَاكِ سَنَاءَ 

شَهِدَ الزَّمَانُ بِأَنَّ مِثْلَكِ لَمْ يَكُنْ 
أَمْضَيْتِ عُمْرَكِ أَبْحُرًا وَسَمَاءَ 

إِنْ سَاءَنِي زَمَنِي أَرَاكِ كَئِيبَةً 
تَبْكِينَ مِنْ تِلْكَ العُيُونِ دِمَاءَ 

أَوْ حَلَّ بِي سَقَمٌ أَرَاكِ مَرِيضَةً 
تَتَجَرَّعِينَ مِنَ السَّقَامِ عَنَاءَ 

رَبَّاهُ: فَاحْفَظْ مَنْ إِذَا فَارَقْتُهَا 
فَالعُمْرُ يَمْضِي لَوْعَةً وَشَقَاءَ 

الشاعر/ مصطفى قاسم عباس
سوريا - حماة

================

 الثلاثاء ٦ ربيع الأول ١٤٣٥هـ


من أشعار العميان..


قرأت هذا الموضوع الذي كتبه الأستاذ الشاعر مصطفى قاسم عباس وأعجبني ، وأحببت أن تشاركوني هذا الإعجاب  .
 
إن من أعظم نعم الله عز وجل التي امتنّ بها علينا نعمةَ البصر، وهل يستوي الأعمى والبصير؟
 والدنيا - كما هو معلوم - دارُ ابتلاء وامتحان، قد يبتلي الله فيها الإنسانَ بفقد البصر، ولكنه - جل وعلا - يعوّضه الجنة، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ، ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُهُ الْجَنَّةَ، يُرِيدُ عَيْنَيْهِ .
 ومع ذلك تبقى البصيرةُ هي المقياسَ والأساس, فكثيرٌ من الناس لهم أعينٌ لا يبصرون بها، فيكونون عُمياً في هذه الدنيا.. ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ 
 وتراه معرضاً عن ذكر الله، وربُّ العزة يقول:﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾.
 وكثير من الناس من حُرم نعمة البصر ونورَ العين، لكنه ما حُرم نورَ القلب، وذكاءَ العقل، وفصاحةَ اللسان، فابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما بعدما ذهب بصرهُ يقولُ:
 إنْ يأخُذِ اللَّهُ من عينيَّ نُورَهُما 
 ففِي لِسانِي وقلبي مِنْهُما نورُ

 قلبي ذَكيٌّ وعَقلي غَيْرُ ذي دَخلٍ 
 وفي فمِي صارمٌ كالسَّيفِ مأثورُ

 وفي المعنى نفسه، بل بتوافقٍ في الشطر الأول من البيت الأول، قال عز الدين أحمد بن عبد الدائم:

 إن يُذهبِ اللهُ من عَينيَّ نورَهما 
 فإنّ قلبي بصيرٌ ما بهِ ضَررُ

 أرى بقلبِيَ دُنيايَ وَآخرَتِي 
 وَالقلبُ يُدرِكُ ما لاَ يُدرِكُ البَصرُ 

 وأحدُ الخطباء المعاصرين كان ضريراً، وسئل مرة: هل تجلس أمام التلفاز؟
فأجاب: إن الله تبارك وتعالى أكرمني بفقد البصر حتى لا أرى ما يغضبه.
 ثم أنشأ يقول:
 رأيتُ العَمَى أَجراً وَذُخراً وَعِصمةً 
 وإنِّي إلى تِلكَ الثَّلاثِ فَقِيرُ 

 يُعيِّرُني الأَعداءُ وَالعَيبُ فِيهمُ 
 وَلَيسَ بِعَيبٍ أنْ يُقالَ: ضَرِيرُ 

 إذا أَبصَرَ المَرءُ المُروءَةَ وَالوَفَا 
 فإنَّ عَمَى العَينَينِ لَيسَ يَضِيرُ 

 والشاعر الضريرُ نصر علي سعيد يرى أن كثيراً من المبصرين يمشون في درب الحياة بلا هدف ولا هدى، ويرى كثيراً من العميان متوهجين في بصيرتهم، ويملؤون الدنيا عطاءً، وها هو يبحث عن قلبٍ لا حرابَ فيه في زمن الذئاب البشرية يقول:
 كمْ من ضَريرٍ مُبصرٍ مُتوهِّجٍ 
 يُعطِي ويُعطي، والمَدَى وهَّابُ 

 وَترى أُلوفَ المُبصِرينَ بِلا هُدًى 
 لكأَنَّما فَوقَ العُيونِ حِجابُ 

 وأَسيرُ في دَرب الحَياةِ لَعلَّني 
 أحظَى بِقلْبٍ ليسَ فيهِ حِرَابُ 

 فَالناسُ تَنهشُ بَعضَها بِشراهةٍ 
 لكَأنَّهم - يَا وَيلَتاهُ – ذِئابُ!


ويأتينا الشاعرُ علي بن عبد الغني الحصريُّ بصورةٍ بديعة عندما جعل سوادَ العين يزيد سواد القلب، ليصبحا مجتمعين على الفهم والفطنة :
 وقالُوا: قدْ عَميتَ، فقُلت: كلاَّ 
 وإنِّي اليومَ أَبصَرُ مِن بَصِيرِ
 
سَوادُ العَينِ زادَ سَوادَ قَلبِي 
 ليَجتَمِعا على فَهمِ الأُمورِ
 
وقد يولد الإنسانُ أعمى، وقد يفقد بصرَه فيما بعد، فمن الحالة الأولى الشاعر بشار بن برد، حيث وُلد وهو أعمى بل حتى وهو جنين كما يقول، وأخذ يعلل ذلك بالذكاء، وأن ضياءَ العين عندما غاض أتى مرادفاً ورافداً للقلب، قال:
 عَمِيتُ جَنِيناً والذَّكاءُ مِنَ العَمَى 
 فجِئتُ عجيبَ الظَنِّ، للعِلمِ مَوئلا 
 
وَغاضَ ضياءُ العَينِ للعِلمِ رافداً 
 لقَلبٍ إِذا ما ضيَّع النَّاسُ حَصَّلا 
 
وشِعرٍ كَنَوْرِ الرَّوْضِ لاءَمْتُ بَيْنَهُ 
 بقَولٍ إِذا ما أحزَنَ الشِّعرُ أَسْهلا 
 
ومن الحالة الثانية الشاعرُ صالح بنُ عبد القدوس، الذي فقد عينه فرثاها بأروع كلمات الرثاء، وأودع قصيدته التاليةَ روائع الحكم:
 عزاءكِ أيُّها العَينُ السَّكُوبُ 
 ودَمعَكِ، إنَّها نُوَبٌ تَنُوبُ 

 وكُنتِ كَرِيمَتي وسِراجَ وَجهِي 
 وكانتْ لي بكِ الدُّنيا تَطِيبُ 
 
فإنْ أكُ قد ثَكِلتُكِ في حَياتي 
 وفارقَني بكِ الإلفُ الحَبِيبُ 

 فَكلُّ قَرِينةٍ لا بُدَّ يَوماً 
 سَيشْعبُ إلفَها عَنها شعُوبُ 
 
على الدُّنيا السَّلامُ، فما لشَيخٍ 
 ضريرِ العَينِ في الدُّنيَا نَصِيبُ 
 
يمُوتُ المَرءُ وَهوَ يُعَدُّ حيًّا 
ويُخلِفُ ظنَّهُ الأَملُ الكَذُوبُ 

 يُمنِّيني الطَّبيبُ شِفاءَ عَينِي 
 ومَا غَيرُ الإلهِ لهَا طَبيبُ 

 إذا ما ماتَ بعضُكَ فَابكِ بَعضاً 
 فإنَّ البعضَ مِن بَعضٍ قَرِيبُ 

وإننا عندما نتأمل في شعر العميان نرى أن بعضهم أتى بصورٍ يعجز عنها المبصرون، مما يجعلنا في غاية التعجب! ونقول: كيف لو كان هذا الأعمى مبصراً؟!! 
 وفارس هذا المضمار رهينُ المحبسين الشاعر أبو العلاء المعريُّ، الذي كلما تحدث أحدٌ عن الشعر والعمى يخطر على البال، والذي عناه المتنبي - كما يقول - في بيته المشهور: 
 أنا الَّذي نَظرَ الأَعمَى إلى أَدَبِي 
 وأَسمَعتْ كَلِماتي مَن بهِ صَمَمُ 

 وحسبُك من وصفه قصيدتُه التي يصف فيها الليل وكأنها عروس زنجيَّة، ومنها قوله:
 لَيلَتي هذِهِ عَرُوسٌ مِنَ الزّن 
 جِ علَيهَا قَلائدٌ مِن جُمانِ 
 
وَسُهَيلٌ كَوجنَةِ الحبِّ في اللَّو 
 نِ وقلبُ المُحبِّ في الخَفَقانِ 
 
ثمَّ شابَ الدُّجَى وخَافَ مِنَ الهَجْ 
 رِ فغطَّى المَشِيبَ بالزَّعفَرانِ 

 وكثيرةٌ هي الصور الفريدة البديعة التي أتى بها الشعراءُ العميان، والتي يعجز عنها المبصرون...
ونطرح سؤالاً هنا:
 هل الحب والعشق مقصور على المبصرين؟

والجواب: طبعاً لا، لأن العشق لا يميز بين أعمى وبصير، وما أروع قولَ بشار بن برد في هذا المجال:
 يا قَوْمِ، أُذْنِي لِبَعْضِ الحيِّ عَاشِقَةٌ 
 والأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَانا 
 
قَالُوا: بِمَنْ لاَ تَرَى تَهْذِي؟ فَقُلتُ لَهُمْ: 
الأُذْنُ كاَلْعَيْنِ تُوفي القَلبَ مَا كانَا
 
والإنسان يحب عادة فتاة حوراءَ عيناءَ، نجلاءَ كحلاءَ، فهل هناك من الشعراء أحب فتاة عمياءَ؟
 ويأتي الجواب أيضاً: أن الحب لا يعرف أعمى ولا بصيراً، فهذا الشاعر أحب امرأة عمياء، وأتى بتعليل لطيفٍ وهو أن محبوبته العمياءَ لا ترى الشيبَ عندما يلوح في فَوديه, يقول ابنُ قزل يتغزل في عمياء:
 قالوا: تَعشَّقتَها عَميَاءَ! قُلتُ لهُمْ 
 ما شَانَها ذَاكَ في عَينِي وَلا قَدَحا 

 بَلْ زادَ وَجدِيَ فِيها أنَّها أَبداً 
 لا تعرِفُ الشَّيبَ في فَودِي إذَا وَضَحا 

 إنْ يَجرَحِ السَّيفُ مَسلُولاً فلاَ عَجَبٌ 
 وَإنَّما اعْجَبْ لِسَيفٍ مُغْمَدٍ جَرَحا!

 ونرى أن بعض الشعراء العميان حالتُهُم تُدمع العين، وتُحزن الفؤاد، فابن التعاويذي، يرى نفسه مقبوراً في منزله، ليلُه ونهارُه سواءٌ، وحالته تبكي العذول، وتُدمع العيون، يقول:
 فَها أنَا كَالمَقبُورِ في كسْرِ مَنزِلي 
 سَواءٌ صَبَاحِي عِندَهُ وَمَسائي 

 يَرِقُّ وَيبكِي حَاسِدِي لِيَ رَحمَةً 
 وَبُعداً لَهَا مِن رِقَّةٍ وَبُكاءِ
 
وهكذا كنا في جولة سريعة مع من فقد بصره، ولا يزال نور شعره متوهّجا مدى الأيام, بل لا يزيده مرورُ الأيام إلا صقلاً وجمالاً وبهاءً.

وما علينا في الختام إلا أن نحمد الله على نعمه وآلائه، وعلى نعمة البصر العظيمة، ولكن - كما قلنا - البصرُ ليس كلَّ شيء.. فالأهمُّ البصيرة.
 ولا عجبَ عندما نرى في الدنيا بصيراً يسقط في حفرة، وأعمى يمشي بلا اصطدام، وما أروع ما قاله الشاعرُ إبراهيم علي بديوي:
 قُل لِلبَصِيرِ - وكَانَ يَحذَرُ حُفرَةً 
 فَهَوى بِها -: مَن ذا الَّذِي أَهوَاكَا؟ 
 
بَلْ سائلِ الأَعمَى خَطَا بَينَ الزِّحا 
 مِ بِلا اصْطِدامٍ: مَن يَقُود خُطَاكَا؟ 
 
فاللّهُمَّ متعْنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منّا، وارزقنا نعمة البصيرة المنيرة، والهديَ المستقيم، إنك سميع مجيب.

المصدر : شبكة الألوكة
________________


الخميس ٢٠ رجب ١٤٣٤..

حميدان.. جرح يفتح كل آن..

المأساة حميدان التركي.. جرح ينكأ مابين حين وحين.. 


هكذا أرادته أم الديمقراطية وأمة الحرية ودولة حقوق الإنسان..

بالأمس فتحوا قضيته وفتحوا معها جرحا غائرا في قلوبنا بل في كرامتنا..


سّرح همومك وارتقب فُسَحَ الأمل

يا رازحا بقيود قهرك لم  تزَلْ


لا تبتئس فالله ربك شاهدٌ

لا تيأسنْ من رَوْح ربك يا بطل


يا مثقلا بهمومه وقيوده

الله يفرجها ولو كرهت (هُبَلْ )



كم من قلوبٍ حُرِّقت كم أكْبُدٍ

كم من حشىً موجوعةٍ كم من مُقَل



مِن كل مَن نطق الشهادة مسلما

يا آل تركي كلنا لكمو أهَل



أهلَ الكتاب وأين رحمته التي

أوصى بها الإنحيلُ في العُصُرِ الأُوَل



أين المحبة من يسوعَ وبولسٍ

والأُسْقُفِ البابا وعطف الكَرْدَنَل



هذا الأسير متى أوان فكاكه

في أمةٍ بدْرُ الحقوق بها أهَلّ



شمس الحضارة شعّ من تمثالها

إشعاعه غمر البسيطة واشتمل



وتبجحت بحقوق إنسان فلا

ظلم ولا هضم وعدل مستقل



حكمت عليه مدى الحياة أماله 

نفس تُروّعُ بالفجيعة والوجل



أو ماله أُمٌّ تَرَقَّبُ حُمِّلَت 

من همه ماليس يحتمل الجبل



أو ماله زوج إذا هجع الورى

سهرت تَقَلَّبُ بالمواجع والعلل



أو ما له طفل تيَتَّمَ حسرة

وأبوه حيٌّ حال بينهما القُفُل



قالت لها الأم المروَّعُ قلبها

لك والد - يوما - نراه ونحتفل



فتقول يا أمي متى وإلى متى

أإلى القيامة أم إذا حضر الأجل ؟!



أأبٌ ولا نلقى له أثرا سوى

في صورة طبعت على وجه السجلّ



فتشيح تخفي دمعة قد أفلتت

هذا التساؤل كم لنابضها قتل



ولَكَم لها نكأ الجراح وكم لها

فتح الخياط لجرح قلبٍ ما اندمل



حتى إذا نزفته من أجفانها

دمعا تكاد له النواظر تضمحلّ



عادت تهدهد طفلها وتقول يا

طفلي سيفرجها لنا ربي .. أجل



أإلى متى هذي المهانة أُمتي

أوَ ما لنا غُيُرٌ متى صرنا هَمَل



يتلاعب الأنذال في أعصابنا

في كل يوم بالأمانيْ والمُهَلْ



حتى إذا ما بالثريا عُلّقت

آمالنا بتُّوا فعدنا للوَحَل 



ما ذنبه ما جرمه ما جُنْحُه

لمَ كل هذا العسف والخطب الجلل



قالوا التحرش ذنبه فاضحك ولو

في القلب صالية اللواهب تشتعل



أوَ نخوة الأغيار قادتهم إلى

هذا التعسف أم لسرٍّ  لم يُحَلّ



ما غارت الحمقى على نسوانها

حتى على خدم الأباعد تعتقل



بلد تفوح به القذارة للبغا

تبني الصروح وبالدعارة تبتذل



غارت على خدامة شرقية

يا للعدالة والكرامة والمُثُل



هي خطة مفهومة لشبابنا

إياكَ أعني من بدعوته اشتغل



الحاكم امرأة العزيز وذنبه

طهر التعفف لا مراء ولا جدل



خلّ الشباب تتيه في بيدائها

ويل الدليل لهائم في التيه ضل



كبش الفداء هو ( اسمعي يا جارتا

إياك أعني ) مثلما قال المثل



يا أيها البطل المناضل لاتهن

واصبر كما صبر الأماثل والرسل



لَكَأنني من حسن ظني بالذي

يحيي العظام أرى لَطَائف ما فعل



وأرى ستار الغيب رَقَّ  وخلفه

قد أرمق الفرج المُيَسَّر مِن خَلَل



وأقول كالفاروق في إشراقةٍ

تطوي الفيافيَ( يا لسارية الجبل )



سَتَسُرّ  قلبكِ فرحةٌ يا سارة

وستذكرين فلا يبارحك الأمل



الله رب العرش فوق عباده

وإذا قضى أمرا فكل الكون ذلّ 



ولربما نجمٌ أهلّ  وربما

من بعد إشراق له نجمٌ أفل



ولربما ذرّ السها في غفوةٍ

من شمسهِ ولربما أودى زحل

 الشيخ محمد بن أحمد الفراج

_______________________

السبت ٨ رجب ١٤٣٤

كثير من الشعراء كتبوا عن الأم وفضلها ...

 وقليل منهم كتبوا عن فضل الأب ..

 وهذه القصيدة أعجبتني للشاعر / مصطفى قاسم

وأحببت أن انقلها لكم ، لعلها تنال إعجابكم أيضاً .

 والقصيدة بعنوان : (هذا أبي )




 لم تكتبِ الشّـــــعرَ يوماً ما أو الأدبــــا 

 وما ســــهرتَ الليالـــــــــي تقرأُ الكُتُبا


 ولم تكنْ من ذوي الأمــــوال تجمعُهــا. 

 لـم تكنِـــــزِ الدّرَّ والياقـــوتَ والذهبـــــا


 لكــــــــنْ كنزتَ لنا مجداً نعيــــشُ بـــه 

 فنحمدُ اللهَ مَن للخيـــــر قد وَهبـــــــــا


 أضحــــى فؤاديَ سِـــفراً ضَـمَّ قافيتي 

 ودمعُ عينــي على الأوراق قد سُكِبـا


 ســـأنظم الشـــــــعرَ عِرفاناً بفضلك يـا 

 مَن عشتَ دهرَك تجني الهمَّ والنّصَـبا


 سأنظم الشـــعر مدحاً فيكَ منطلِـقاً 

 يجاوز البدرَ والأفـــــلاكَ والشـــــــهُبـا


 إن غاضَ حِبري بأرض الشّعر,والهفي! 

 ما غاض نبعُ الوفا في القلب أو نضبــا


 قالوا : تغالي فمَن تعني بشـــعرك ذا؟ 

 فقلت : أعنـي أبــي ,أنْعِــــمْ بذاك أبا


 كم سابقَ الفجرَ يسعى في الصباح ولا 

 يعودُ إلا وضوءُ الشــــمـــس قد حُجبـــا


 تقول أمي : صغارُ البيــــــت قد رقدوا 

 ولم يَرَوْك , أنُمضــــي عمرَنــــا تعبــا؟


 يجيب : إني سأسـعى دائمــــاً لأرى 

 يوماَ صغـــاريْ بدوراً تزدهـــي أدبــــا


 ما شـعريَ اليومَ إلا من وميــضِ أبي 

 لولاه مــــــا كان هذا الشــــعرُ قد كُتبا


 فأنتَ أولُ من للعلــــم أرشـــــدنــي 

 في حمصَ طفـلاً ولمّا كنــتُ في حلبـا


 في الشام في مصرَطيفٌ منك في خلَدي 

 أرنو إليهِ, فقلبـي ينتــشــي طرَبــــــا


 ولــــــم تكــــن أبتي في المال ذا نسبٍ 

 لكنْ بخيـــــــرِ نكــــونُ الســـادةَ النّجُبَـــا


 فالمالُ لن يُعــــلِيَ الإنســــــــانَ منزلةً 

 إنْ لم يكـنْ بالمـــــزايا يرتقــــي السّـحُبا


 لقد نُســـــــــبتَ أبــــــي للخير في كرم 

 يا منبعَ النبــــــــــــل فلْتَهْنأ بذا نســـبا


 نصحْتنا ما أُحيلى النّصْـــــــــحَ يا أبتي 

 فأنت مدرســـــةٌ في النصــــــح لا عَجَبـا


 حماك ربي من الحُسَّـــــــــــــاد يا أبتي 

 قد ارتقيتَ ,وكــم من حاســــدٍ غَضبــــا


 فاحفظ لنا ربَّنا دينــــــــــــاً نَديـــــنُ به 

 قد شرَّف العُجمَ طولَ الدهـــرِ والعَــــربا


 واحفظ لنا والدي والأمَّ يا ســـــــــــندي 

 وإخوتـــــــي وأناســــاً حبُّــــهُم وجَبـــا

_________________________

الجمعة ١٧ جمادى الأولى ١٤٣٤

استغاثة لنصرة إخواننا المسلمين في مالي .

أبيات رائعة للشيخ / سعود الشريم :


إلهي أنتَ للمظلومِ والي **

جنودُ الكفرِ دكُّوا أرضَ مالي


وساءَ الناسُ دعمَ الكفرِ سرَّا **

بمالِ ذوي الجوارِ وليسَ مالِي


ولمّا استنصرُوا قومي تولّوا **

وكلٌّ قال ما هذا ومالِي


فآثرَ بعضُنا خَوَرَاً وذلاً **

وآخرُ سَامدٌ للبطنِ مالِي


أولئك مالأوا بالظلمِ كفراً **

وذو الإيمانِ يَبْكِي لنْ أُمَالِي


سيُعلنها مجاهدهم بصدقٍ **

يحققُ ربُّنا فينا أمالِي


 وأقهرُ كلَّ كفَّارٍ أثيمٍ **

وأحظى من نسا كفرٍ إمالِي


أما لي نصرة للحقِّ يوماً **

أما لي صهوةٌ فيها أمالي ؟


فلا حولٌ ولا طولٌ لدينا **

ولكنَّ الدعا هوَ كلُّ مالِي


شكوتُ الحال بالأبياتِ شعراً **

وأمليتُ القصيدَ لكم أَمالِي

_______________________

الأحد ١٢ جمادى الأولى ١٤٣٤

أمن يجيب المضطر.


للشاعر : بندر فهد الايداء


قـَدِ ارْتـَوىَ الـهـَمُّ مـن أسْـيَافِه بدَمي

وشَـحَّ غَمْضـِي على جَفْنـَيّ َمـِن ألمِي


وكـفَـَنَّ الـحـزْنُ أحـَلامـي وَودَّعـها

وأُطْـفـِئ َالـنـورُ لمَّا أن ْعشـَى قلَـمَ


قَـد انـتهـَى الوجدُ من سلمـَى وقصَّـتِها

"بـبـيـنِ حـبُـك جـِيـراناً بذي سـَلِمِ"


يـا دوحـةَ الـصـبحِ شُدّي فالدُّجى عبث

وَلـفَّـعـْت بِـمُـرُوطَـيْ صَـمْتها كـَلِم


وَأوضَـعَـتْ بـفـؤادي كـُلَّ صَـارمـةٍ

مــا خَـافـَتِ الله فـي حِـلٍّ ولا حَـرمِ


أَأُعْـجِـمـتْ لـغـةُ الآمـالِ وانـقطعت

عـن الـمـسـير إلى أفراحها قـَدمي ؟!


هـذي الـمـفـازةُ قلّي كيفَ أقطـَعُها !؟

وأنـت تـعـلـمُ أنـيّ مـعدمٌ وظـَمِي!!


بـغـيـر هـديـك ضَـلّ الركبُ منزلهم

ودون زادكَ مـاتَ الـسـعـدُ مـن سَقَمِي


كـم قَـدْ كَـتَـبـْتُ مـن الإشفاقِ تعزية ً

ومـا الـعـَزاءُ عـلـى البلـْوىَ بمتّهـَمِ


سَـالـتْ شـئـُوني حتَّى جَفَّ منـْبـَعُها

فـكـيـفَ يـبصر ُشمساً من تراه عَمِي ؟


يـا مـَالـكَ الـمـلـكِ إنّي قد أتيتُ ولي

مـن الـرجـَاءِ رجـاءٌ غـير منْصـَرمِ


يـا كـاشـفَ الـكربِ مالتْ كُلُّ أشرعتي

وعـايـنَ الـحـَتْـفَ قلَبٌ بالبلاءِ صُمِي

 

يـا فـارجَ الـغـَمّ مـن إلاّك نـقصـِدهُ

إذا تــلــبـدتِ الأيـام ُبـالـحِـمـَمِ


يـا واسـعَ الـفـضلِ جُدْ لي منكَ عـَافيةً

يـا مـن لـه الأمـر ُبـالإحسان ِوالنّعـَمِ


(أمّـنْ يجيبُ) سـَـرتْ من قلبِ منكسر ٍ

فـمـن يـجيب بئيساً في اللّظَى الحَطِمِ؟!

 

(إنّـي قـريـبٌ) بـهـا ناديتُ يا أمـَلِي

أجـبْ حـزيـنـاً عـن الـسلّواءِ منفطِمِ


مـن دونِ لـطْـفـكَ إنـي هـَالـك أبداً

فـإنْ خـَذلـتَ فـواهـاً ثـُمَّ وانـَدمِي


صـدري يـئّـنُ بـأضْـلاع ٍمـحـطّمة ٍ

نادَتكَ منْ طـــَـرْفِها ثمّ انتهـَتْ بِفَمـِي


إرحـمْ فـقـيـراً ثـوى فـي لُجّ مُهلـِكةٍ

مـن الـتـقـلُّـبِ بـالأهـوالِ لم ينـَمِ


فـقـد عَـقَـدت ُبـحـسـْنِ الظنّ قافيتي

حـتـى أُبَـشَّـر َ.. هذا الصبحُ فابتسمِ ؟

_____________________

الخميس ٢ جمادى الأولى ١٤٣٤

أمّ النخيل

- إلى أمي .. الهفوف -

*

*

أتذكُرينَ صبيّا عادَ مُـكتهلا

مسربلاً بعذابِ الكونِ .. مُشتملا؟

أشعاره هطلتْ دمعاً ... وكم رقصتْ

على العيونِ ، بُحيراتِ الهوى ، جَذلا

هُفوفُ! لو ذقتِ شيئاً من مواجعهِ

وسّدتِهِ الصدرَ .. أو أسكنتِه الخُصَلا

طال الفراقُ.. وعذري ما أنوءُ بهِ

يا أمّ! طفلُكِ مكبولٌ بما حَمَلا

لا تسألي عن معاناةٍ تمزّقني

أنا اخترعتُ الظما.. والسُّهدَ.. والملَلا

هل تغفرينَ؟ وهل أمٌّ وما نثرتْ

على عقوقِ فتاها الحبَّ والقُـبُـلا

*

ضربتُ في البحرِ .. حتى عدتُ منطفئاً

وغصتُ في البرّ.. حتى عدتُ مشتعلا

أظما .. إذا منعتني السحبُ صيِّـبَـها

أحفى .. إذا لم تُردني الريحُ مُنتعلا

ويستفزُّ شراعي الموجُ ... يلطمُهُ

كأنّه من دمِ الطوفانِ ما غُزلا

ورُبَّ أوديةٍ .. بالجنِّ صاخبةٍ

سريتُ لا خائفاً فيها ... ولا عَجِلا

تجري ورائي ضباعُ القفرِ .. عاويةً

والليثُ يجري أمامي .. يرهبُ الأجَلا

كأنّما قلقُ الجُعْفيّ .. يسكنني

هذا اللي شَغَلَ الدنيا .. كما شُغِلا

*

يا أمُّ عانيتُ أهوالاً .. وأفجعُها

مكيدةُ الغدرِ في الظلماءِ مُختتِلا

أواجهُ الرمحَ في صدري .. وأنزعهُ

والرمحُ في الظهرِ .. مسّ القلبَ .. أو دخلا

ألقى الكُماةَ بلا رُعبٍ .. ويُفزِعُني

هجرُ الحبيبِ الذي أغليتُهُ .. فسَلا

أشكو إليكِ حسانَ الأرضِ قاطبةً

عشقتهنّ .. فكانَ العشقُ ما قََتَلا

ويلاهُ من حرقةِ الولهانِ ... يتركُهُ

مع الصبابةِ .. شوقٌ ودّع الأملا

أشكو إليكِ من الستّينِ ما خَضبَتْ

من لي بشيبٍ إذا عاتبتهُ نَصَلا ؟!

تهامسَ الغيدُ "ياعمّي!" فوا أسفاً

أصيرُ عمّا.. وكنتُ اليافِعَ الغَزِلا

لا تعجبي من دماءِ القلبِ نازفةً

واستغربي إن رأيتِ القلبَ مندمِلا

*

يا أمُّ ! جرحُ الهوى يحلو .. إذا ذكرتْ

روحي مرارةَ شَعبٍ يرضَعُ الأَسَلا

يفدي الصغارُ بنهرِ الدمِّ مَقدسنا

مالي أقلّبُ طرفي .. لا أرى رجلا ؟!

أرى الجماهيرَ .. لكن لا أرى الدُوَلا

أرى البطولة .. لكن لا أرى البطلا

لا تَذكري .. لي صلاحَ الدين .. لو رجعتْ

أيَّامُه .. لارتمى في قبرهِ خجَلا

أين الكرامةُ .. هل ماتتْ بغُصّتِها ؟

أين الإباءُ .. أملَّ الجُبْنَ .. فارتحلا ؟

عجبتُ من أمّةِ القرآنِ .. كيفَ غَدَتْ

ضجيعةَ الذُلِّ .. لا ترضى به بدَلا

أسطورةُ السِلْمِ .. ما زلنا نعاقرُها

يا مَنْ يصدّق ذئباً صادقَ الحَمَلا !

حمامةُ السِلمِ .. حُلمي أن أقطعها

وأن أعود بصقرٍ يقنصُ الوَجَلا

"شارونُ" نحن صنعناهُ بخشْـيـَتـِنا

كم خشيةٍ صنعتْ من فأرةٍ جَبَلا

تعملقَ القِزْمُ .. لمّا قُزّمت قِمَمٌ

واستُنْسِختْ نملةٌ في ذُعرنا جَمَلا

هاتِ الفؤادَ الذي ثارَ اليقينُ بهِ

واقذفْ بيَ النصرَ .. أو فاقذف بيَ الأجَلاَ

*

أمَّ النخيل ! ... هبيني نخلةً ذَبُلتْ

هل ينبتُ النخلُ غضّاً بعد أن ذَبـُلا ؟!

يا أمُّ .. رُدّي على قلبي طفولَته

وأرجعي لي شباباً ناعماً أفِلا

وطهّري بمياهِ العينِ .. أوردتي

قد ينجلي الهمُّ عن صدري إذا غُسـِلا

هاتي الصبيَّ ... ودُنياه .. ولُعبـَتـَه

وهاكِ عُمري ... وبُـقيا الروحِ والمُـقَلاَ

*

الشاعر الدكتور : غازي القصيبي

2001م

من ديوانه: للشهداء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق