الصفحات

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

قصصٌ وعِبَرٌ ومقالات عن الأخلاق والتحفيز وتطوير الذات


التحفيز وتطوير الذات عبارة عن كل قول أو فعل أو إشارة تدفع الإنسان إلى سلوك أفضل أو تعمل على استمراره فيه . والتحفيز ينمي الدافعية ويقود إليها ، إلا أن التحفيز يأتي من الخارج فإن وجدت الدافعية من الداخل التقيا في المعنى ، وإن عدمت صار التحفيز هو الحث من الآخرين على أن يقوم الفرد بالسلوك المطلوب . 
ومن خلال التجارب اُكتُشف أننا سرعان ما ننسى الإرشادات والنصائح المباشرة في هذه الكتب ، ونتذكر القصص ذات المغزى التي وردت فيها .
~~~~~~~~
محتويات الموضوع :
١-[عبارة واحدة تُلخِص تاريخ البشرية]
٢-[كونوا هادئين لكن ليس إلى درجة التجمد]
٣-[لا تدع الأشياء التي ليس لك يدٌ في تغييرها، تأخذك عن الأشياء التي لك يد في تغييرها]
٤-[انهض.. فأمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية]
٥-[اكسر الفرع الذي تقف عليه]
٦-[جامعة ستانفورد]
٧-[إستراتيجية النسر الخاسر]
٨-[البالونات الملونة]
٩-[ماذا تفعلين طوال الوقت ؟!]
١٠-[قصة الكراسي]
١١-[اجمع ريش الطيور أو أمسك لسانك]
١٢-[عباراتنا تصنع إنجازاتنا]
١٣-[ليس شرطا أن تكون كبيراً لتكون حكيماً]
١٤-[أبلغ جواب]
١٥-[فن اختراع المشاكل الزوجية]
١٦-[لست تائهاً]
١٧-[رؤية الأشياء بعيون الآخرين]
١٨-[أصدقاء طيبون رائعون]
١٩-[
رجل واحد قد يغير فكر دولة بأكملها]
٢٠-[الملك الظالم]
٢١-[للأخلاق ثمن]
٢٢-[بائع الجوارب]
٢٣-[الروب الأسود]
٢٤-[ألقِ أنت بذورك أيضاً]
٢٥-[كيف تفجر القوة الكامنة؟]
٢٦-[كيف تتقن مهارة قراءة لغة الجسد؟]
٢٧-[إلى الباحثين عن التميّز]
٢٨-[أسهل الطرق للحصول على الشهرة؟]
٢٩-[أهمية إتقان العمل]
٣٠-[جيلٌ مبتكرٌ ؛ كيف نصنعه]
٣١-[فن صناعة الأمل]
٣٢-[كيف تجذبني لسماع صوت حروفك؟]
٣٣-الطرق المُثلى عن كيفية التعامل مع الأعمى]
٣٤-[العمل التطوعي..أفضل وسيلة لاكتشاف مهاراتك]
٣٥-[أمناء الأسرار]
٣٦-[خاف .. فضاعت الحياة]
٣٧-[من الذي يطعمك بملعقة فارغة؟!]
٣٨-[في السُرعة السلامة !!]
٣٩-[الفِراسَة والظن]
٤٠-[الإعاقة ليست نهاية الحياة]
٤١-[لقد سترك الله لو سترت نفسك]
٤٢-[لا تقلل من شأن أحد]
٤٣-[مشكلة]
٤٤-[أبناء نُجـَباء]
٤٥-[مِن فِـيك]
٤٦-[لنتعلم من النّملة]
___________
(١)

[عبارة واحدة تُلخِص تاريخ البشرية]

جمع الملك الشاب حُكَماء بلاطه، وطلب منهم أن يكتبوا له تاريخ البشرية كي يطّلع عليه ويستفيد منه.
ذهب الحكماء وعادوا إليه بعد سنوات وهم يحملون مُجلّدات ضخمة ..
لكن الملك طلب منهم أن يختصروها أكثر بسبب مشاغله الكثيرة ؛  كي يتسنى له قراءتها كاملة ...
فرجع الحكماء مرة ثانية وعادوا إليه بعد سنوات ومعهم مجلدات أقل من سابقتها ؛  لكن الملك ضَجِر من كِبَرها، وأمرهم بإعادة الاختصار. 

هنا اقترب منه كبير الحكماء، وقال له: أيها الملك ، تاريخ البشر مُكرّر بشكل لا يمكن لعقل تصوّره، ولو شئت أن ألخّص لك تاريخ البشرية في عبارة واحدة ؛ فإن ذلك بمقدوري! 

فقال له الملك متلهفاً:
هات ما عندك . 

فقال الحكيم : أيها الملك ، تاريخ البشرية يتلخص في عبارة واحدة :
" يولد الناس ، ثم يتألمون ، ثم يموتون " !! 



هكذا رأى الفيلسوف الفرنسي ( أناتول فرانس ) تاريخ البشرية من خلال قصته الرمزية السابقة؛ لكننا بقليل من التأمل والتدبر، سنرى أنها رؤية عميقة لمعنى وجودنا في الحياة. 

فـ " الألم " هو القاسم المشترك بين جميع البشر؛ هو الذي يُطهّرهم في كثير من الأحيان من حظوظ أنفسهم، وهو الذي يعيدهم إلى حقيقة إنسانيتهم، وقديماً قال أحد الحكماء:
" قلب يتألم .. قلب يتعلم ". 

ومن أعياه الألم أحياه الألم.
ومحن الحياة تنضج الإنسان على نار الألم.
فنحن نسعى لأن نتجنب الألم أكثر من سعينا لأن نجد السعادة.

والإنسان يستطيع دائما أن يبدأ حياته من جديد في أي مرحلة من مراحله، مستفيدا من دروس الألم وعثرات الطريق.

الألم هو الضريبة التي ندفعها نظير التعلّم ، ولو كان ثمة استثناء لهذه الضريبة ؛ لكان الأنبياء والرسل أوْلى الناس بهذا الإعفاء وتلك المنحة؛ لكنهم - قبل غيرهم - دفعوا كامل التكاليف ،  تألموا كثيراً، عانوا كما لم يعانِ أحد ؛ لكن عَظَمَتهم تجلّت في صلابتهم وتحمّلهم في دفع ضرائب الحياة، وثمن العيش الشريف الكريم فيها، ثمن الحياة بمبدأ وكرامة وشرف.

ليؤكدوا لنا أن "الألم" الذي نتعرض له هو الدليل الوحيد على كوننا أحياء، وأننا يجب أن نستفيد من ذلك الألم في تعلّم الدرس، والعودة إلى ذواتنا، والدخول في دهاليزها، ومكاشفة النفس، والانعزال عن ضوضاء الحياة لبعض الوقت، لنعود بعدها أشدّ قوة، وأكثر وعياً وثباتاً. 

سُئل الإمام الشافعي رحمه الله يوماً: أيهما خير للمرء؛ أن يُبتلى (أي يبتليه الله ويختبره)، أم يُمَكّن (أي يحقق له الله غايته ومراده)؟
فردّ الإمام الفقيه قائلاً: وهل يكون تمكين إلا بعد ابتلاء؟!

ما أروع فهم الإمام وفقهه!
نعم، أيُ تمكين وانتصار يمكن أن نحققهم، مالم نُمتحن ونُختبر ونُبتلى ونتألم؟ 

 إنه الثمن الذي يجب أن نستعد لدفعه دائماً.. ثمن النصر والشرف والحياة الكريمة. 

وأخيرا ... لو تأملنا كلمة ( ألم ) بحروفها الثلاثة (  أ ل م )
نجد جذور هذه الحروف تتكون ( أ م ل ) ، إنه الأمل
فبالأمل نعيش ونرجو
وبالألم نصبر وندعو

فالأمل شمعة تنير الظلام .. وكتابا مفتوحا لمن أراد أن يتعلم .

___________
(٢)

[ كونوا هادئين لكن ليس إلى درجة التجمد ]




كان على أحد الطلبة المتفوقين الذين تخرجوا من الجامعة للتو أن يلقي خطبة في حفل التخرج نيابة عن زملائه .
وبعد تفكير طويل ذهب الطالب إلى مكتبة الجامعة للاطلاع على بعض كتب الأقوال المأثورة، و راجع بعض كتب القانون التي درسها في الجامعة
لكنه لم يستطع تحديد فكرة خطبته، ثم قرأ بعض الكتب عن كيفية إلقاء الخطب و الكلمات المناسبة لكنه لم يعثر على ضالته.
وفي صباح يوم الاحتفال جلس الطالب لتناول طعام الإفطار فجاءته الحكمة من حيث لا يدري ، فقد قرأ على غلاف علبة البسكويت الذي كان يتناوله عبارة: ( أبق البسكويت بارداً دون أن يتجمد ).
فكر الطالب أن الإنسان يجب أيضا أن يكون كذلك، و أن في هذه المقولة كثيرا من الحكم، و أثناء الخطبة روى الطالب هذه القصة على جمهور المستمعين و أنهى خطبته قائلا : ( كونوا هادئين لكن ليس إلى درجة التجمد).

فتذكر دائما أن : 
١- التوتر يمنع العقل من التفكير السليم .
٢- أن التوتر والعجلة بالأمور قبل أوانها ، أو التساقط فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت ، أو الوهن عنها إذا استوضحت ، كلها أمور تمنع العقل من التفكير السليم و تعيق النجاح .
٣- ضع كل أمر موضعه وأوقع كل عمل موقعه. 

_____________
(٣)

[ لا تدع الأشياء التي ليس لك يدٌ في تغييرها، تأخذك عن الأشياء التي لك يد في تغييرها ]



يعتبر (يوليوس قيصر) من أبرز الشخصيات العسكرية الفذة في التاريخ وسبب ثورة تحويل روما من جمهورية إلى إمبراطورية.
وكان منذ صغره محباَ للعلم حيث درس في اليونان العديد من العلوم ، إذ كانت اليونان مركز العلوم في ذلك الحين وكان أبناء أثرياء روما يرسلون إليها للتعلم ثم التدرج في العمل السياسي أو ما شابه .
وتحكي كتب التاريخ أن يوليوس قيصر تعثّر أثناء نزوله من سفينة على شواطئ إفريقيا ووقع على الأرض ...
ومثل هذا المشهد قادر على بثّ الوهن بين الجنود واعتباره نذير شؤم ؛ لكن يوليوس قيصر -المعروف بسرعة بديهته وموهبته في الارتجال- فتح ذراعيه كاملتين، ثم احتضن الأرض وقبّلها ؛ وذلك كرمز للاشتياق للفتح والانتصار ؛ فتبسّم جنوده واستبشروا خيراً.

العبرة من القصة :
١- من أهم القوانين التي نحتاج إلى أن نقف عندها كثيراً لفهم واقعنا بشكل أفضل ؛ ذلك الذي يقول : (لا تدع الأشياء التي ليس لك يدٌ في تغييرها، تأخذك عن الأشياء التي لك يد في تغييرها).

٢- أمر الله قائم، ومن الفطنة التي تبعث السعادة والسرور أن نتعامل مع قضاء الله تعاملاً إيجابياً ؛ فيرى الله منا تسليماً لقضائه ، ورضى بقدره ، وامتثالاً لأمره.

_________
(٤)

[ انهض .. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية ]


يُحكى عن المفكر الفرنسي ( سان سيمون ) ، أنه علّم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشه وهو يقول :
( انهض سيدي الكونت .. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية ! ) . 
فيستيقظ بهمة ونشاط ، ممتلئ بالتفاؤل والأمل والحيوية ، مستشعراً أهميته ، وأهمية وجوده لخدمة الحياة التي تنتظر منه الكثير .. والكثير ! . 
المدهش أن ( سان سيمون ) ، لم يكن لديه عمل مصيري خطير ليؤديه ، فقط القراءة والتأليف ، وتبليغ رسالته التي تهدف إلى المناداة بإقامة حياة شريفة قائمة على أسس التعاون لا الصراع الرأسمالي والمنافسة الشرسة . 
لكنه كان يؤمن بهدفه هذا ، ويعد نفسه أمل الحياة كي تصبح مكانا أجمل وأرحب وأروع للعيش . 

فلماذا يستصغر المرء منا شأن نفسه ويستهين بها ؟!


كونت (بالإنكليزية: Count) أو كونتيسة (بالإنكليزية: Countess) هو لقب يطلق على النبلاء أو الشخصيات ذات الثراء والمركز الاجتماعي المرموق في البلدان الأوروبية، حيث استعمل هذا اللقب منذ أواخر عصر الإمبراطورية الرومانية باشتقاقه من مصطلح Comes أو باللاتينية comitis ويعني "الرفقة الإمبراطورية" أو "الحاشية".

__________
(٥)

[ اكسر الفرع الذي تقف عليه ]


تلقى أحد الملوك صقرين رائعين كهدية، وكانا أجمل ما رأى من الطيور، فأعطاهما لكبير مدربي الصقور لديه ليدربهما ..
 ثم بعد شهور جاءه مدرب الصقور ليخبره أن أحد الصقرين يحلق بشكل رائع ومهيب في عنان السماء، بينما لم يترك الآخر فرع الشجرة الذي يقف عليه مطلقًا. فما كان من الملك إلا أن جمع الأطباء من كل أنحاء البلاد ليعتنوا بالصقر، لكن لم يتمكن أي منهم من حثه على الطيران.
وبعد أن أعيته السبل لحث الصقر على الطيران، خطرت بعقله فكرة وقال : ربما عليَّ أن أستعين بشخص يألف طبيعة الحياة في الريف، ليفهم أبعاد المشكلة.
وأمر فورًا بإحضار أحد الفلاحين. وفي الصباح ابتهج الملك عندما رأى الصقر يحلق فوق حدائق القصر، فأمر حاشيته بإحضار الفلاح الذكي الذي نجح فيما لم ينجح فيه آخرون. فأحضروه ليقف بين يدي الملك الذي سأله: كيف جعلته يطير؟
أجاب الفلاح بثقة: كان الأمر بسيطًا. 
لقد كسرت الفرع الذي يقف عليه !!

العبرة من القصة :
١- لقد خُلِقنا جميعًا لنُحَلِّق.. لنستكشف مواطن قوتنا ونستثمرها. 
٢- نركن أحيانًا إلى السكون فوق فروع الخوف وعدم الثقة بالنفس، متشبِّثين بما ألِفناه، بينما تبدو آفاق الممكن أمامنا لا نهاية لها.
٣- لنتعلم من اليوم كيف نكسر فرع الشجرة الذي نتشبث به، لنحلق إلى آفاق السماء ..
___________
(٦)

[جامعة ستانفورد]



توقف القطار في إحدى المحطات في مدينة بوسطن الأمريكية وخرج منه زوجان يرتديان ملابس بسيطة. كانت الزوجة تتشح بثوب من القطن ، بينما يرتدي الزوج بزة متواضعة صنعها بيديه. وبخطوات خجلة ووئيدة توجه الزوجان مباشرة إلى مكتب رئيس " جامعة هارفارد " ولم يكونا قد حصلا على موعد مسبق.
قالت مديرة مكتب رئيس الجامعة للزوجين القرويين : " الرئيس مشغول جدا " ولن يستطيع مقابلتكما قريبا... ولكن سرعان ما جاءها رد السيدة الريفية حيث قالت بثقة : " سوف ننتظره ". 
وظل الزوجان ينتظران لساعات طويلة أهملتهما خلالها السكرتيرة تماما على أمل أن يفقدا الأمل والحماس البادي على وجهيهما وينصرفا. ولكن هيهات ، فقد حضر الزوجان - فيما يبدو - لأمر هام جدا. ولكن مع انقضاء الوقت ، وإصرار الزوجين ، بدأ غضب السكرتيرة يتصاعد ، فقررت مقاطعة رئيسها ، ورجته أن يقابلهما لبضع دقائق لعلهما يرحلان.

هز الرئيس رأسه غاضبا" وبدت عليه علامات الاستياء ، فمن هم في مركزه لا يجدون وقتاً لملاقاة ومقابلة إلا علية القوم ، فضلا عن أنه يكره الثياب القطنية الرثة وكل من هم في هيئة الفلاحين.
لكنه وافق على رؤيتهما لبضع دقائق لكي يضطرا للرحيل.

عندما دخل الزوجان مكتب الرئيس ، قالت له السيدة أنه كان لهما ولد درس في " هارفارد " لمدة عام لكنه توفى في حادث ، وبما أنه كان سعيدا" خلال الفترة التي قضاها في هذه الجامعة العريقة ، فقد قررا تقديم تبرع للجامعة لتخليد اسم ابنهما.

لم يتأثر الرئيس كثيرا لما قالته السيدة ، بل رد بخشونة : 
" سيدتي ، لا يمكننا أن نقيم مبنى ونخلد ذكرى كل من درس في " هارفارد " ثم توفى ، وإلا تحولت الجامعة إلى غابة من المباني والنصب التذكارية ".

وهنا ردت السيدة : نحن لا نرغب في وضع تمثال ، بل نريد أن نهب مبنى يحمل اسمه لجامعة " هارفارد ". لكن هذا الكلام لم يلق أي صدى لدى السيد الرئيس ، فرمق بعينين غاضبتين ذلك الثوب القطني والبذلة المتهالكة ورد بسخرية : " هل لديكما فكرة كم يكلف بناء مثل هذا المبنى ؟! 
لقد كلفتنا مباني الجامعة ما يربو على سبعة ونصف مليون دولار!"

ساد الصمت لبرهة ، ظن خلالها الرئيس أن بإمكانه الآن أن يتخلص من الزوجين ، وهنا استدارت السيدة وقالت لزوجها : " سيد ستانفورد : ما دامت هذه هي تكلفة إنشاء جامعة كاملة فلماذا لا ننشئ جامعة جديدة تحمل اسم ابننا؟" 
فهز الزوج رأسه موافقا.

غادر الزوجان " ليلند ستانفورد وجين ستانفورد " وسط ذهول وخيبة الرئيس ، وسافرا إلى كاليفورنيا حيث أسسا " جامعة ستنافورد " العريقة والتي ما زالت تحمل اسم عائلتهما وتخلد ذكرى ابنهما الذي لم يكن يساوي شيئا لرئيس جامعة " هارفارد " ، وقد حدث هذا عام 1884م.
تعتبر من أفضل الجامعات بالعالم وتوازي شهرتها جامعات معهد ماساتشوستس للتقنية وجامعة كمبريدج وجامعة هارفارد .



ومن أشهر خريجيها :
- فينت سيرف الذي يعرف بأب الإنترنت.
- مؤسسو شركات جوجل و ياهو و يوتيوب و هوليت-باكارد و صن ميكروسيستمز و إنفيديا و سيسكو سيستمز وسيليكون غرافيكس و نايكي و غاب.


العبرة من هذه القصة :
• من المهم دائما أن نسمع ، 
• وإذا سمعنا أن نفهم ونصغي .
• وسواء سمعنا أم لا ، فمن المهم أن لا نحكم على الناس من مظهرهم وملابسهم ولكنتهم وطريقة كلامهم .
• ومن المهم أن " لا نقرأ كتابا أبدا من عنوانه " حتى لو كان ثمنه عام 1884 سبعة ملايين دولار.
• قصة حقيقية رواها " مالكوم فوربز " ومازالت أسماء عائلة " ستانفورد " منقوشة في ساحات ومباني الجامعة .
____________
(٧)

[إستراتيجية النسر الخاسر]



نسران متشابهان تماماً ... 
حتى أنك عندما تراهما معاً ... 
قد تظن أنك تشاهد نسراً و صورته المنعكسة ... 
منحمها الله نفس القدرات ... 
نفس الجناحان القويان ... 
نفس العيون الحادة ... 
نفس الريش الخفيف الإنسيابي ... 
تعلما الطيران معاً ... بنفس الأسلوب ... 
و بينما هما يحلقان معاً في السماء على مستوى واحد ، بدأ الخمول يدب في أحدهما !!

فاكتفى بفرد جناحيه معتمداً على قوة الهواء ... 
بينما استمر الثاني يخفق بجناحيه بقوة ... 
و كلما خفق بهما اعتلى وارتفع..
و مع الوقت كان يسمو و يسمو ... 

و كان ينادي الآخر أن يعمل و يجتهد ليعلو ؛ لكن النسر الآخر كان يجد في نصائحه و كلماته له إهانة ... 
أخذ يقارن نفسه به ،؟و يتحدث مع نفسه حديث ذاتي سلبي ... 
قال منذ صغري و هم يفضلونه ... 
منذ صغري و الحياة كئيبة في وجهي ... 
الأمور ميسرة له و النجاح مكتوب له ... 
كلهم يحبونه و يدعمونه ... 
ألا تلاحظون حتى الهواء يدفعه أعلى مني !!
أنا محبط ... 
أنا مكتئب ... 
ياترى متى ستأتي الظروف و الفرص و الحظ معي ؟!
أريد أن أكون أفضل منه ... 
أن أعلو أعلى منه ... 
لن أسمح له أن يرتفع و حده ... 
و أخذ يراقب النسر الآخر ... 
و انشغل بذلك التفكير السلبي والمراقبة عن الخفقان بجناحيه ... 
و كل مرة يخفق النسر بجناحيه يعلو و يعلو ... 
و صاحبنا يراقب ويقارن و يفكر في حل لعله ينجح ... 
عندها قرر أن يسقطه !!
فهي الطريقة الوحيدة لإيقاف تقدمه الدائم و نجاحه ... 

فكر ما الطريقة المثلى لإسقاطه؟ ... 

هل أرميه بحجر؟
هذا يعني نزولي للأرض ثم صعودي ... 

ستكون حينها المسافة أكبر و أكبر ... 

هل اشغله بكلام سلبي .. ولكنه لا يتوقف ليسمعني ؟ 

و فجاءة لمعت الفكرة في ذهن صاحبنا النسر الطامح للنجاح و السمو !!! 

قرر أن أفضل طريقة لإسقاطه هي ... 

أن ينزع من ريش جناحيه و يرمي النسر الآخر لإسقاطه ... 

و بسرعة بدأ في التنفيذ ... 
وأخذ ينزع من ريش جناحيه و يرمي النسر الآخر الذي كان في عَجَبٍ منه !! 

أما النسر الآخر ، فمع كل علامات الدهشة استمر يخفق و يخفق بجناحيه و يعلو ... 

بينما صاحبنا في لحظة فقد كل ريشه !!
حينها سقط سقوطاً سريعاً و ارتطم بالأرض !! 

و مع سقوطه كان يردد عبارة وحيدة :
( ألم اقل لكم أن الظروف دوماً ضدي ؟ )

العبرة من القصة :
أنت من تصنع حياتك ؛ فاحذر استراتيجية النسر الخاسر !!

___________
(٨)
[البالونات الملونة ]



كان أحد باعة البالونات يفكر في طريقة لجذب الزبائن فاهتدى لفكرة إطلاق البالونات في الهواء لإثارة انتباه المارة … فأخذ بالونًا أبيض اللون وقام بتعبئته بغاز الهليوم ثم أطلقه .
وبعدها بدأ بتعبئة بالون لونه أحمر ، وبعده أصفر ، وأخضر و أزرق ..
 وفي مشهد جميل وأخاذ ... بدأ الأطفال بالتجمع حوله لشراء البالونات ..!
 وفجأة .!
جاء صبي أسمر البشرة وبدأ يتأمل البالونات الطائرة في الهواء ..! 
يتأمل البالونات بنظرة حزينة بريئة أسيفة !!
ثم صوب نظره لصاحب البالونات في موقف عاطفي مؤثر جداً
 والبؤس يخيم على قسمات وجهه الناعمة
 فتكلمت نظراته قبل لسانه فقال:
يا سيدي:
لو أنك أطلقت بالوناً أسود .. فهل سيرتفع للأعلى ..؟

انحنى البائع أمام عظمة هذا الصبي بكل لطف وشفقة ونظر إلى عيني الصبي وقال له:
من المؤكد يا بني إنه سيطير فالذي يجعله يطير ليس اللون بل ما في داخله هو ما يجعله يرتفع ..






العبرة من القصة :
المحرك الأول نحو التفوق والتميز ونيل المراتب العليا هو ما تملكه من إيمان بالله ثم قدرات وإرادة متينة وعزيمة قوية، وليس الحسب والنسب أو المال أو الشكل!

____________
(٩)

[ماذا تفعلين طوال الوقت ؟!]




عاد رجل من عمله ، فوجد أطفاله الثلاثة أمام البيت يلعبون في الطين بملابس النوم التي لم يبدلوها منذ الصباح .
وفي الباحة الخلفية تبعثرت صناديق الطعام وأوراق التغليف على الأرض ، وكان باب سيارتهم مفتوحا وكذلك الباب الأمامي للبيت .
أما داخل البيت فقد كان يعج بالفوضى ،فقد وجد المصباح مكسورا والسجادة الصغيرة مكومة إلى جدار الحائط ، وصوت التلفاز مرتفعا.
وكانت اللعب مبعثرة والملابس متناثرة في أرجاء غرفة المعيشة ،وفي المطبخ كان الحوض ممتلئا عن آخره بالأطباق وطعام الأفطار ما يزال على المائدة وكان باب الثلاجة مفتوحا على مصراعيه . 
صعد الرجل السلم مسرعا وتخطى اللعب وأكوام الملابس باحثا عن زوجته ،كان القلق يعتريه خشية أن يكون أصابها مكروه .
فوجئ في طريقه ببقعة مياه أمام باب الحمام ،فألقى نظرة في الداخل ليجد المناشف مبللة والصابون تكسوه الرغاوي ،وتبعثرت مناديل الحمام على الأرض ،بينما كانت المرآة ملطخة بمعجون الأسنان .
اندفع الرجل إلى غرفة النوم فوجد زوجته مستلقية على سريرها تقرأ رواية !
نظرت إليه الزوجة وسألته بابتسامة عذبة عن يومه ، فنظر إليها في دهشة وسألها : ما الذي حدث اليوم ؟
ابتسمت الزوجة مرة أخرى وقالت :
كل يوم عندما تعود من العمل تسألني باستنكار 
"ما الشيء المهم الذي تفعلينه طوال اليوم ؟ أليس كذلك ؟"
أجابها الزوج: بلى .
فقالت الزوجة : "حسناً أنا لم أفعل اليوم ما أفعله كل يوم " !!.

العبرة من القصة :
١- من المهم جدا أن يدرك كل إنسان إلى أي مدى يتفانى الآخرون في أعمالهم  .
٢- كم يبذلون من جهد لتبقى الحياة متوازنة بشقيها وهما الأخذ والعطاء ، حتى لايظن أنه الوحيد الذي يبذل جهودا مضنية ويتحمل الصعاب والمعاناة وحده ، وحتى لاتغره سعادة من حوله وهدوئهم فيظن أنهم لم يفعلوا شيئا ولم يبذلوا جهدا من أجل الوصول إلى الراحة والسعادة  .
٣- قدر قيمة الآخرين وجهودهم ولا تنظر من منظار ضيق .

__________
(١٠)

[قصة الكراسي]



 شاب كان كل يوم في الصبح يخرج من بيته فيمشي على شاطئ النهر في قريته متجهاً نحو القرية المجاورة التي فيها عمله ..
المهم هكذا كل يوم ، يخرج باكراً يمشى على شاطئ النهر متجهاً نحو القرية المجاورة …حتى استوقفه مرة رجل حكيم فقال: ياهذا لمَ تعش في هذه الدنيا ؟
وهنا نظر الشاب في عيني الرجل الحكيم وكأنه يفكر بهذا السؤال لأول مرة في حياته …
ونظر الشاب بداخل نفسه في محاولة للوصول لنتيجة ولكن!!
فهو لا يعرف سوى هذا الطريق الذي يمشيه كل يوم وتلك الحياة التي يرتبط بها كلها تكرار في تكرار !!
نظر هذا الشاب بداخله باحثا عن حل ولكن ….!!
لم يجد سوى إجابة واحدة ، فقال للحكيم ..إريد أن أصبح أحسن ….!!

وهنا استوقفه الحكيم وقال :
يا هذا لا نجاح مع أحسن …!!
ثم رد الشاب قائلاً :
 ولكن …. 
قاطعه الحكيم قائلاً له :
يا هذا أتعرف قصة الكراسي …؟ 
قال الشاب  لا ..
هنا سأله الحكيم : سنفترض أنك مدعو لحضور دورة تدريبية في مكان به عدد مائة كرسي …وتم إخبارك أن رقم الكرسي الخاص بك هو رقم 65 . 
فهل ستجلس على كرسي أخر ؟ 
قال الشاب : لا …
قال الحكيم :
لكن إذا أخبروك أن الكراسي ذات ترقيم سري ولا يظهر الترقيم لأحد سوى منظمي الدورة … فهل ستجد الكرسي بسهولة ؟

 قال الشاب : لا ..

قال الحكيم ولكن إذا قيل لك أن : إن الكراسي غير مُرتبة وغير مرقمة سوى هذا الترقيم السري …فما هي نسبة نجاحك في الوصول لهدفك ؟

قال الشاب بعد تفكير طويل …تقريباً 1% …
قال الحكيم :أحسنت .
ثم سأله : ولو كانت الكراسي ذات ترتيب واضح وترقيم مُعلن … فما نسبة نجاحك في الوصول للهدف .؟ 

قال الشاب : 100%

قال الحكيم : أحسنت ، ولكن إذا قيل لك إن الكراسي من رقم 60 حتى رقم 70 ذات لون أخضر ، فما هي نسبة نجاحك للوصول للهدف ؟!

قال الشاب 100%  ولكن بسرعة .

قال الحكيم : وإذا قيل لك إن الكرسي الوحيد في القاعة الذي لونه أخضر هو رقم 65 ، فما رأيك ؟

قال الشاب : سوف لا أهتم بالرقم . 

قال الحكيم : يا هذا ، الوصول للنجاح في هذه الحياة يحتاج لتحديد يساعدك للوصول بسرعة …فتحديدك لهدفك في فترة طويلة سيساعدك للوصول لنجاحك الذي تستحقه في فترة قصيرة …

وهنا انتبه الشاب وأفاق.. وعلم أن النجاح يستقر حيث تحديد الهدف .

العبرة من القصة :
١- ابدأ بتحديد الهدف ؛؟فما هو هدفك ؟ .. (في ستة كلمات على الأكثر )

٢- لكي تدرك قوة هذا الهدف ، ولكي تعلم هل نجاحك هذا أمر شبه واقعي ، يجب أن تعلم إجابة هذا السؤال :
ما هو الشئ الذي ستخسرة إذا لم تستطع الوصول لهذا الهدف ؟
__________
(١١)

[اجمع ريش الطيور أو أمسك لسانك]



ثار فلاح على صديقه وقذفه بكلمة جارحة، وما إن عاد إلى منزله، وهدأت أعصابه، بدأ يفكر باتزان: 
كيف خرجت هذه الكلمة من فمي؟!
سأقوم وأعتذر لصديقي .....

بالفعل عاد الفلاح إلى صديقه، وفي خجل شديد قال له: 
أنا آسف فقد خرجت هذه الكلمة عفوا مني، أرجوك سامحني ..

وتقبل الصديق اعتذاره، لكن عاد الفلاح ونفسُه مُرّة، كيف تخرج مثل هذه الكلمة من فمه!!

لم يسترح قلبه لما فعله.. فالتقى بحكيم القرية واعترف بما ارتكب، قائلا له:
أريد أيها الحكيم أن تستريح نفسي ، فإني غير مصدق أن هذه الكلمة خرجت من فمي!!

قال له الحكيم : إن أردت أن تستريح إملأ جعبتك بريش الطيور، واعبر على كل بيوت القرية، وضع ريشة أمام كل منزل ..
وفي طاعة كاملة نفذ الفلاح ما قيل له، ثم عاد إلى الحكيم متهللاً، فقد نفذ المطلوب منه .

قال له الحكيم : الآن إذهب اجمع الريش من أمام الأبواب..

عاد الفلاح ليجمع الريش فوجد الرياح قد حملت الريش، ولم يجد إلا القليل جدا أمام الأبواب، فعاد حزينا..

عندئذ قال له الحكيم : كل كلمة تنطق بها أشبه بريشه تضعها أمام بيت أخيك،
ما أسهل أن تفعل هذا؟! 
لكن ما أصعب أن ترد الكلمات إلى فمك..
إذن عليك أن تجمع ريش الطيور.. أو تمسك لسانك!!

تذكروا قول الله تعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"

وقول نبينا عليه الصلاة والسلام: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .

___________
(١٢)

[عباراتنا تصنع إنجازاتنا]


قصة تتعلق بأحد مديري الإنشاءات الذي ذهب إلى موقع البناء وشاهد ثلاثة عُمّال يكسرون حجارة صلبة فسأل الأول: ماذا تفعل؟
فقال: أكسر الحجارة كما طلب رئيسي ... 

ثم سأل الثاني نفس السؤال فقال: أقص الحجارة بأشكال جميلة ومتناسقة ... 

ثم سأل الثالث فقال: ألا ترى بنفسك، أنا أبني ناطحة سحاب... 

فرغم أن الثلاثة كانوا يؤدون نفس العمل إلا أن الأول رأى نفسه عبدا، والثاني فنانا، والثالث صاحب طموح وريادة ...

مغزى القصة :
أن عباراتنا تصنع إنجازاتنا، ونظرتنا لأنفسنا تحدد طريقنا في الحياة)

___________
(١٣)

[ليس شرطا أن تكون كبيراً لتكون حكيماً]



في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل, عاشت الأرملة الفقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة في ظروف صعبة... فى غرفة عبارة عن أربعة جدران وبها باب خشبي غير أنه ليس لها سقف!..
هطل المطر بغزارة على المدينة ، واحتمى الجميع في منازلهم وكان على الأرملة والطفل مواجهة هذا الموقف العصيب!
نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة واندسّ في أحضانها، أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته مائلاً على أحد الجدران وخبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر ، فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة وقد علت على وجهه ابتسامة الرضا ، وقال لأمه : 
" يا ترى ماذا يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر ؟!!"

العبرة من القصة :

١- ليس شرطاً أن تكون كبيراً لتكون حكيماً ولا  وسيماً لتكون جميلاً .
٢- أفضل وقت لتكون فيه سعيداً ليس غداً عندما تكون غنياً، أو صباحاً عندما تكون نشيطاً، أو بعد سنه عندما تكون كبيراً ، إن أفضل وقت للسعادة هو الآن .

_____________
(١٤)

[أبلغ جواب]


دُعي آينشتاين إلى حفل اقامته إحدى السيدات ، وفي أثناء الحفل، طلبت إليه إحداهن أن يشرح لهم النظرية النسبية ... فروى القصة التالية: 

سرتُ مرة مع رجل مكفوف البصر، فذكرت له أنني أحب اللبن، فسألني: ما هو اللبن؟ 

فقلت: أنه سائل أبيض. 

فقال: أنني أعرف ما هو السائل، ولكن ما هو اللون الأبيض؟ 

قلت: أنه لون ريش البجع. 

قال: أما الريش فأنني أعرفه، ولكن ما هو البجع؟ 

قلت: أنه طائر برقبة ملتوية. 

قال: أما الرقبة فأنني أعرفها، ولكن ما معنى ملتوية؟ 

عندئذ أخذت ذراعه ومددتها، ثم ثنيتها، وقلت له: هذا معنى الإلتواء، فأقتنع، وقال: الآن عرفت ما هو اللبن!! 

ثم ألتفت الى السيدة وقال:
ألا تزالين ترغبين بمعرفة النظرية النسبية؟ !!

العبرة من القصة :

١- دائما هناك طرق أخرى هي أكثر بلاغة من الجواب المباشر ..

٢- قيل : من تدخل فيما لا يعنيه لاقى ما لا يرضيه ؛ فكيف الحال فيمن تدخل فيما لا يفهمه ولا يعرفه ؟!

__________
(١٥)

[فن اختراع المشاكل الزوجية]


كان الزوج يفضل تناول البيض في وجبة الفطور ، وكان الله قد حباه بزوجة صالحة تود إرضاءه .

قررت الزوجة منذ بداية حياتهما أن لاتقدم له وجبة الفطور إلا ومعها صحن بيض.
وخوفا من أن يمل الزوج من البيض يوميا ، اجتهدت وقالت يوم تقدم لزوجها بيضا مسلوقا ، واليوم الذي يليه تقدم له بيضا مقليا متوقعة أنها سوف تنال رضاه ، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن .

عندما تقدم له البيض مسلوقا , يتضجر ويشتمها ويقيم الدنيا ولا يقعدها ، قائلا أنا اليوم كنت أريده مقليا !!
وعندما تقدمه له مقليا ، يشتم ويصرخ ، ويقيم الدنيا ولايقعدها ، قائلا أنا اليوم أريده مسلوقا .

فكرت الزوجة الحليمة ، مليا في الأمر وكانت ذات إرادة وطموح عجيب ، بحيث أصرت على حل مشكلة الفطور من أجل إسعاد زوجها وكانت ذكية فتوصلت لما يلي : 
قالت مع نفسها وجدت الحل ! وجدت الحل ! 
استيقظت في اليوم التالي : 

جهزت الفطور لزوجها ومعه صحنين من البيض الأول به بيض مسلوق والثاني به بيض مقلي ، وتوقعت أنه سوف يشكرها .. ولكن !!

تضجر الزوج أكثر من الأيام السابقة قائلا :
أنت لا تفهمين .. أنت غبية و..... 
وأقام الدنيا ولم يقعدها ، والزوجة صامتة تنظر إليه ، وتنتظر سماع الأسباب ، فاسترسل الزوج في شتمه لها ثم قال : ألا تفهمين ؟ 

البيض الذي كنت أرغب أن أتناوله مسلوقا قمتِ بقليه ، والذي كنت أرغب فيه مقليا سلقتيه !!! 
ماهذه الكارثة ؟!!

فعلا إنها كارثة!!

العبرة من القصة :
١- قد يتعنت البعض ويستبد برأيه ، وقد يكون الرأي الخطأ !
٢- قد يفقد محبة واحترام من حوله بسبب تعنته.
٣- كن ممنونا لمن يحاول أن يرضيك بشتى الوسائل ، أشعر به فقط .

_____________
(١٦)

[لست تائهاً]


توقف مسافر ذات يوم ونادى على رجل من أهل القرية قائلاً :
أنا بحاجة لمساعدتك فقد تهت !!
فقال الرجل :
هل تعرف أين أنت ؟
قال المسافر :
نعم ، قرأت اللافتة على مدخل القرية، قال الرجل :
فهل تعرف أين تريد ؟
قال المسافر :
نعم ، وذكر له الوجهة ...
فقال الرجل :
أنت لست تائهاً أنت فقط بحاجه للتوجيه .

المقصد من ذلك :
١- لا تخشى من التحرك البطئ ، اخش من الوقوف فى مكان كما يقول المثل الصينى .
٢- المرء الذى أقدم على البداية قد قطع نصف الطريق .

____________
(١٧)

[رؤية الأشياء بعيون الآخرين]


يقول صاحب القصة :
في العام الماضي ، كنت في حاجة إلى سكرتير خاص ، ونشرت إعلانا في إحدى الصحف وراهنت على الحصول على 300 طلب لهذا الإعلان ...
جميعهم كانوا يبدأون طلباتهم بعبارات مثل ( هذا رد على إعلانكم في صنداي تايمز تحت رقم صندوق 299) أود أن أتقدم بطلب لشغل الوظيفة التي تعرضونها ، وعمري 26 عاما ... الخ.
لكن إحدى السيدات كانت ذكية ، ولم تتحدث عما تريد هي بل تحدثت عما أريده أنا وكتبت في طلبها تقول: (سيدي العزيز قد تتسلم 200 أو 300 رسالة ردا على إعلانكم فأنت رجل مشغول وليس لديك وقت لقراءة كل هذه الرسائل ...
فإذا التقطت الهاتف الآن واتصلت بالرقم (كذا) أو أيا كان الرقم فيسعدني أن آتيك وأساعدك في فتح الخطابات واستبعاد السيئ منها وأضع الباقي على مكتبك ...
لدي 15 عاما خبرة في هذا المجال
ثم بدأت تتحدث عن الرجال المهمين الذين اشتغلت معهم .
لحظة أن تسلمت هذا الخطاب شعرت أنني أرقص فوق المائدة وعلى الفور أخذت رقم الهاتف وطلبت منها الحضور لكنى قد تأخرت حيث استقبلها آخرون !!
سكرتيرة مثل تلك لا بد أن يكون عالم التجارة مهتما بها.

(ديل كارينجي)

__________
(١٨)

[أصدقاء طيبون رائعون]



 أصيب صبي شاب بمرض السرطان وأدخل المستشفى لعدة أسابيع حيث كان يتلقى علاجا كيميائيا وإشعاعيا. وأثناء العلاج فقد جميع شعره.

في طريق عودته إلى البيت من المستشفى شعر بالقلق، ليس من السرطان بل من الإحراج الذي سيشعر به عندما يذهب إلى المدرسة برأس أصلع. 

وكان قد قرّر أن يرتدي باروكة (شعر مستعار) أو قبعة.
عندما وصل إلى البيت مشى أمام الباب وأضاء الأنوار ورأى أمرا فاجأه ! 

كان هناك حوالي خمسين من أصدقائه يقفزون ويهزجون مردّدين بصوت واحد : 

مرحبا بعودتك إلى البيت ! 

نظر الصبي حوله ولم يصدّق عينيه. كان كل أصدقائه الخمسين حليقي الرؤوس !


ألا يسرّنا أن يكون لنا أصدقاء يهتمون بنا ويتلمسون آلامنا ويتعاطفون معنا لدرجة أن يضحوا بأي شئ مهما كان صغيرا أو رمزيا طالما كان ذلك يشعرنا بالاحتواء والسلوى والمحبة ؟ 


 من الصعب في عالم اليوم أن تعثر على مثل أولئك الأصدقاء ؛ ولكن وعظتنى نفسى فقالت:

إذا لم تجد الأصدقاء فيمن هم حولك ... حاول أنت أن تكون الصديق لمن هم حولك .

___________
(١٩)

[
رجل واحد قد يغير فكر دولة بأكملها]


يحكى أن في إحدى المقاطعات الأمريكية تم جلب رجل عجوز قام بسرقة رغيف خبز ليمثل أمام المحكمة ، واعترف هذا العجوز بفعلته ولم يحاول أن ينكرها لكنه برر ذلك بقوله : " كنت أتضور جوعاً ، كدت أن أموت".

القاضي قال له : " أنت تعرف أنك سارق وسوف أحكم عليك بدفع 10 دولارات وأعرف أنك لا تملكها لأنك سرقت رغيف خبز ، لذلك سأدفعها عنك".

صمت جميع الحضور في تلك اللحظة ، وشاهدوا القاضي يخرج 10 دولارات من جيبه ويطلب أن تودع في الخزينة كبدل حكم هذا العجوز.

ثم وقف فنظر إلى الحاضرين وقال : " محكوم عليكم جميعاً بدفع 10 دولارات ، لأنكم تعيشون في بلدة يضطر فيها الفقير إلى سرقة رغيف خبز".

في تلك الجلسة تم جمع 480 دولاراً ومنحها القاضي للرجل العجوز.

العبرة : يجب أن ندرك بأن رجلاً واحداً قد يغير فكر دولة بأكملها.

_________
(٢٠)

[للأخلاق ثمن]


يحكى ان صاحب مقهى إيطالي أراد أن يعلم الناس الأخلاق

 فوضع لوحة على محله كتب عليها :

واحد قهوة = 3 يورو ....

لو سمحت واحد قهوة = 2 يورو .

صباح الخير واحد قهوة لوسمحت = 1يورو

 للأخلاق ثمن 
____________
(٢١)

[الملك الظالم]


ذات مرة كان هناك ملك قاس ٍ وظالم جداً إلى درجة جعلت رعيته يتوقون إلى موته أو خلعه عن عرشه.

لكنه فاجأ الجميع ذات يوم بإعلانه عن قراره ببدء صفحة جديدة. فوعد الجميع قائلاً: "لا مزيد من القسوة والظلم." 
وبدا ملكاً صالحاً وفقاً للكلمة التي أعطاها للشعب فأصبح معروفاً بالملك الطيب.
بعد مرور أشهر على تحوله هذا، تجرأ أحد وزرائه على سؤاله عن سبب تغيره...

فأجاب الملك: "بينما كنت أتجول في غاباتي على صهوة حصاني، رأيت كلباً مسعوراً يطارد ثعلباً. هرب الثعلب إلى حفرته لكن بعد أن عضه الكلب في ساقه وشلها بشكل دائم. ذهبت فيما بعد إلى قرية ورأيت ذلك الكلب المسعور هناك. كان ينبح في وجه إحدى الرجال، وبينما كنت أراقب التقط الرجل حجراً كبيراً وألقاه على ذلك الكلب فكسر ساقه. لم يمض الرجل بعيداً قبل أن يرفسه حصان ويحطم ركبته ليصبح مقعدا ًمدى الحياة. بدأ الحصان بالعدو لكنه وقع في حفرة وكسرت ساقه.
تأملت في كل ما حدث وفكرت: "الشر يولد شراً. إذا واصلت أساليبي الشريرة، فلا شك أن الشر سينال مني يوماً. لذلك قررت أن أتغير."

ذهب الوزير مقتنعاً بأن الأوان قد آن للانقلاب على الملك والاستيلاء على العرش. وبينما كان غارقا في أفكاره تلك، لم يكن يرى خطواته أمامه فسقط أرضاً وكسر عنقه.

العبرة من القصة :
في وقت ما ..يجب أن يقف كل منا وقفة حساب مع نفسه وقفة صادقة يعرف فيها أخطائه ومحاسنه ويقوم بالتغيير للأفضل....

_______
(٢٢)

[بائع الجوارب]



 يقول...

حضرتُ قبل سنوات دورة في الإدارة والاستثمار في ( كلية إنسياد ) في فرنسا، وكان أحد زملائي في الفصل طالباً أسترالياً قد شارف على الخمسين من عمره، سألته في أحد المساءات عن سبب حضوره لتلك الدورة التي استمرت شهراً؟
فقال لي بأنه يريد أن يؤسس شركة لبيع الجوارب من خلال الإنترنت، وما يميز شركته أنها ستبيع الجوارب السود والبيض فقط.
وعندما سألته عن السبب، قال إن «الدراسة» التي قام بها أشارت إلى أن معظم الناس يلبسون هذين اللونين، وسوف يعمل على إيصال الجوارب إلى منازل المشترين حتى لا يتكبدوا عناء الذهاب إلى السوق.
 سكتُ مستغرباً، حيث سافر هذا الرجل قاطعاً نصف الكرة الأرضية بالطائرة، واستثمر أكثر من عشرين ألف يورو ليحضر دورة من أجل مشروع صغير!
سألته على استحياء عن سبب حضوره الدورة مرة أخرى، فقال لي: «حتى أتعلّم الطرق الصحيحة لبيع الجوارب». 

_________
(٢٣)

[الروب الاسود]


في عام 1791 وبالتحديد في فرنسا كان أحد القضاة الفرنسيين جالسا في شرفة منزله يستنشق الهواء وبالصدفة شاهد مشاجرة بين شخصين انتهت بقتل أحدهما وهرب الشخص القاتل !!
أسرع أحد الأشخاص إلى مكان الجريمه وأخذ القتيل وذهب به إلى المستشفى لإسعافه ولكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيره ومات .. 
فاتهمت الشرطة الشخص المنقذ وكان بريئا من هذه التهمة ، وللأسف فقد كان القاضي هو الذي سيحكم في القضية .
وحيث أن القانون الفرنسي لا يعترف إلا بالدلائل والقرائن ؛ فقد حكم القاضي على الشخص البرئ بالإعدام . 
على الرغم أن القاضي نفسه هو شاهد على الجريمة التي وقعت أمام منزله وبمرور الأيام ظل القاضي يؤنب نفسه المعذبة بهذا الخطأ الفادح .
ولكي يرتاح من عذاب الضمير ، اعترف أمام الرأي العام بأنه أخطأ في هذه القضية وحكم على شخص برئ بالإعدام !
فثار الرأي العام ضده واتهمه بأنه ليس عنده أمانة ولا ضمير!

وذات يوم أثناء النظر في إحدى القضايا وكان هذا القاضي هو نفسه رئيس المحكمة فوجد المحامي الذي وقف أمامه لكي يترافع في القضية مرتديا الروب الأسود.
فسأله القاضي : لماذا ترتدي هذا الروب الأسود؟

 فقال له المحامي : 

لكي أذكرك بما فعلته من قبل وحكمت ظلما على شخص برئ بالإعدام 
 ومنذ تلك الواقعة وأصبح الروب الأسود هو الزي الرسمي في مهنة المحاماه ومن فرنسا إنتقل إلى سائر الدول .


العبرة من القصة :
إذا وضعتك الظروف في موقف الحكم
 فاحرص على إظهار الحقيقة مهما كان فهي أمانة .. ولاتظلم ....

_________
(٢٤)

[ألقِ أنت بذورك أيضاً]


يحكى أن رجلاً كان يسكن في مدينة كبيرة ويعمل في أحد المصانع التي تبعد عن منزله مدة خمسين دقيقة. 
وذات يوم وهو صاعد كعادته إلى إحدى المحطات صعدت معه إمرة كبيرة في السن، وكانت تلك المرأة تحاول دائما الجلوس بجانب النافذة. 
كانت تفتح حقيبتها، وتخرج كيسا من البذور وتلقي شيئا من البذور عبر النافذة .
سأل ذلك الرجل المرأة عن ماذا تلقي من تلك النافذة؟
أجابته قائله: ألقي البذور . 
قال الرجل: بذور ؟ بذور ماذا؟ 
قالت: بذور الورد. 
فعندما أنظر من تلك النافذة أرى الطريق كله فارغ ، لذلك أريد أن أسافر وأرى الورود ذات الألوان الجميلة طيلة الطريق.
تخيل كم هو جميل ذلك المنظر!

قال الرجل: ولكن البذور سوف تقع على الرصيف وسيدمرها المركبات والمشاة...
وهل تظنين أن هذه الورود يمكنها أن تنمو على حافة الطريق؟ 

أجابت المرأة قائله: يا بني ! أظن أن الكثير من هذه البذور سوف تضيع ،  ولكن بعض هذه البذور ستقع على التراب وسيأتي الوقت الذي فيه ستزدهر.... وهكذا... بإمكانها أن تنمو؟ 
قال الرجل: لكن هذه البذور تحتاج إلى الماء لتنمو ... 
قالت: نعم أنا ساعمل واجبي. وهناك أيام المطر.
قالت السيدة: إذا لم اقذف أنا البذور، هذه البذور لا يمكنها أن تنمو. 
قالت السيدة هذا الكلام، وأدارت رأسها إلى النافذة المفتوحة، 
وبدأت ” عملها“ كالمعتاد.

نزل الرجل من الباص، وهو يظن أن المرأة قد ”خرفت“.

مضت الأيام ...
وفي يوم من الأيام في نفس ذلك الطريق، جلس نفس الرجل بجانب النافذة، رفع بصره ونظر فإذا به يرى ورود جميلة وكثيرة ومعطر وملونة تملئ الطريق....
تذكر الرجل تلك المرأة الكبيرة وسأل عنها بائع تذاكر الباص الذي يعرف الجميع.
فقال: أين تلك المرأة التي كانت تلقي بذوراً من النافذة ؟ 
فأجاب: ماتت على أثر نزلة صدرية.
عاد الرجل إلى مكانه وواصل النظر من النافذة، ممتعاً عيناه بمنظر القرية المزهرة.
فكر الرجل في نفسه وقال ” الورود تفتحت“ ولكن ماذا نفع المرأة الكبيرة هذا العمل؟ 
فهي قد ماتت ولم تتمتع بهذا الجمال.
وفي نفس اللحظات، سمع الرجل ابتسامات طفلة من المقعد الذي أمامه جلست طفلة تؤشر بحماس من النافذة قائلة: 
انظر كم هو جميل!!!
يا إلهي كم ورود في الطريق... ما هو اسم هذه الورود؟؟ 
وفي تلك اللحظات فهم الرجل ما كانت قد فعلته تلك المرأة.
حتى ولو أنها لم تتأمل جمال الزهور التي زرعتها، فإنها سعيدة.


في النهاية لقد منحت هدية عظيمة للناس.
ألقِ أنت أيضا بذورك...

العبرة من القصة :
لا يهم إذا لم تتمتع أنت برؤية الأزهار! 
بالتأكيد أحدٌ ما سيستمتع به يوم من الأيام ويستقبل الحب الذي نثرته ...

__________
(٢٥)

[كيف تفجر القوة الكامنة؟]


همت مجموعة من اللاجئين بالفرار من إحدى مناطق الحرب باختراق إحدى البقاع شديدة الوعورة في بلادهم، وبينما كان هؤلاء اللاجئون على وشك الرحيل اقترب منهم رجل عجوز ضعيف وامرأة واهية الصحة تحمل على كتفها طفلاً، وافق قادة اللاجئين على أن يصطحبوا معهم الرجل والمرأة بشرط أن يتحملاً مسؤولية السير بنفسيهما، أما الطفل الصغير فاللاجئون سيتبادلون حمله . . بعد مرور عدة أيام في الرحلة وقع الرجل العجوز على الأرض وقال أن التعب قد بلغ به مبلغه وأنه لن يستطيع أن يواصل السير وتوسل الى قادة اللاجئين ليتركوه يموت ويرحلوا هم إلى حال سبيلهم. وفي مواجهة الحقيقة القاسية للموقف قرر قادة المجموعة أن يتركوا الرجل يموت ويكملوا هم المسيرة، وفجأة وضعت الأم طفلــــها بين يـــــدي الرجــل العجوز، وقالت له أن دوره قد حان لحمل الطفل ثم لحقت بالمجموعة، ولم تنظر هذه السيـــــدة إلى الخلف إلا بعــــد عدة دقائق، ولكنها عندما نظرت إلى الخلف رأت الرجل العجوز يهرول مسرعاً للحاق بالمجموعة والطفل بين يديه !!!!

توضح هذه القصة :
أنه عندما يضع الإنسان هدفاً جديداً يتفجر في داخله معين لا ينضب من القوة والشجاعة والتصميم، مع أن هذا المعين لم يكن موجوداً من قبل، إن الأفراد الذين بلغ بهم التعب مبلغه واصبحوا يعانون من فتور الهمة والخوف من مواصلة الحياة غالباً ما يعانون من نقص الحافز أو انعدامه، وهذا يعني انهم إما قد زاغ بصرهم على أهدافهم وإما أنهم في حاجة إلى وضع أهداف جديدة.

ولكن قد يتبادر هذا السؤال :
ما حدود الصَّبر في النَّفس البشريَّة؟
وما المَدَى الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان في تحمُّل الألم، أو الامتناع عن اللَّذَّة المُشْتَهاة، أو ارتقاء مدارج تكميل النفس البشرية؟

لَطالَما لقَّن الآباءُ أبناءهم، والأساتذةُ تلاميذَهم، أنَّ للبشر حدودًا لا يستطيعون تجاوُزَها، وهم في ذلك مُحِقُّون بلا ريب؛ فإن المربِّيَ مطالَب بأن يحمي مَن يُعَلِّمهم مِن غوائل الحماس الفائر، والانبعاث غير المُنضَبِط؛ وهو لذلك يَستعمل كلَّ ما يملكه من الأدوات والوسائل؛ ليكبح جِمَاحهم، وليس يوجد في الموانع والكوابح أقوى من الكابح، الذَّاتي الذي يأخذ بِرَسَنِ النَّفْس، ويمنعها من الانطلاق، على حدِّ قول الشَّاعر في انكفاء النَّفس عن خصوص الخصال القبيحة:
فَالمُربُّون إذًا يضعون الأَسْوِجة الحافظة، ويَنْفثون في رُوعِ الطِّفل مبادئ الوقاية، وأصول الحماية، فإذا كبِر هؤلاء الأطفال، بقوا - في الغالب - مُحْتمين وراء تلك الضوابط الأصلية، لا يفارقونها إلاَّ لإكراه أو ضرورة، وقلَّ منهم من يَنْزع تلك القيود اختيارًا، ولا يكون ذلك إلاَّ لهِمَّة سامقة تُناطح الجبال، يُسايرها حِداءُ الرغبة، أو مانع الرَّهبة.

هذه الهِمَّة العالية موجودة عند أغلب الناس، لكنَّها في حالة سُبات داخل النَّفْس البشرية، ولا تظهر إلاَّ عند الاضطرار المُلْجِئ:

• تكون الأمُّ وديعة حانية، فإذا تعَرَّض وليدها للخطر، تحوَّلَت إلى لَبُؤة شَرِسة، تتحدَّى الصِّعاب، وتركب الأهوال، بلا تردُّد ولا وجل.

• ويكون الرَّجل الضعيف هادئًا مُسالمًا، فإذا خُدش في عِرْضه، تفَجَّرت براكين غضبه، وأظهر من الشجاعة وقوة النفس، ما لا يتأتَّى نظيره لقوي الجسد، مفتول العضلات.

• ويُوضَع الرجل الذي أَلِف خفْضَ العيش، وطراوة الحياة، في زنزانة مظلمة مُوحِشَة، يقع عليه فيها أصناف من الظُّلم، وألوان من الأذى في نفسه وبدنه، فإذا به يَستخرِج من أعماق مُهْجته من الصبر على الأذى، وتحمُّل المشقة، ما لم يكن يخطر له مِن قَبلُ على بال.

• وتكون الشُّعوب راكعة خانعة، فإذا طعَنَها الطُّغاة الجبابرة في أقدس مُقَدَّساتها، الذي به قِوَام حياتها، وبهجة عيشها، انطلَقَت من قُمْقُمِها، كالنَّهر الطَّامي، والسيل الجارف.

الهِمَّة العالية موجودة إذًا داخل النفوس البشرية، متستِّرة تحت ركام من قيود التربية، وضغوط المجتمع، وجُبْن الطبائع.

وهي تَخرج إلى العلن في بعض الحالات الاستثنائية الخاصَّة، ولكن كيف السبيل إلى إخراجها في غير تلك الحالات؟ وكيف يمكن تفجير القُوَّة التي تحملها النَّفس؛ لِتَظهر في أوقات الدَّعَة والطُّمَأنينة، فترفع صاحبها إلى مصافِّ العظماء؟

إنَّ الإيمان كفيلٌ بإخراج هذه القوَّة المستَتِرة.
ونقصد بالإيمان هنا معناه العامَّ، الذي يشمل كلَّ اعتقاد راسخ في قضيَّة سامية، أو مبدأٍ إنساني خالد، وليس محصوراً في الاعتقاد الإسلامي الصحيح، الذي لا نَجاة في الدنيا والآخرة إلا به.

ودليل هذا التَّعميم، ما رأيناه مِرارًا عَبْرَ التاريخ من انبعاث القوى الخلاَّقة، من جوف عقائد مخالفة للحقِّ الصريح.

ويحضرني من ذلك مثالان، أوَّلهُما في إنشاء الممالك، وقيادة الأمم؛ والثاني في البطولة الفردية، وسمُوِّ الذات:

فأما الأول: فالثائر الماركسيُّ الأرجنتيني "تشي غيفارا"، الذي أمضى حياته متنقِّلاً في بلاد أمريكا الجنوبية وإفريقيا؛ لِنَشْر ما يظنُّه حقًّا، وللدِّفاع عمَّا يعتقده صَوابًا من الأفكار والمبادئ، ولَمَّا انتصرت ثورتُه في كوبا، لم يلبث إلاَّ قليلاً في منصبه الوزاري، حتى انتقل مرَّة أخرى إلى حياة الأَحْراش والغابات؛ لِيُشعل الثورة من جديد، وبقي على تلك الحال إلى أن قُتِل في بعض غابات بوليفيا.

وأمثال الرجل من الثوريِّين ومؤسِّسي الدُّول، لا يأتي عليهم الإحصاء في التاريخ الحديث والقديم.

وأما الثاني: فالطيار العسكريُّ البريطاني "دوجلاس بيدر" (Douglas Bader) الذي فقد رِجْليه معًا في حادثِ طائرة سنة 1931، وكان جميع من حوله ينتظرون موته؛ لِخَطر إصابته، لكنه تشبَّث بالحياة، وشرع يستعمل رجلين اصطناعيتين للمشي، وعلى الرغم من زَعْم الآخرين أنه لن يستطيع المشي بغير عُكَّازتين، فقد تحدَّاهم وأثبت عكس ما قالوه، بل زاد على ذلك بأن تمَكَّن من سياقة السيارة، وممارسة بعض أنواع الرِّياضة.

ولم تمض غيرُ أعوام قليلة، حتى انطلق إلى قيادة الطائرات الحربية من جديد، وشارك في معارك الحَرْب العالمية الثانية، وحَقَّق فيها انتصارات كبيرة، وفي سنة 1941، أُسقطت طائرته، وأسَرَه الألمان بعد أن فقد رجليه الاصطناعيتين، واتَّفقت الدَّولتان المتحاربتان على السماح للبريطانيين بإرسال رِجْلَين أُخْرَيَيْن للطيار الأسير، وقد حاول "دوجلاس" مرَّات متعدِّدة أن يفرَّ من حبسه، ولم يملك الألمان لمنعه من الفرار إلاَّ أن نزعوا منه رجليه مرة أخرى!

وما أكثر الذين يشابهون "دوجلاس" هذا في هِمَّته العالية، وقدرته الخارقة على تحدِّي الصعوبات، وكسر العقبات.

إنَّ آفة الآفات عند شباب اليوم ضَعْفُ المُثُل العليا، وضمور جانب المبادئ التي تُثْمِر المواقفَ، والخواء الرُّوحي الذي يُطغي مطالب الجسد على لذَّات الرُّوح، همُّهم اليوم اتِّباع الشهوات البهيمية، وحاديهم في عيشهم إملاءات (الهرمونات) المشتعلة.

وكل ذلك في الأفراد، يُنْتِج على الصعيد الجماعي مجتمعاتٍ تستشري فيها ثقافة الخوَر والجُبن؛ ودُولاً تشيع فيها الجبريَّة السياسية، والانحراف الفكري، والضياعُ الأخلاقي، وأُمَّةً مهزومة تستمرئ الهزيمة، وتقبل حياة الخنوع.

ولو قارنَّا شباب اليوم بشباب عَشر السِّتين وعَشر السَّبعين من القرن الميلادي العشرين، لاَنْدهشنا؛ للتفاوت الكبير في الاهتمامات الفِكْريَّة، والحماس العمَلِي، فقد كان شُبَّان تلك الأوقات أكثرَ استعدادًا للعمل، وإن كانت العقائد السائدة في تلك الآونة خليطًا من الأباطيل والضَّلالات.

فإذا ترَكْنا الجانب الفردي، وانتقلنا إلى جانب بَعْث الأُمَّة وإيقاظها من رَقْدتها الطويلة، وجدنا أن أخطر شيء تُعاني منه الأمَّة في زمننا هذا هو الهزيمة النَّفسية الخانقة، التي تجعل ما نحن فيه من التخلُّف الاقتصادي، والتَّبعية السِّياسية، والخضوع العسكري، أمْرًا لازمًا لا سبيل إلى دَفْعه، ولِسانُ حال كثير من الناس في زماننا هذا: "لا يمكننا التغيير ولا الإصلاح؛ فإنَّ العراقيل والعقبات التي تُجابهنا أكبر من أن نستطيع مقاوَمَتها".

ولو رجعنا إلى زمن الحروب الصَّليبية، لوجدنا النَّصارى الصَّليبيين قد احتلُّوا الساحل الشامي كلَّه لمدَّة تقرب من القرنين من الزمان، واحتلوا القدس ودَنَّسوا المسجد الأقصى لبضع وتسعين سنة، ثم اندحروا مهزومين، ورجعوا إلى بلادهم خائبين.

ولكن الفَرق الجوهري بيننا اليومَ وبين المسلمين في ذلك الزمن: أنَّهم آنذاك لم يعترفوا قطُّ بالهزيمة خلال تلك العقود الطويلة، ولا أقرُّوا للغاصبين بشرعيَّة وجودهم على أرض الإسلام، ولا ارتابوا يومًا في أنَّ القدس سترجع لا محالة إلى حكم المسلمين.

يقول "نابليون بونابرت" إمبراطور فرنسا، الذي دانت له أوربا كلُّها في بضع سنين: "المُستحيل ملْجَأُ الجُبَناء".

فأمَّا أهل الشجاعة والهمَّة العالية من خيار هذه الأمَّة، فليس عندهم في هذا الميدان مُحال، ما دامت القلوب تنبض بالحماس، وتفور بالعزم الأكيد.

وعودًا على بدء، نقول: نحتاج إلى إحياء هذه الهِمَّة العالية التي تُخالف المألوف، وتهدم قيود الضعف البشري، وإنَّ بأيدينا ما يُمكِّننا من ذلك، لو أننا نستطيع التنَبُّه إليه.

بأيدينا عقيدة سليمة من كلِّ عيب، مبرَّأة من كلِّ نقص، سهلة المأخذ، رائقة الرِّواء، قوية الأثر، حمَلَها منذ خمسة عشر قرنًا قومٌ من العرب، لم يكن في المعمورة أضعف منهم، ففتحوا بها ما بين المشرق والمغرب في سنوات معدودات.

وبأيدينا تشريع مُحْكَم، يحفظ حقوق النَّاس أجمعين، وينظِّم العلائق بين الحُكَّام والمحكومين، وبين الفرد ومجتمعه، وبين الرِّجال والنساء، وبين الصغار والكبار.

وبأيدينا تاريخ مليء بالأمجاد، مُتْرَع بالانتصارات، تتخلَّلها آلاف العِبَر للمعتبرين، والعِظَات للمُتَّعظين، وفي ذاك الخِضَمِّ الحافل مئاتٌ من العلماء والعُبَّاد والمجاهدين والأمراء، ممن يصلح كلُّ واحد منهم أن يكون قدوة لشبابنا وكهولنا وشيوخنا.

فإحياء الهِمَّة العالية يكون بتجديد العقيدة في النُّفوس، وتطبيق الشريعة في الأفراد والمجتمعات، والتعريف بالتاريخ الإسلامي المجيد وأهله الأبطال.

____________
(٢٦)

[كيف تتقن مهارة قراءة لغة الجسد ؟]


ويشتمل على :
- بداية الاهتمام بلغة الجسد 
- كيف تقرأ لغة الجسد ؟
- لغة الجسد في البلاد وسوء التفاهم
- لغة التقارب
- قراءه لغه الجسد
- على ماذا تدل حركات الإنسان والوضعيات التي يتخذها الجسم لا إرادياً؟
- بعض الأشياء التي يمكن أن تجربها
- حركات الوجة التي تساعدك في قراءة الشخصية التي أمامك من خلال هذه اللغة ؛ فماذا تعني هذه الحركات ؟
- وسائل لغة الجسد
- نصائح 




• بداية الاهتمام بلغة الجسد :

لغة الجسد تلك الحركات التي يقوم بها بعض الأفراد مستخدمين أيديهم أو تعبيرات الوجه أو أقدامهم أو نبرات صوتهم أو هز الكتف أو الرأس، ليفهم المخاطَب بشكل أفضل المعلومة التي يريد أن تصل إليه وهناك بعض الأشخاص الحذرين والأكثر حرصًا وأولئك الذين يستطيعون تثبيت ملامح الوجه وأولئك الذين لا يريدون الإفصاح عما بداخلهم فهم المتحفظون ولكن يمكن أيضًا معرفة انطباعاتهم من خلال وسائل أخرى.

وفي دراسة قام بها أحد علماء النفس اكتشف أن 7% فقط من الاتصال يكون بالكلمات و 38% بنبرة الصوت و 55% بلغة الجسد، ولو اختلفت الكلمات ولغة الجسد فإن الفرد يميل إلى تصديق لغة الجسد على الرغم من استخدام لغة الجسد على مدى ملايين السنين من تاريخ النشء الإنساني إلا أن مظاهر الاتصال غير الشفهي لم تدرس عمليًا على أي مقياس إلا منذ الستينيات من القرن الماضي، خصوصًا عندما نشر دجوليوس فاست كتابه عن لغة الجسد عام 1970.

تقنيًا يعد كتاب "التعبير عن العواطف لدى الإنسان 1872" من أكثر الكتب تأثيرًا في هذا المجال، وقد كتب على إثره الكثير من الدراسات الحديثة لتعبيرات الوجه ولغة الجسد, كما تم تأييد وإثبات الكثير من أفكاره، ومنذ ذلك الحين سجلت البحوث حوالي مليون تلميح وإشارة غير شفهية، وتوصل (البرت مهربيان) في إحدى دراساته إلى أن مجموع أثر الرسالة يقسم إلى (7% كلمات فقط، 38% صوتي أي نبرة الصوت، 55% غير شفهي).

وقام البروفسور (برد هويسل) ببعض التقديرات المماثلة وتوصل إلى أن الشخص العادي يتحث بالكلمات ما يناهز عشر دقائق في اليوم الواحد وأن الجملة المتوسطة تستغرق حوالي الثانيتين والنصف. ويتفق معظم الباحثين على أن القناة الشفهية تستخدم أساسًا لنقل المعلومات، في حين أن القناة غير الشفهية تستخدم للتفاوض في المواقف ما بين الأشخاص، وفي بعض الحالات كبديل للرسائل الشفهية.

• لغة الجسد في البلاد وسوء التفاهم:

لغة الجسد تختلف من بلد إلى أخر لذلك يحدث أحياناً سوء تفاهم.
فعلى سبيل المثال في كوريا إذا أراد الكوريون التعبير بلغة الجسد عن "لو سمحت أن تحضر إلى هنا"
 فهم يوجهون ظهر اليد إلى أعلى ويحركون اليد من الأمام إلى الخلف. في حين أن تلك الحركة في بعض البلاد تعني "لو سمحت اذهب إلى هناك"..
 لذلك قد يسيء بعض الاجانب فهم الكوريين عندما يقومون بهذه الحركة، ويذهبون بدلاً من أن يأتوا. 
وإذا وجه الكوريين ظهر اليد إلى أسفل بدلاً من الأعلى فهم يستخدمون هذه الحركة للنداء على الحيوانات.

وإن تحدثنا عن استخدامات الأصابع فرفع السبابة تعني "شيء واحد" أو "واحد"، ورفع الإبهام يعني "الأفضل"، وعند العد على أيديهم يبدأ الكوريون العد بداية من الإبهام ، وعند قطع الوعد يقومون بوعد الخنصر. إذا قمت بعمل شكل دائرة مستخدماً السبابة والإبهام فهي تعني في معظم البلاد "أوكي"(حسناً) ولكن في كوريا تعني كذلك النقود.

• لغة التقارب:

عرفها ادوارد تي هول عام 1966 بأنها دراسة لقياس المسافة بين الأشخاص عندما يتفاعلون مع بعضهم البعض . وتعد المسافة بين الأشخاص في الوضع الاجتماعي غالبا ما تفصح عن معلومات حول طبيعة العلاقة بين الأشخاص المتفاعلين. و قد تكشف أيضا نوع الوضع الاجتماعي الحالي .

• كيف تتقن مهارة قراءة لغة الجسد ؟

من المهارات التي يبحث الكثير عنها للحصول علىها هي مهارة قراءة لغة الجسد ، فهناك العديد من الندوات والبرامج لتعلم كيفية قراءة لغة الجسد فالكثير يبحث عن تلك المهارة ليستطيع فهم من حوله والتواصل معهم بصورة صحيحة. وهناك الكثير ممن يستطيعون فهم من حولهم ويمتلكون تلك المهارة بشكل فطري وآخرين يبحثون لتعلم تلك المهارة .

لغة الجسد هي إشارات غير لفظية نستخدمها للتواصل ، ووفقا للعلماء والباحثين، فإن هذه الإشارات غير اللفظية تشكل جزءا كبيرا من التواصل اليومي ، بدءاً من تعابير الوجه إلى حركات الجسم ، وكذلك الأمور التي لا نقولها  ونعبر عنها بالجسد يمكن أن تنقل كميات كثيرة من المعلومات. 

ووفقا للدراسات والأبحاث المختلفة، فإن لغة الجسد تشكل ما بين 50 إلى 70 في المئة من جميع الاتصالات. 

إن فهم لغة الجسد هو في غاية الاهمية ومن الضروريات في نواحي مختلفة من حياتنا. 

• كيف تقرأ لغة الجسد ؟

تم عمل دراسه بجامعه بنسلفانيا بالولايات المتحده لمعرفه مدى تأثير لفة الجسد فى الانطباع الذى يبنيه الناس عنك و كانت النتائج مذهله, فقد وجد أن :
نسبة ٥٥٪  من الانطباع يؤخد من حركاتك و وضعك
ونسبة ٣٨٪ من الانطباع يؤخذ من نبره الصوت
ونسبة ٧٪ فقط من الكلام الذى تقوله!!!

أي أن لغة الجسد تمثل ٩٣٪ من الانطباع الذى يؤخذ عنك (حركاتك + نبرة صوتك)

معنى هذا أن ٩٣٪ مما تقوله لا يخرج من فمك و إنما من لغة جسدك.
و لكن أليس ٩٣٪ رقم مبالغ فيه؟

إذا فكرت في ذلك ستجد أن الرقم منطقى جدا ففى أى مجتمع يوجد الكذاب ، المنافق وغيرهم ممن لا يستطيع التعبير عن رأيه و من يكتم رأيه لمصلحه شخصيه ، كل هولاء يحاولون كتمان ما فى أنفسهم ولكنه يظهر عن طريق لغة جسدهم دون أن يشعروا. 
لقد وجد الباحثون أن أى تغير فى المشاعر يصحبه تغير فى لغة الجسد ، و لذلك أصبح من الممكن معرفه شعور الآخرين من مجرد مراقبتنا للغة جسدهم.

من ذلك :

الاقتراب جسديا:
يجب علىك ملاحظة كيف يقترب منك الناس جسديا، فمساحة الاقتراب منك تحدد علاقتهم بك، فهناك من يقترب منك بشكل أكبر ليصرح بدفء علاقته معك وأنه يتماثل معك فكريا، افعل أنت أيضا ذلك حاول أن تقترب جسديا من الأشخاص وراقب ردود أفعالهم، فإن حاولوا الابتعاد عنك فهذا يعني عدم رغبتهم في التفاعل والاقتراب منك.

الرأس:
حركة الرأس تفصح عن الكثير من لغة الجسد للشخص، فالرؤوس المتحجرة بمكانها الناظرة بمكان واحد تعني التحدي لمن تنظر إليه، أما الرؤوس التي تتحرك بشكل مميل دائما فهي تنم عن الشخص المازح العاطفي الودود أما انخفاض الرأس فربما يعني الخجل من شئ ما، وامتزاج تعبيرات الوجه بالتعبيرات الأخرى ستصبح قراءة الوجه أكثر سهولة .

العيون:
كثيرا ما يشار إلى العينين باسم “نوافذ الروح” لأنها قادرة على الكشف عن معلومات كبيرة حول شعور أو تفكير شخص ما. عند تقييم لغة الجسد الخاصة بالعينين عليك الانتباه إلى إشارات العين التالية والمعروفة : نظرات العينين و الرمش وحجم بؤبؤ العين. عدا عن ذلك فهناك الكثير ممن يتجنبون النظر والبحث في العيون لأنهم يعتقدون أنها تعني عدم احترامهم، ولكن لغة العيون تعبر عن الكثير لمعرفة الأشخاص فالمترددون الذين يشعرون بالخجل تراهم كثيرا ما ينظرون إلى الأسفل .
وستجد العصبي أو المتشتت في أمر ما كثيرا ما ينظر إلى الجانبين، أما التفكير والتركيز فستجد أصحابه ينظرون إلى نقطة بعيدة كثيرا.

الفم:
تعبيرات وحركات الفم يمكن أيضا أن تكون عنصراً أساسيا في قراءة لغة الجسد. على سبيل المثال، المضغ على الشفة السفلى قد يشير إلى أن الشخص يعاني من القلق والخوف، أو انعدام الثقة بالنفس والامان.
أما تغطية الفم في حال انتاب الشخص التثاؤب أو السعال فقد تكون محاولة بأن يكون مهذبا ، وفي حالات أخرى قد يكون أيضا محاولة للتغطية على عبوس بعدم الرضى.
بينما تشكل الابتسامة احد ركائز لغة الجسد مع أنها قد تفسر في نواح كثيرة. 
وقد تكون ابتسامة حقيقية، أو أنها يمكن أن تستخدم للتعبير عن السعادة الزائفة، النقد، أو حتى السخرية.

الأذرع:
ضم اليدين وإلصاقهم ينم إلى أن الشخص في حالة غضب وضيق، أما إذا كانت اليدين موضوعة على الأرداف فتعني الانتظار لأمر ما، أما محاولة تحريك اليدين على الرأس فهو يعني فتح أبواب التحدث .

الإشارات :
الحاجبان يوضحان الكثير من لغة الجسد فعبوسهما أو رفع أحدهما ينم عن رفض الكلام والاعتراض . تحريك اليد بصورة متكررة في الشعر يعني عدم الإعجاب بما تتحدث عنه والاختلاف معك فيما تقوله .

الأقدام:
الجلوس بوضعية القدمين المنصوبتان فوق بعضهما تعني السهولة في التحدث والمناقشة . نصب قدم ما إلى الأمام تعني أحيانا العصبية أو الانتظار .

وضعة الجسد :
كيف تكون وضعية أجسادنا هي ايضاً جزء مهم من لغة الجسد. وضعية الجسم تدل على الكثير من المعلومات حول كيف شعور الشخص فضلا عن تلميحات حول خصائصه الشخصية، مثل ما إذا كان الشخص واثق، منفتح، أو ناقد. الجلوس بشكل مستقيم، على سبيل المثال، قد تشير إلى أن الشخص يدري ما يدور من حوله وكثير التركيز، اما الجلوس والجسد في حالة انحناء إلى الأمام، يمكن أن يعني أن الشخص يشعر بالملل أو غير مبال.

• حركات الإنسان والوضعيات التي يتخذها الجسم لا إرادياً:

إذا كانت وظيفة الكلام تكمن بالتعبير عمّا نريد إيصاله إلى الغير بألطف وأهدأ طريقة ممكنة، فإن للجسد لغةً أخرى أكثر صدقاً، تكشف ما خفي من الكلام.
إذاً على ماذا تدل حركات الإنسان والوضعيات التي يتخذها الجسم لا إرادياً؟

هز القدمين :
تدل هذه الحركة على التوتر، وهي من الحركات الواضحة التي يفهمها من حولك بسهولة. لا تظهر توترك للناس، واكتف بضم أصابع قدمك أو فردها حتى تشعر بالاسترخاء.


نظرات مشتتة :
إذا كنت تتحدث في موضوع معين، وأصبحت عيناك تذهبان يميناً وشمالاً فجأة، وتتجنبان النظر إلى من أمامك، فسيكتشف الجميع بأنك تكذب.
حركة العين هي فعل لا إرادي لجسم الإنسان عندما لا يؤيد عقله ما يقوله، فيتجنب الشخص الكاذب النظر مباشرة إلى عين من يحدثه.


ذراعان مضمومان :
ضم الذراعين حول الصدر، فهذا دليل عدم الشعور بالأمان، أو الشعور بالغربة عن المكان. تحدث هذه الحركة كرد فعلٍ من الشخص عند توجيه الاتهام له، أو لو كان الشخص وسط مجموعة من الغرباء.

اللعب في الشعر :
مداعبة الشعر أو الاكسسوارات أو ساعة اليد أو الملابس، كلها حركاتٌ تدل على القلق وعدم الاقتناع بما يقال. وهي حركات كثيراً ما يلجأ إليها الموظفون خلال حواراتهم مع المدراء، والأبناء أثناء حديثهم مع الآباء أو الأمهات.

ساق فوق الأخرى :
تدل هذه الحركة في العموم على الثقة بالنفس حال كنت تجلس في مواجهة شخص آخر، لكن إن كنت تجلس بجانب آخرين، أو خلال مقابلة للعمل فلها دلالات أخرى.
إذا كانت قدمك باتجاه من تجلس بجواره، فهي دليل على الارتياح والثقة. أما إن كانت في الاتجاه المعاكس، فهي دليل عدم الاكتراث، ولا ينصح بها خاصة خلال الحديث مع الأكبر سناً أو رؤساء العمل.


يدان مفتوحتان :
كنت تشير بيدين مفتوحتين إلى أعلى فهذا دليل على الراحة، والانفتاح على من يحدثك. أما إن كانت كف اليد مفتوحة إلى الأسفل، فهذا دليل على العدائية أو عدم الشعور بالراحة.


بعض من حركات الوجة التي تساعدك في قراءة الشخصية التي أمامك من خلال هذه اللغة: 
تقوم حركات أجسامنا التلقائية و العفوية على أساس عاطفي و معرفي ، فهي غالبا ما تكون تعبير عن ما يدور داخلنا من تفكير أو عاطفة و هذا ما يعرف بلغة الجسد فهي فعلا لغة ،؟فالاستخدام الأساسي للغة هو التعبير وإيصال المعلومة وكذلك لغة الجسد فهي وسيلة يعبر فيها الجسد عن نفسه بغير تدخل من صاحبه وإذا كنت ترغب في أن تتقن فهم هذه اللغة فلا بد من تعلم أبجديتها .
حركات الوجة التي تساعدك في قراءة الشخصية التي أمامك من خلال هذه اللغة ؛ فماذا تعني هذه الحركات ؟

إبعاد الشعر عن الوجة: 
و هي حركة يقوم بها الشخص ليشعر أن ما يقوم به أو ما يقوله واضح لك ، وهي تعبر عن رغبته بأن تصدق كلامه و تشعر به ، و كذلك حركة قد يريد بها أحدهم جذب الانتباة إليه.

الابتسامة:
تفسر الأبتسامة بأكثر من طريقة وذلك بالاعتماد على الحركة المرافقة للعينين و الموقف ، و عادة ما تكون الابتسامة المزورة غير مرتبطة بحركة العينين ، و جميع معاني الابتسامة الصادقة إيجابية و تفيد الإعجاب و الإنتباه و الشعور بالأمان.

رمش الجفن المتكرر: 
إن العدد الطبيعي لحركة الجفون من 6-8 مرات في الدقيقة الواحدة ،وإن أي زيادة عن هذه الحد ما لم تكن مرتبطة بأمور عصبية ، له معني يفيد الخوف و التوتر و الترقب.

حك الانف:
يعود حك الأنف إلى زيادة نسبة الأدرينالين في الدم الذي يسبب توسع في الشعيرات الدموية مما يثير الحكة و عادة ما يستخدم الجسم الادرينالين في حالات الخوف و التوتر الشديد ،  وحك الأنف ليس مرتبطا بالكذب فقط كما يعتقد الكثيرين .

النظر للأسفل: 
إذا وجه أحد نظره إلى الأسفل مع ميل قليل للرأس باتجاه الأمام فهو غالبا ما يحاول استعطافك وإثارة شفقتك و الأطفال هم أكثر من يستخدم هذه الحركة .

الإيماء بالرأس: 
و هي تحريك الرأس بطريقة هادئة لعدة مرات متتالية للأمام وهو عادة ما يعبير عن الإهتمام والانتباه ، والحركة السريعة و القوية نوعا ما تدل على أن الشخص يطلب منك الاختصار و تجاوز بعض التفاصيل نظرا لشعوره بالملل و رغبته في الوصول إلى فحوى الحديث.

إغلاق العينين: 
هو تعبير عن الرغبة في توقف تلقي الإشارات البصرية من المحيط بهدف التركيز على فكرة أو حديث يدور في داخله وغالبا عندما يغلق أحدهم عينيه يكون لا ينصت إلى حديث الأخرين أيضا فهو يدخل في حالة من التفكير العميق التي تفصله عن المحيط الخارجي.

رفع و خفض الحاجبين: 
رفع الحاجبين يدل على الدهشة والصدمة والفضول ، أما خفض الحاجبين فيدل على الإنزعاج و المشاعر السلبية.

إمالة الرأس إلى أحد الجانبين:
تعني هذه الحركة الإعجاب و الاستمتاع بالاستماع للحديث و التركيز لسماع أدق التفاصيل.


تحريك الخواتم أو الحلق :
عندما نرفع اليد إلى مستوى الأذن هو تعبير عن حرجنا وقلقنا من الكلام الذي نسمعه و كأننا بذلك نريد أن نمنع انفسنا من قسوة الكلام أو لدينا رغبة ملحة في عدم سماعه
 
عض الشفايف :
نمنع أنفسنا بالقوة عن قول أي شيء وكأننا نحاول إبتلاع الكلام وعندما تصبح هذه الحركة عادة دائمة فإنها تدل على المقاومة للانفعالات الداخلية والرغبة بتهدئة النفس و الراحة.

 
وضع اليدين في الجيوب أثناء الحديث : 
حركة تدل على موقف محدد ضد الطرف الآخر ورغبة ملحة في عدم مصارحته والافصاح عن ما يجول في النفس ، وهي حركة فيها تحدي وكبرياء ومقاومة وكأننا بذلك نريد أن نقول (افعل ما تشاء لا يهمنا)
 
رفع اليد إلى مستوى عالي : 
رفع اليد إلى مستوى الرأس تعني التواصل مع الأفكار الداخلية واستحضار كل جزئية في هذه الأفكار ، وهذه الحركة هي إبحار مع الذات ومحاولة للاختلاء بالنفس , إذا تحولت هذه الحركة إلى عادة فهي دليل على القلق والتوتر
 
فرقعة الأصابع :
 ليست تعبيراً عن العصبية كما يعتقد البعض بقدر ما هي رد فعل طبيعي سريع لما يدور حولنا سواء كان ذلك حديثاً أو حدثاً .
 وهي محاولة منا للتعبير عن رغبتنا في إنهاء الوضع او الاسراع فيه أو بالعكس محاولة لتهدئته.

• بعض الأشياء التي يمكن تجربتها: 

ابدأ بالانتباه الواعي للغة أجسام الناس حيث يمكن أن تشاهد التلفزيون لمدة عشر دقائق مع إخفاء الصوت كلياً. 
دوّن بعض الملاحظات عن لغة أجسام الناس المحبوبين والمحترمين والمسموعين: 

-كيف يقفون أو يجلسون؟
-ما نوع التعابير التي يملكون؟
-ماذا تفعل أيديهم وأقدامهم؟
-ما نوع النظرات التي يملكونها؟
-ما هي الوسائل غير الشفوية التي يمتلكونها؟
-هل يتصرفون بعكس لغة أجسادهم الإيجابية وهل هذا يؤثر عليهم؟
ابدأ بالتصرف بلغة الأجساد الإيجابية لمن تحب وتحترم ، وسيبدأ الناس الآخرون بالنظر إليك بشكل مختلف عن السابق . 

وحدها العيون تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة مايعجز عنه اللسان وتتسلل إلى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا والصادقة جدا، فهي لغة لا تعرف الكذب ولا الرياء…لغة ليست بلغة لكنها مرآه صافيه تعكس مباشرة كل المشاعر وتبوح بالأسرار .

• بعض النصائح :

 – انتبه فإن استخدام الأصابع بكثرة يدل على أن الشخص فقد أعصابه وصبره .
 – أن الشخصية القوية تظهر من عينيها فهي تستطيع التواصل من خلال العينين بصورة طويلة .
 – الشخصية الكاذبة تظهر من خلال عضلات العينين التي تتغير وتظهر أنه كاذب.
 – الابتسامة أثناء التحدث مع الآخرين تنم عن إعجابهم بمواصلة الحديث معك .
 – يمتلك الوجه الكثير من الحركات اللاإرادية عندما يتعرض الشخص إلي شئ يثيره .
 – إذا واجهك بعض الأفراد الذين يتجنبون النظر إلي العينين خلال التحدث فهذا ربما يعني انه خجول بعض الشئ.
 – لغة الجسد تتأثر بالحالة الطبية للشخص لذلك لابد من أخذ ذلك في الاعتبار عند التعامل مع الأشخاص.
 – عدم المبالغة في التواصل من خلال لغة الجسد فهذا سيبقيك منعزلا عن الآخرين اجتماعيا .
 – الثقافة تدخل في التأثير على لغة الجسد الخاصة بالشخص لذلك يجب معرفة ثقافته جيدا لفهم لغتهم جيدا.
____________
(٢٧)

[إلى الباحثين عن التميز ..]



التميز.. مطلب تبحث عنه النفوس، وتسعى وراءه العقول، وتهوى إليه الأفئدة.. لا يكاد يوجد إنسان على ظهر الأرض إلا وهو يبحث عن التميز والتفرد المطلق والشعور بالتفوق على الآخرين.

ولا شك أن هذا الشعور وهذا المطلب مطلب مشروع، ومن حق كل إنسان أن يكون كذلك، بل من حقه أن يسعى للوصول إلى مطلبه، ما دام القصد مشروعا والوسيلة مشروعة، أما إذا اختل القصد وفسدت النية والوسيلة فقد انتفت المشروعية، ودخل صاحبها في متاهة مضلة ستتلوها متاهات ومتاهات وهلم جرا.

البحث عن التميز هو حديث نفسي إلي، وحديث نفسك إليك، وحديث نفسه إليه، وحديث النفوس السوية إلى أصحابها.. أما أصحاب النفوس الكسولة البليدة التي رضيت بواقعها وبظروفها وبحياتها ومعاشها فلا تفكر بذلك، ولا ترغب حتى بالخوض فيه.. أما أنا وأنت، وهو ونحن جميعا فإننا لا نزال نفكر ونفكر، طويلا بحثا عن التفوق والتميز والإبداع.

كيف أكون داعيا متميزا، وكيف أكون عالما متميزا، وكيف أكون أو تكون طبيبا أو مهندسا أو معلما أو موظفا أو زوجا أو أبا أو أخا أو صديقا أو جارا.. كيف يكون كل هؤلاء من المميزين؟
كيف نكون كذلك وكيف نصل إليه؟

لقد اختصر أبو الطيب المتنبي الموضوع، ودل الراغبين على طريق الوصول في بيت واحد.. فقال: 
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال

فالفرق بين حياة السيادة والريادة والتميز والإبداع، وبين حياة البساطة والسكون والدعة والخمول هو تحمل المشقة التي لولاها لساد الناس جميعا وتميزوا وظهروا ونبغوا وعلا شأنهم وذكرهم... 
مشقة الجود والكرم والسخاء، ونداوة اليد والنفس، مع مشقة الإقدام والشجاعة والبطولة، مع مشقة الصبر والتحمل والمواصلة والمثابرة.. هذه المشقات التي ميزت بين السادة والعبيد، وبين العمالقة والأقزام، وبين أهل الكرم والبخلاء، وبين أهل البطولة والجبناء.

الجود هو مظنة الفقر والحاجة، والإقدام مظنة القتل والموت، ولكن ذلك لا يعني شيئا لمن سمت نفسه للمعالي، وسلك طريق المشقة والصعوبات، يبتغي بذلك أن يحيا سيدا وأن يموت سيدا كريما يصدق فيه قول الشاعر: 
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير

ولكن الــرزية فـقــد حـــر
يموت بموته خـلق كـثير

إذا.. فالتميز والتفوق هو اختيار واضح لطريق لا مجال فيه للراحة ولا للموادعة أو الخمول أو السكون، بل هو طريق شاق فيه الجهد كله، وفيه التعب كله، وفيه السهر كله.. فيه لجم النفس والهوى والشيطان بلجام من حديد صلب متين.
التميز مطلب عظيم.. والمطالب العظيمة لا تتحقق بسهولة ويسر..
 
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

• كيف تصنع التميز لنفسك؟

لا يمكنك قبول أن يقول لك أحدهم: "يا فاشــــل.." ، لأنك قبل أن تولد أساسا كتب الله لك النجاح بل والتميز أيضا.. فأنت مخلوق "نــاجـــــح" ، فركز على هذا الكلمة جيدا وتدبر على هذا المعنى المثبت في كتاب الله تعالى..
أنت مخلوق ناجح ميزك الله بمخ به 150 مليار خلية عصبية تقريبا، وسرعة عملها أسرع بكثير من سرعة الضوء في الثانية، وعقلك الإنساني لديه قدرة على استيعاب 2 مليون معلومة في الثانية، فأنت كإنسان أكبر كثيرا مما تتخيل بتوفيق الله سبحانه، ولكن ينقصك الإيمان بقدراتك.

• للتميز مراحل إنتاج:

التميز منتج أنت المسئول عن صناعته، فهو كامن بداخلك، فلا عليك إلا أن تبحث عنه وتصبح جاهزا لصناعته بنجاح متواصل على المستوى النفسي والعملي، فمثلا الهواء إذا لم تكن رئتيك سليميتن وجاهزة لاستنشاقه وتنقيته لن تستطيع التنفس، فيجب أن تكون قبل أن تصبح..

وعليك أن تؤمن بهذا المنتج وقدرتك على وصول عقلك إليه، فمخك له أربع وظائف أساسية تساعدك على الإنتاج هي:

الاستدلال والتفكر :
تتفكر في آيات الله في خلقك، وقدرته في السموات والأرض.

التعلم والإدراك: 
"وعلم آدم الأسماء كلها" ، حتى تستطيع تجميع المعارف وتكوين الثقافات.

اكتساب المهارات: 
فقد أجرت جامعة هارفارد سنة 1964 بحثا عن التميز فوجدت أن مهارات الإنسان الشخصية تمثل 93% وأن المهارات المهنية 7%، فخلصت إلى أن لديك قدرات لا محدودة للتعلم والإدراك والتي تنظمها "أخلاقك وقوة تحكمك للذات والتعامل بمرونة" ، فمن السهل جدا أن تتعلم مهارات أي وظيفة جديدة بوجود هذه المحركات الثلاثة، ولذلك أصبحت مهارات الاتصال هي المقياس الأول للقبول في أي وظيفة وليس السيرة الذاتية .
  
الابتكار: 
فعبقرية العقل العربي معروفة، فلدينا الفهلوة والفراسة والشطارة والقدرة على الابتكار.

• أجب عن الأسئلة الخمسة الآتية :

وتبدأ مراحل إنتاج التميز وصناعته بالإدراك حين تبدأ بالتعرف على ذاتك أولا وتقيس هل أسلوبك الذي تتبعه ناجحا أم لا ؟، وبعدها ستشعر بالمسئولية وتنتقل إلى المرحلة الثانية بالبحث عن القوة الكامنة للشخصية وتفكر في حلول وتجرب إلى أن تنجح وتتعلم من هذه التجارب، ثم يأتي التخطيط لتقييم وضعك الحالي في الحياة ويتم بالإجابة على:

1- أين أنا؟.. لتدرك الواقع.
2- ماذا أريد؟.. لتحدد الهدف، وينقسم إلى أهداف طويلة المدى وقريبة باستراتيجيات مختلفة.
3- لماذا أريده؟.. لتؤمن برغبتك بالهدف والنجاح فيه.
4- متى أريده؟.. أي شيء تود النجاح فيه يستحق وقته، ويجعلك هذا السؤال تفكر في الوقت المناسب للخوض في صناعة المنتج
5- كيف؟.. فبعد كل هذا ستجد أن الطريقة لهدفك هو أن تتعلم وتثقل خبراتك لتسلك الطريق الصحيح.

• أشياء يفعلها المتميز:

هناك عدة أشياء يحبها الإنسان المتميز الناجح، وبالطبع إذا وجدت عكسها داخلك يجب أن تتخلص منها فورا، لإنها تمثل كل ما يكرهه الفاشل مثل:

– إعادة المحاولة عشرات المرات، فمثلا في رحلة البحث عن عمل تبذل مجهود مضاعف وتتابع أصحاب العمل والشركات وموقف السوق في المجال الذي ترغبه.

– الاستيقاظ والنوم المبكر والنشاط ، وطبيعة الانسان مرتبطة بساعة بيولوجية داخلية لها علاقة بنور الشمس والقمر ودورتهم خلال اليوم، فلو تعمدت إخلال هذا التوازن بالسهر وعدم النظام سيتأثر الجهاز العصبي المرتبط بهذه التوقيتات وتستيقظ كل يوم متعب تشعر بالخمول والكسل، وأكيد ستقع فريسة للتوتر وتقلبات المزاج وإدمان المنبهات والكثير من أمراض العصر.

-استعادة الثقة بالنفس بعد الفشل وعدم الاستسلام لليأس.

– حب اكتساب المهارات والتعلم { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون }.

– رفع شعار "النجاح أفضل وسيلة للانتقام من كل الظروف المحيطة" ، فدع للثرثارين واليائسين وتفرغ أنت لصناعة منتجك.

وإذا كنت ترغب حقا في التميز فعليك أن تستمع لما كان ألبرت أينشتاين يقوله دائما : "أنا لم أفشل بل وجدت 10 آلاف طريقة لا تعمل "
فتذكر أن صناعة التميز كمنتج ناجح لن يتوقف عند امتلاك مهارات تؤهلك للعمل فقط بل يعتمد أيضا على حسن تكوين وقيادة فريق عمل جيد وتجويد الخدمة التي تقدمها لتستمر بهذا المنتج وتروجه بالأسواق.

– وقبل ذلك وهو الأهم الارتباط بالله {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فأرغب}.


فالحقيقة التي ينبغي الا تغفل عنها أبدا هي أنه لا مجال للتميز، ولا مجال للوصول إلى الغايات إلا بالعمل الدؤوب، أما التخليط والتخبط، أو السير في ركاب الكسالى والخاملين والغافلين والباردين فإنه لن يحقق أبدا أمنية، ولن يحقق تفوقا، ولن يخلق تميزا، ولن يوصل إلى غاية .

____________
(٢٨)

[ماهي أسهل الطرق للحصول على الشهرة ؟ ...أمثلة معاصرة على ذلك]



إنه السؤال الأكثر ترداداً في حنايا الروح، والاستفهام الأبرز حضوراً في خواطر النفس .

البحثُ عن الشهرة وحب الظهور من طبيعة النفس البشرية ، فالإنسانُ بطبعه محبٌّ للظهور، ويسعى أن يكون محورَ حديثِ الآخرين من حوله ، ويخشى خمولَ الذكر، وخفوتَ السمعة ، ويكره أن يكون نسياً منسياً ينبتُ على خبره في الملأ العشبُ، وينسجُ على ذكره بين الناس العنكبوتُ .

وبعضهم يدفع أموالاً طائلة للحصول على هذه الشهرة التي تختلف حدودها من شخص لآخر ، كما أن لها ميادين ومجالات متنوعة ومتعددة .

والرغبةُ في الشهرة مقدَّمةٌ على الرغبة في الثراء لأن الشهرةَ تجلب الثراء ، بينما الثراءُ قد لا يجلب الشهرة . 

الإسلام بطبيعته المعتدلة يريد لأفراده أن يكونوا صالحين متوازنين لا يغترون بالدنيا أو تتعلق بها قلوبهم ، فما مد أحدٌ عينيه إلى متاعها إلا واشرأبت نفسه وقارب الفتنة أو حام حول حماها، والسعيد من جعلها مطيةً للآخرة فصارت له دار ممر لا دار مقر .
قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [131طـه] .
ومن الاغترار بالدنيا السعي خلف الشهرة وبريقها، فكثير من الناس تتوق نفسه إلى أن يُشار إليه بالبنان أو أن يكون هو حديث المجالس أو أن يُسمع قوله أو يُكتب، لذا قد يسعى بعضهم بكل سبيل إلى تحقيق ذلك ولو على حساب مخالفة الدين والأخلاق .

أما من اشتهر بالعلم والزهد والورع ونيته صالحة وعمله خالصًا لوجه الله فإنه خارج عن هذه الدائرة ولكن الواجب عليه أن يتفقد حال قلبه بين الفينة والأخرى.

وقد حذر سلفنا الصالح من حب الظهور والشهرة بين الناس لمن يسعى إليها ويجعلها هدفه، وتضافرت أقوالهم المحذرة من هذا الخلق الذميم ..
فهذا سفيان الثوري يقول:
"إياك والشهرة ؛ فما أتيت أحدًا إلا وقد نهى عن الشهرة .

وقال إبراهيم بن أدهم:
"ما صدق اللهَ عبدٌ أحب الشهرة".

وقَالَ أَيُّوْبُ السختياني:
مَا صَدَقَ عَبْدٌ قَطُّ، فَأَحَبَّ الشُّهرَةَ. 

وقال بشر بن الحارث: 
مَا اتَّقَى اللهَ مَنْ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.

وقال أيضا: إذا عُرفت في موضعٍ فاهرب منه، وإذا رأيت الرجل إذا اجتمعوا إليه في موضعٍ لزمه، واشتهى ذلك فهو يحب الشهرة.


وعن صفوان بن عمر، قال:
كان خالد بن معدان إذا عظمت حلقته (أي كثر تلاميذه في حلقة التدريس) قام فانصرف، قيل لصفوان: ولِمَّ كان يقوم ؟
قال: كان يكره الشهرة.
قال الذهبي معلقًا: ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء .


وعن سفيان، قال: 
كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد التي يشتهر فيها ويرفع الناس فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يُحتقر فيها ويُستَذَل دينه .

والشهرة يجب ألا تكون هدفًا في ذاتها بل يمكن أن تكون نتيجة للأعمال الصالحة أحيانًا، فعلى من ابتلي بها الصبر والمجاهدة ومدافعتها قدر الإمكان دون الإخلال بوظيفته الصالحة في الحياة، قال المروذي: قال لي أحمد: قل لعبد الوهاب: أخمل ذكرك، فإني أنا قد بليت بالشهرة .

أما إذا قدر أن العبد طلب الخير ، من أمر الدين أو أمر الدنيا ، ثم وقعت له الشهرة دون طلب منه لها ، وسعي في سبيلها ؛ فلا حرج عليه في ذلك ، بل عليه أن يصحح نيته في طلب الخير ، ولا يبالي بما حصل له من الشهرة بعد ذلك ، إذا لم يكن له همة في طلبها ، ولم يتعلق قلبه بها ، فلا شك أن أئمة الناس في الدين والدنيا لا بد أن يحصل لهم من الشهرة بحسب حالهم ومقامهم ، وحاجة العباد إليهم ؛ فليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء أن يترك نشر الخير الذي يطلب منه نشره ، إما وجوبا أو استحبابا ، لأجل خوف الشهرة ، أو لأجل أن من قام بهذا المقام سوف يشتهر بين الناس . 
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا دار الأمر بين أن يلمع نفسه ويظهر نفسه ويبين نفسه ، وبين أن يخفيها ، فحينئذ يختار الخفاء ، أما إذا كان لابد من إظهار نفسه فلابد أن يظهرها وذلك عن طريق نشر علمه في الناس وإقامة دروس العلم وحلقاته في كل مكان ، وكذلك عن طريق الخطابة في يوم الجمعة والعيد وغير ذلك ، فهذا مما يحبه الله عز وجل " .



أما الإجابة عن السؤال:
كيف تصبح مشهوراً ؟

يقولون في الأمثال :
(خالف تعرف) ؛ أو (خالف تذكر).

وقال أعرابي: إذا لم يكن لك في الخير اسم فارفع لك في الشر علما!

وروي أن أعرابياً بال في ماء زمزم، فقام الناس عليه فأمسكوا به ، وقالوا: ما حملك ؟

قال: أحببت أن يذكرني الناس ولو باللعنات ، يعني: المهم عنده الصيت  !!
والمراد أنك إذا أردت الاشتهار وذياع الصيت فعليك  بالمخالفة، من باب قول ( ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره) !

وهذا الكلام وإن كان صحيحا معروفا إلا أننا لم نسمع عن أحد من القدماء أنه أفصح عن ذلك وكشف عن خبيئة نفسه فقال: إنما صنعت ذلك لأشتهر !

إمام البصريين أبو العباس محمد بن يزيد المبرِّد -  ينتهي نسبه بثمالة - حكى أن ( عبد الصمد بن المعذل ) هجاه فقال :

سألنا عن ثمالة كل حي
فقال القائلون ومن (ثمالة) ؟

فقلت: (محمد بن يزيد) منهم
فقالوا: زدتنا بهم جهالة

فقال لي ( 
المبرِّد 
) خل قومي
فقومي معشر فيهم نذالة


فهل حدَث وأن سألت نفسك - بعد أن تقوم بإنجاز عملٍ ما :

لماذا تفعل ذلك ؟ أحبًّا في الإنجازات ، أم حبًّا في الشُّهرة والظُّهور؟



فمن مظاهر الشهرة وحب الظهور :

- تتبع شواذ المسائل ونوادرها ، ومن ذلك تتبع رخص العلماء .

- سيادة الثلاثي القاتل ( أنا ) ( لي ) ( عندي ) .

- سرد المواقف الشخصية الذاتية على سبيل الفخر والخيلاء .

- التشدق والتقعر في الكلام .
 
- التضايق عند ذكر منجزات الآخرين .
 
- تتبع السقطات والزلات وإظهارها والتشنيع على مرتكبها .
 
- التململ من الجلوس في حلقات العلم والاستماع للآخرين .
 
- عدم التراجع عن الخطأ والاعتراف به . 
- التسلق على أكتاف الآخرين ومنجزاتهم ونسبتها إليه .
 
- التميز عن الآخرين - من الذين معه - في ملبس أو مركب أو مشرب أو هيئة أو عمل - حسناً كان أو قبيحاً !

- التطلع للرئاسة وطلبها والسعي إليها . 

- المسارعة للفتوى في النوازل ، وانتقاد المجتهدين في ذلك.

- محبة أن يُذكر الآخرين عنده بسوء ! 



ومن الأمثلة لبعض المعاصرين واعترافهم بمسلكهم لطريقة ( خالف تعرف ) :

قال إبراهيم عبد القادر المازني في (صندوق الدنيا) :
قال: وهل نطبع الكتاب ونبيعه ؟
 قلت: ولم نتكلف وضعه إذا لم نطبعه ونبيعه ؟
قال: وهل يشتريه الكبار ويقرأونه ؟
قلت: وإذا لم يفعلوا فإن في وسعي أن أوعز إلى نفر من أصدقائي بأن يحملوا في الصحف على الكتاب حملة عنيفة ، وبأن يصفوه بأنه مخالف للآداب ومنافٍ لكل ما درجت عليه الإنسانية، وهذا وحده كفيل بترويجه !!

قال: وهل كل ما يخالف الآداب يطلبه الناس ؟
قلت: لا أستطيع أن أقول نعم أو لا، ولكن الذي أريد أن أقوله هو أن حب الاستطلاع يدفع الناس إلى طلب هذا الكتاب الفريد في بابه  .


ويقول مؤلف كتاب " مشاهير وظرفاء القرن العشرين : حكايات نوادر وطرائف " :
كتب الأديب  (طه حسين) في جريدة " العلم " - وهو ما يزال طالباً - نقدا لاذعًا في الأديب الكبير (المنفلوطي) وكان لها صداها العميق في المجتمعات الأدبية ؛ فقال:
( أيها الكاتب المجيد أسعد الله صباحك ، وأحسن مفداك ومراحك ، وقوّم المزور من شأنك ، والمعوج من لسانك ، وألهمك الصواب في الإعراب ، والإحسان في البيان ، فما أعلمك في كل ذلك إلا دعياً ، بحثت عن معناك فلم أجدك إلا غثاً ، وعن لفظك فلم أجده إلا رثاً ، وعن أسلوبك فلم ألفه إلا مبتذلاً ، وعن صيتك فلم أجده إلا منتحلاً ، وعن مقرظيك فإذا هم بين ظالم ومظلوم ولائم وملوم ، فسألت الله أن يثأر منك العرب ) 

وبعد ذلك بأربعين سنة سأل صحفي الأديب ( طه حسين ) عن سر هذه الحملة الشنيعة على الأديب الكبير (المنفلوطي) فأجابه وهو يبتسم:
(كنت شاباً يريد الشهرة على حساب كاتب كبير معروف !!) أ . هـ

فهل عرفتم كيف يمكن الحصول على الشهرة بكل سهولة ودون تكلف ؟!!

أخيراً ...
كم من مجهولٍ في الأرض معروف في السماء.

 وكما قال الفاروق - رضي الله عنه - " ما يضره ألا يعرفه عمر ويعرفه رب عمر" وذلك عندما قاتل رجل في أحد الغزوات في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأبلى بلاء حسنا وقُتِل فسأل عنه (عمر) فلم يعرفه ، فقال عمر : " ما يضره ألا يعرفه عمر ويعرفه رب عمر" .
فهنيئا لمن كان مجهولا عند الخلق معروفا عند الله ، من لا يأبه به الناس ولا يقيمون له وزنا وقدره عظيم عند الله .

فاللهم أصلح ظواهرنا وبواطننا ، وارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا ، وأصلح نياتنا .

________
(٢٩)

[أهمية إتقان العمل]


ويشتمل على الآتي :
إتقان العمل في الإسلام 
ماهو إتقان العمل ؟
مفهوم إتقان العمل 
كيف تتقن عملك ؟


مسيرة الإنسان في هذه الحياة تتطلّب منه العمل والجهد ليصل لأهدافه ، ويوفّر إحتياجاته في هذه الحياة ، فلا يوجد شخص خالي من العمل فالأب يعمل ليوفر الغذاء والطعام لأبنائه ، والأم تعمل في المنزل وتبذل جهدها لتوفر الأمن والأمان والإستقررار لأولادها في منزلها ، وحتى الأولاد في دراستهم وبذلهم جهدهم في الدّراسة فعتبر هذا عملاً ليتمكنوا من الوصول للأهداف التي يسعوا لها ، فجميعنا نعمل ونسعى ، ولكن هناك فرق بين أن تعمل وأنت محب لهذا العمل ومستمتع بعملك وبين أن تعمل وأنت كارهاً لهذا العمل ، لهذا إرتبط إتقان العمل بحبه وبصفات أخرى يجب عليك إمتلاكها لتتمكّن من إتقان العمل ، فما هو إتقان العمل .


إتقان العمل في الإسلام :

حثّ الإسلام على الإتقان وجعله من الأساسيات في الإسلام سواءً كان في العبادات التي يقوم بها المسلم لله تعالى، أو في الأعمال الدنيوية التي يقوم بها والتي تعود عليه بالنفع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، قال صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحد كم عملاً أن يتقنه " ، هذا أمر بالإتقان ، فإن لم يتقن المسلم عمله من تلقاء نفسه ومن نزعة المسئولية في ذاته، يتقنه لأنّ هناك رقيب وليس أعظم من مراقبة الله في كل زمانٍ ومكان لإتقان كل الأعمال، وعلى سبيل العبادات، فقد قال عليه السلام ذات مرة لرجل: اذهب فصلِ فإنّك لم تصلِ، رغم أنّه صلّى ولكنّه صلّى صلاته بلا إتقان فلم تكن على الوجه المطلوب، فوجب عليه إعادتها، فلو تمّ التعامل بهذا المنطق في أعمال الدنيا أن نقوم بإعادة العمل الغير متقن، فهذا سوف يجلب الخير الكثير والنتائج المرضية الكثيرة.


مفهوم إتقان العمل :
إتقان العمل يعني إتمام وإنجاز العمل المطلوب من الشخص كما طلب من الشخص دون نقص بل بالشكل الكامل وبذل الجهد لتنفيذه بالوقت المطلوب أيضاً .

كيف تتقن عملك؟ :
لتتمكّن من إتقان عملك يجب أن تتّبع ما يلي :
1. يجب عليك أن تدرك مدى قدراتك الجسديّة والعقليّة ، لتحدّد مدى قدرتك لتنفيذ العمل ، فيجب أن تتجنب إستلام أعمال ليس لديك قدرة على إتمامها وإنجازها .
2. تعلّق بالعمل وإشعر بحبّك لإنجازك ، فهذا يجعلك من حبّك للعمل على إستعداد للقيام بأي شيء في سبيل إتمام العمل وإنجازه فتفرح وتسعد بكل إنجاز تحققه .
3. طوّر مهاراتك ، فيجب أن تحاول تطوير مهاراتك إذا تطلب العمل منك مهارات جديدة لم تكن تمتلكها ، فالإنسان بالتقدم يشعر بأهميته في هذه الحياة .
4. ابذل جهدك ونظّم وقتك ، فالبتنظيم ستتمكّن من تحقيق العمل وإنجازه بالوقت المطلوب ، فساعة عمل بجهد تغني عن ساعات بلا تعب .
5. ابتعد عن الكسل والتّأجيل ، فهذا يجعلك تكسب عادةً يصعب عليك لاحقاً الإبتعاد عنها ، فيسهل على الآخرين التخلّي عنك وعن أعمالك .
إتقان العمل يشعرك بأهميّتك في مجتمعك ، فكل شخص منّا له أهمية ويعتمد عليه أشخاص آخرون ، فجميعنا نكمل بعضنا في هذه الحياة ، فعندما تتقن عملك وتنجزه تبدأ بالشعور بالحب والتعلّق بعملك ، فتحاول بالفطرة أن تطوّر نفسك ومهاراتك لتذهل الآخرين من حولك ، فلولا حب النّاس لإتقان أعمالهم لما تقدّم مجتمعنا ووصلنا للتقدّم الذي نراه الآن ، وكلّما لازمنا إتقان العمل كلّما كنّا مساهمين فعاليّين لتقدّم أمّتنا وتقدّم مجتمعنا .

إنّ النّاظر المتأّمّل في أحوال النّاس يراهم مناهج شتى في قدراتهم وأعمالهم، فمن النّاس من يكون ماهراً في عمله متقناً له ومنهم من يكون مقصّراً في عمله ولا يؤدّيه على الوجه الأكمل، وتلك سنّة الحياة الدّنيا أن يتفاوت النّاس في قدراتهم وأعمالهم حتّى يسخّر بعضهم بعضا، وإنّ الإتقان معناه أن يؤدّي الإنسان عمله على الوجه الأكمل الذي يرضاه النّاس بحيث يكون هذا الوجه معياراً ومثالاً لتقييم الأعمال، ولقد كان الإتقان من سمات خلق الله للسّموات والأرض، قال تعالى (صنع الله الذي أتقن كلّ شيء)، وفي الآية الأخرى (الذي أحسن كلّ شيءٍ خلقه)، فالأتقان هو تمام الخلق على الوجه الذي أراده سبحانه، أمّا على مستوى البشر فهم مأمورون بأن يؤدّوا عملهم بإتقان، فما هي أهميّة إتقان العمل؟.


أهمية إتقان العمل

إتقان العمل هو طريق الحصول على الأجر والثّواب ونيل رضا الله تعالى ومحبّته، ففي الحديث الشّريف إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.
إتقان العمل هو معيار التّمييز بين المجتهد والمقصّر، فكل النّاس يؤدّون أعمالهم ولكنّ الفارق بينهم يكون في درجة إتقانهم لأعمالهم، وبالتّالي يتمكّن صاحب العمل من تمييز المتقنين عنده فيكافئهم، ويضع الحوافز لتشجيع الآخرين حتى يكونوا مثل أقرانهم.
إتقان العمل يسهّل على النّاس حياتهم بعيداً عن المشقّة والتّعب، فكثيراً ما نستخدم أدوات معيّنة في حياتنا لنتفاجأ بأنّها تعطّلت سريعاً لنتبيّن أنّ من قام بتصنيعها لم يتقن في عمله، بينما نرى الأدوات التي يتقن أصحابها صنعها تدوم لفترة أطول وتخدم النّاس أكثر ، لذلك كانت الصّناعات اليابانيّة وما زالت محلّ ّاهتمام النّاس بسبب الإتقان الشّديد في صناعتها.ّ

إتقان العمل يخفّض النّفقات، فالإنسان والعامل حين يتقن عمله ويؤدّيه على وجه الأكمل يوفّر الكثير من الجهد والمال الذي قد يبذل لاحقاً على صيانه الأدوات المختلفة وهذا بلا شكّ يوفّر المال على الشّركات والأفراد.
إتقان العمل يعلّم النّاس حبّ الوصول إلى المثاليّة في كلّ شيء في الحياة ويهذّب أخلاقهم، فالإنسان الذي يتقن عمله تراه يسعى إلى الإتقان والكمال في كلّ شيء في الدّراسة وطلب العلم، بل وحتّى في الدّين وتحصيل الأجر.
إتقان العمل يحقّق الذّات البشريّة، فمن الحاجات النّفسيّة التي يحتاجها كثيرٌ من النّاس وخاصة الطموحين منهم تحقيق ذاتهم ولا يكون ذلك إلا بأداء الأعمال المختلفة بإتقان ومهارة تعبّر عن ما في جعبة الإنسان من مهارات وقدرات استطاع أن يحوّلها بإرادته من طاقةٍ دفينة في نفسه إلى أفعال على أرض الواقع.

والذي يتقن عمله هو محبوبٌ من الله ورسوله ومن الناس، وهناك دافعٌ كبير لإتقان العمل هو ابتغاء حب الله، فقد قال عليه السلام: "إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه"، وفي الأمثلة الحية لشعوب العالم والمثل القوي الذي يضرب دائمًا وهو اليابان، فالمواطن الياباني بطبيعته غير ذكي ذكاء خارق، ومعدل ذكائه لا يفوق المواطن العربي مثلًا؛ ولكن تكمن قوتهم ونهضتهم في أنّهم متقنون لأعمالهم، ويقومون بها على أكمل وجه وبطريقة جماعية لتكون أعمال مٌثلى، لذا فإتقان العمل قيمة عظيمة، وهو عبادة كبيرة، وهو سبب التقدم ودليل كل استمرارية، فلذلك يجب الحرص عليه والعمل به للوصول لأعلى المراتب في الدنيا والآخرة.

___________
(٣٠)


جيلٌ مبتكرٌ ... كيف نصنعه ؟

الابتكار


محتويات الموضوع :
١- ماهو الابتكار ؟
٢- الفرق بين الابتكار والاختراع؟
٣- صفات المبتكر
٤- كيف تتولد الأفكار الابتكارية ؟٥- دور بيئات الابتكار ( الأسرة - المدرسة - المعلم - الأصدقاء)



الابتكار هو المقدرة على تطوير فكرة أو عمل أو تصميم أو أسلوب أو أي شيء آخر وبطريقة أفضل وأيسر وأكثر استخداماً وجدوى .

الفرق بين الابتكار والاختراع :
هناك لبس كبير بين الابتكار والاختراع عند عموم الناس .

الابتكار : هو ما أشرت له سابقاً .

أما الاختراع : فهو إيجاد الفكرة أو التصميم أو الأسلوب بحيث أنه لم يكن له مثيل من قبل وليس شرطاً أن يكون الاختراع قابلاً للتنفيذ فإذا ما عدل عليها وأضيف لها تحسينات تسمى هذه الإضافات بالابتكار.

صفات المبتكر :

ولكي يكون الشخص مبتكراً لابد من أن يتمتع بعدة صفات أبرزها :

●المبادرة والريادة.

●الدافعية للإنجاز.

●الإحساس بالمسؤولية.

●التفكير الإيجابي.

●المقدرة على التشارك والتفاعل مع الآخرين.

●الإصرار والمثابرة.

●الطموح والهمة العالية.

●الثقة بالنفس والشعور بالقدرة على تحقيق إنجاز ما.

فالشخص المبتكر هو الشخص الذي يمتلك صفات الشخصية الابتكارية ويسعى لتحقيق حلمه وتحويله إلى شيء حقيقي ملموس يمكن الاستفادة منه ويعود بالنفع عليه وعلى المجتمع.



كيف تتولد الأفكار الابتكارية ؟

للتفكير عدة لغات تمكنه من استخدامها لكي يقوم بتوليد الأفكار الابتكارية وإذا ما تعطلت إحداها استعان بالأخرى ، وأهم هذه اللغات :


1.اللغة البصرية "Visually" وفيها يستخدم التفكير الصور والرسومات والمجسمات والمناظر وغيرها.


2.اللغة العددية أو الرقمية "Numericlly" وفيها يستخدم الأرقام والأعداد والجبر والعمليات الحسابية.


3. اللغة المنطقية: "Logically" وفيها يستخدم الأسباب، التحليل، الدلائل، الاستقراء وذلك للتوصل إلى حكم شامل.


4.اللغة المتعاقبة أو المتسلسلة أو المتتابعة: "Sequentally Brogression" يستخدم فيها الزمن ، الحدث ، التطور ، وغيرها.

5. اللغة العاطفية: "Emotionally" ويستخدم فيها العواطف والمشاعر، الوجدان، الآمال، الطموحات، الجانب النفسي ، الميول، الانفعالات وغيرها.

بعض الأشخاص يتميزون بالقدرة على إنتاج الأفكار وتوليدها والبعض الآخر ليس لديه هذه المقدرة ولكن ذلك يمكن أن يكتسب عن طريق التفكير الابتكاري .


ومن أشهر هذه الطرق :

1.الابتكار بالوضوح:

فوضوح الهدف يؤدي إلى وضوح الصورة وبالتالي وضوح الطريق الذي سنسلكه في حل المشكلة والوسائل التي سنستخدمها أيضاً فعندما يكون الهدف واضحاً ومحدداً فإننا سنقوم بعد ذلك بالعمل على تحقيق الهدف عن طريق جمع القوة العقلية والنفسية واللفظية ومن خلال أفكار مبدعة وابتكارية وفي الوقت الحاضر ينشط الابتكار التخصص حيث يتخصص المفكر في مجال واحد وربما في جزئية صغيرة منه .



2.الابتكار بالدمج :

وتتلخص هذه الطريقة بدمج كلمتين تختلف كل منها عن الأخرى أو أمرين لا علاقة لأحدهما بالآخر .

مثال:

تكون الأفكار الابتكارية بعد الدمج على النحو التالي .:

(قلم)(نظارة)

• صناعة نظارة تحتوي أحد أذرعها على قلم.

• عمل نظارة من الليزر .

• عمل قلم في طرفه الأخير نظارة مكبرة للحروف.



3.الابتكار بالحوار:

الحوار من الطرق الهامة في تحفيز القوى العقلية و الفكرية وتحريكها عند الإنسان، والحوار أيضاً يعمل على إثراء الأفكار وتطويرها. ويمكن أن نسميه ( العصف الذهني ) وبزيادة المشاركين بالحوار من العقلاء والمبتكرين يزداد تحسن الأفكار الابتكارية وتطويرها.



بيئات الابتكار :


ويبدأ العمل على غرس صفات الشخصية الإبتكارية منذ الطفولة من خلال عدة محاور :

●الأسرة.

●المدرسة والمعلم .

●الأصدقاء والزملاء.


وهذه المحاور الثلاث تتضافر جهودها لهدف واحد هو المفتاح الرئيسي للابتكار ألا وهو تعزيز تقدير الطفل لذاته ليتمكن من تكوين صورة ايجابية عن ذاته وعن قدراته وإمكانياته في التفكير وحل المشاكل والمقدرة على تحقيق هدفه دون مبالغة أو إنتقاص لذاته.

دور الأسرة :

ويتمثل دور الأسرة في تعزيز الشخصية الابتكارية لدى طفلهم من خلال عدة جوانب أبرزها :

●توفير البيئة المنزلية التي تتسم بالحوار وتعطي كل فرد حقه في التعبير عن الذات والأحاسيس والمشاعر.

●تحفيز الطفل على الإستقلالية والاعتماد على الذات في جميع شؤونه الخاصة.

●إشادة الوالدين بالايجابيات والسلوك الصائب وتشجيع الطفل على الإستمرار في ممارستها ومحاولة التغاضي عن السلوكيات الغير صائبة أو السلبيات ما لم يكن لها ضرر على الطفل أو الأسرة أو المحيطين.

●الإبتعاد عن عقد مقارنة بين الطفل وأقرانه من زملاء وأقارب وأصدقاء حتى ولو كان الهدف هو دفع الطفل إلى التميز لأن ذلك يعود بنتائج سلبية على الطفل ومشاعره وبالتالي ينخفض تقديره لذاته.

●الإبتعاد عن توجيه أي إنتقاد للطفل أمام الآخرين، وفي حال اضطر الوالدين لتوجيه الإنتقاد يجب ألا يكون أمام إخوته أو أياً كان ويكون الإنتقاد للسلوك والتصرف دون توجيه إنتقاد إلى ذات الطفل أو نعته بصفات معيبة أخلاقياً أو خلقياً، مع الحرص على أن يكون الإنتقاد بلغة الحوار وضرب المثال ومحاولة الإقناع وليس من خلال فرض الأمر الواقع أو إستخدام الضرب أو الإهانة.

●إظهار الإعجاب بابتكارات الطفل وإنجازاته مهما كانت وعدم الإستخفاف بما يحاول القيام به وذلك لدفعه لمزيد من الإجتهاد.

●تقبل الوالدين لفكرة أن الطفل كيان مستقل له ما يريد.

●تشجيع الطفل على الحوار والتحدث وابداء الرأي وممارسة الهوايات والنشاطات التي يفضلها والابتعاد عن إلزامه بشيء ما.

دور المدرسة :

أما المدرسة البيت الثاني فلها دور بارز في تعزيز صفات الشخصية الإبتكارية عند الطفل من خلال :

●إبراز قدر من الإحترام للطلاب في سياسة المدرسة.

●العمل على تدريس مواد تخدم التفكير الإبتكاري وتحفز الإبتكار مثل (مهارات التواصل والإتصال، حل المشاكل،ادارة الوقت،القدرة على كتابة واعداد التقارير، المقدرة على الاستنتاج والتنبؤ،.....).

●معاملة جميع الطلاب بنفس الاسلوب والطريقة حتى تكون المدرسة بيئة محببة لهم تدفعهم للابتكار،وتطبيق القوانين المدرسية بطريقة تحافظ على احترام الذات ولا تقلل من شأن الطلاب وتكون العقوبة في حالة الخطأ مناسبة للخطأ ودون التجريح أو التشهير بين الطلاب.

●العمل على تعزيز المسؤولية الشخصية بحيث يكون الوازع الشخصي هو المحرك للطلاب لإجادة التصرف في حال عدم وجود السلطة المدرسية.

دور المعلم :

ولكل معلم على حده في المدرسة دور كبير لتعزيز الشخصية الإبتكارية لدى الطلاب من خلال :

●المعلم هو المفتاح الأساسي في العملية التعليمية لذلك إذا كان المعلم يشعر بأنه قادر على الإبتكار ويمتلك صفات الشخصية الإبتكارية فإن ذلك الاحساس ينتقل تلقائيا إلى الطلاب.

●مدح أو ذم الطالب له دور مهم في تعزيز تقدير الطالب أو عدمه لذاته وأيضاً توقعات المعلم لطلابه بالمقدرة على الإبتكار له أثر إيجابي في تحفيزهم والدفع بهم قدماً نحو الأمام.

●الإبتعاد عن إعتبار أن الدرجات التحصيلية هي مقياس التقييم الوحيد للتفوق والتميّز بين الطلاب.

●مساعدة الطلاب على حل المشاكل ووضع الأهداف وتنمية القدرات في مجالات مختلفة حسب ميول كل طالب .

دور الأصدقاء :

وأخيراً دور الأصدقاء والزملاء يبرز من خلال :

●مساعدة بعضهم البعض على حل المشاكل العلمية.

●التفكير الإبتكاري الجماعي،والعمل على إيجاد حلول ووضع مشاريع قد يكون معلم المدرسة طلب إليهم ذلك.

●إطلاع الأصدقاء بعضهم البعض على كل ما تصل له أيديهم من معرفة من خلال بحثهم على شبكةالانترنت أو مطالعتهم للكتب أو قيامهم بنشاط علمي أو إستنتاج رياضي ومحصلة ذلك كله هو الحصول على طفل يتسم بالمقدرة على النجاح في الحياة الشخصية الإجتماعية والنجاح في الحياة العلمية والعملية


____________
(٣١)


فن صناعة الأمل :

قد يتساءل البعض عن العنوان أعلاه ويقول :
 هل الأمل يُصْنَع ؟ 
وهل هناك حاذقون في هاتيك الصناعة؟ 
ويتساءل البعض مرة أخرى :
هل رأيتم من يُعلِّم هذا الفن؟
وهل للأمل صورة فنية رائعة ولها ملامحُ وسمات مُتميّزة؟!.

نعم ، إنّ للأمل صُنّاع، وله فن، وصورُهُ متنوعة ذات ألوان بديعة تسُرّ العيون، وتخلب العقول، وتبهر البصائر والأبصار.

إن الواقع الذي نعيشه في الشرق والغرب قد يجر الإنسان إلى اليأس والقنوط، إذا قلب عينه وأصغى بسمعه إلى شاشات التلفاز أو الانترنت وصفحات الجرائد فسيجد ظلماً عالمياً، وتفسخاً اجتماعياً، وتحللاً أخلاقياً، وضعفاً دينياً، سياسة بلا أخلاق، واقتصاد ربوياً بلا بر، وعلاقات بلا ضوابط بين الرجال والنساء، والشباب في ضياع.
 
لكن هذه التجارة الذائعة في الإعلام اليوم لا تعكس كل الحقيقة بل تنحو نحو التزييف لدفع المؤمنين إلى ترك عقيدتهم، وإهمال شريعتهم والتخلي عن مكارم أخلاقهم.

وكلما اشتدت الأزمات من حولنا واستشري اليأس في النفوس وغاب الأمل عن الناس وانقطع الرجاء من كل سبب، ينبري للأمل فرسان يحملون شعلته ويرفعون رايته ويدورون في الحنايا والبيوت يزرعون حبات الأمل تحت الثرى لتنبت أشجارا من عمل، يوزعون طاقات من نور لفجر مرتقب؛ فيكونوا كمن يقصف المدن الكئيبة بالأمل فتضئ من جديد بعد ظلمة حلت وتنتعش بزخات الفرج بعد ضيقة خنقت وتعود لبهجتها الأثيرة بعد غيبة طالت يتلفحون بالأمل دون اليأس وينشرون البشري دون الإحباط  لهؤلاء الفرسان .


هل قرأنا القرآن حقاً وأيقنا بأن الماء الذي هو سر الحياة هو الذي أغرق فرعون وقوم نوح، وأن الرياح اللواقح تحولت مع قوم عاد إلى لوافح  (مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) ، وأن الحجارة التي تبني البيوت والعمارات تحولت إلى هلاك لقوم لوط، هل نوقن أن هناك جنوداًَ لا تُرى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) مثل الفيروسات والميكروبات والإيدز والسرطان والقلق النفسي...
 
هل كان يتصور أحد أن يزول ملك فرعون على يد رجل تربى في بيته؟
وأن يتحول المستضعفون في مكة إلى ملوك الأرض في المدينة والشام ومصر والهند والسند والمغرب العربي ؟.
 
وهل أيوب - عليه السلام - يلتجئ إلى ربه بالدعاء ليكشف عنه الضر لولا فُسحة الأمل التي لم تفارقه لحظة، فإذا البلاء شفاء ؟
كما قال أصدق القائلين : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)[الأنبياء 83)].

أم هل كان يخطر على بال يونس -عليه السلام- وهو في بطن الحوت، أن ينادي وهو في الظلمات، ليست ظلمةً واحدة، لولا أمله أن ينجيه ربه: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ... ) [الأنبياء: 78- 88)]، وما أروع هذا التعقيب الذي يشمل كل المؤمنين إلى يوم الدين حيث جاءت نهاية الآية (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) ليبقى الأمل مصوراً أمام أنظارهم، فلا يقنطون.


• النفر الستة بداية مرحلة جديدة من العز والتمكين والبذرة الأولى لشجرة باسقة ظلت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ؛ فما هي قصتهم ؟

دعونا نتأمل هذا المشهد العظيم من سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام :

في ليلة من ليالي الموسم بمنى، والذي تجتمع فيه قبائل العرب للحج، وفي مجلس من المجالس، كان ستة نفر منزوين يتحادثون ويتسامرون فيسمع حديثهم رجلان فيأتيانهم، فمن كان يظن أن يكون أولئك النفر الستة بداية مرحلة جديدة من العز والتمكين، والبذرة الأولى لشجرة باسقة ظلت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها؟

ومن كان يخطر بباله أن تشهد تلك الليلة من ليالي الموسم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه أبو بكر - رضي الله عنه - يطوفان بمنى حتى إذا سمعا صوت رجال يتكلمون مالا إليهم، فقالا وقالوا، وتحدثا وسمعوا، وبيّنا فأصغوا، فانشرحت القلوب، ولانت الأفئدة، ونطقت الألسنة بالشهادتين، وإذا بأولئك النفر من شباب يثرب يُطلقون الشرارة الأولى من نار الإسلام العظيمة التي أحرقت الباطل فتركته هشيماً تذروه الرياح. من كان يظن أن تلك الليلة كانت تشهد كتابة السطور الأولى لملحمة المجد والعزة ؟

يا سبحان الله  إن نصر الله يأتي للمؤمن من حيث لا يحتسب ولا يقدر، لقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجتمعات القبائل وقصد الرؤساء وتوجه بالدعوة إلى الوجهاء وسار إلى الطائف، فعل ذلك كله عشر سنوات وهو يرجو أن يجد عند أصحاب الجاه والمنعة نصرة وتأييداً، كان يقول صلى الله عليه وسلم في كل موسم: ((من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي))، ومع كل هذا لم يجد من يؤويه ولا من ينصره، بل لقد كان الرجل من أهل اليمن أو من مضر يخرج إلى مكة فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك!

لم تأت النصرة والحماية والتمكين من تلك القبائل العظيمة ذات المال والسلاح، وإنما جاءت من ستة نفر جاؤوا على ضعف وقلة.

"إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله".

ستة نفر من أهل يثرب كلهم من الخزرج دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام ولم يكن يتوقع منهم نصرة وإنما أراد دعوتهم فآمنوا وأسلموا  ثم تتابعت الأحداث على نسق عجيب، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه ـ وكان أحد النفر الستة ـ : حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعاً فقلنا: حتى متى نترك رسول الله يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه الموسم، فواعدناه العقبة فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: ((على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم وأزواجكم، ولكم الجنة))، قال جابر: فقمنا إليه فبايعناه [مسند أحمد].

ياله من مشهد عظيم ، وأملٌ تبعه عمل . 

والحق أن هناك أمرين يجب التمسك بهما هما: الأمل والعمل، فهما يعصمان المسلم من هذا اليأس والكسل.
 

إن هناك أركاناً أربعة لإحياء الأمل الكبير:
الأول : قوة الله التي لا تقهر.
الثاني : قوة المنهج الذي لا يتغير.
الثالث : التاريخ الحافل.
الرابع : الواقع الماثل.
 
الأول : قوة الله التي لا تقهر 
إننا بحاجة ماسة إلى تغذية الإيمان بالله تعالى على أساس واضح من الثقة الكاملة في قوة الله التي لا تقهر .
فالله وحده هو الخالق  (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ).

والله وحده هو المالك لهذا الكون (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
 
والله وحده هو القاهر (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)
 
والله وحده هو النافع الضار (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
 
والله وحده هو المعز المذل (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).
 
فهل يليق بمسلم يرى الطائرات والبواخر العملاقة والصواريخ الفتاكة ثم يضعف بصره عن رؤية الليل والنهار، البحار والأنهار، الماء والريح، الشمس والقمر، النور والظلمة، الحر والبرد ؟
من الذي يحرك كل هذا؟
إن الله يجيب في وضوح وجلاء : (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ..) سورة  فاطر.
 

الثاني : قوة المنهج الذي لا يتغير
إن قوة المنهج جزء من قوة الملك الذي أنزل الكتاب وأجرى السحاب وهزم الأحزاب. إنه القرآن العظيم والسنة المطهرة (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) ولا تستطيع قوى الإنس والجن لو اجتمعت أن تأتي بمثله، ولا تستطيع حضارة اليوم أن تواجه تحدي القرآن في إعجازه اللغوي والتشريعي والتاريخي والعلمي (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ..) سورة الحج.
 
ولذا حاول أعداء الإسلام أن يحرفوا القرآن ويهاجموا السنة، وأن يحطوا من شأن هذا الدين والله تعالى في عليائه يقول " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا .."
 
لقد ظل الملايين في العالم يحفظون القرآن ويقرأونه وبقي الكتاب الأول المحفوظ في الصدور المتلو في المساجد والدور، المقروء من المؤمنين وغيرهم في المدن والقرى والكفور، لقد بقي كالشمس الساطعة على العالم رغم أنفه ، وكالقمر المضيء على الكون رغم ظلمته، إنه النور الذي لا يطفئ (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ، (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ..) الأنفال.
 
لقد سبقت بريطانيا وفرنسا إلى الحرب على القرآن والسنة وقال اللورد كرومر عندما جاء إلى مصر جئت لأهدم ثلاثة: القرآن والكعبة والأزهر، وهلك دون مراده ووقف الحاكم العسكري للجزائر بعد مجازر جاوزت المليون وبقى الشعب الجزائري متمسكاً بأصالته متحركاً بقرآنه وسنته حتى قال الحاكم العسكري الفرنسي " ماذا أفعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟ ".
 
هل ترى كتابا في العالم يحفظه الشيب والشباب، الرجال والنساء، الكبار والصغار ، العرب والعجم، الأبيض والأسود، المسلم وغير المسلم إلا القرآن؟ لقد حفظ ثلاثة آلاف القرآن في طشقند وحدها في خنادق تحت الأرض عندما منع الشيوعيون في روسيا حفظ القرآن وقراءته وتداوله في البلاد الإسلامية التي قهرت تحت حكم الاتحاد السوفيتي ، إن الشعب التركي رغم كل محاولات التضليل والتذويب  يبقى من الملايين يحفظون القرآن ، وكذا الشعوب الهندية والباكستانية والبنجلادشية والخليجيون والمصريون والشوام والمغاربة....
 
يا قوم ثقوا في قوة القرآن والسنة، ثقوا أن معكم أقوى سلاح على وجه الأرض؛ لأنه سلاح تعمير الأرض لا تخريبها، إحياء الموتى لا قتل الأبرياء، الحكم بالعدل وليس إشاعة الظلم، التحلي بالعفة لا التدني بالخسة، التكافل بين الأغنياء والفقراء، ليس الحقد والسرقة والاعتداء، الأمن لا الخوف، البر لا الظلم، الإحسان لا الطغيان، السكينة لا الضغينة، التواضع لا الكبر والخيلاء، وحق لمنهج هذه بعض معالمه أن يقود وأن يسود، وأن نتحرك به في هذا الوجود، حتى يسطع نوره على أهل الغواية الجحود.
 
الثالث : التاريخ الحافل
إن التاريخ كله يعطي رسالة واضحة (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) دوام الحال من المحال "دولة الإسلام مع الظلم تزول ودولة الكفر مع العدل تطول" فكيف إذا اجتمع الكفر والظلم. إننا بحاجة أن نتدبر آيات واضحات في كتاب الله تبارك وتعالى ، منها :
 
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ}.
 
{وتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا}.
 
{ وإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا }.
 
{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا}.
 
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13)إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} .

إذا كانت هذه نصوص القرآن فهل يستطيع من لا يؤمن به أن يكذب التاريخ العالمي الذي يؤكد حقائق القرآن ؟
 
أين أكاسرة الفرس وقياصرة الرومان؟
 أين عمالقة الهند والصين؟
أين هولاكو ولويس التاسع؟
أين نابليون بونابرت؟
أين كارل ماركس ولينين وستالين؟
أين ماركوس وشاوشيسكو وشاه إيران ؟...
 
{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}.


 
الرابع : الواقع الماثل
إذا كان قد أتيح للشر والظلم قنوات فضائية، ومحطات إذاعية، ووسائل إعلامية وجعل عنوان العالم هو الظلم والفسق والفجور والزنا والخمور، فإن وراء هذه الأستار من عباد الله الأخيار الذين يتحركون بالإسلام في الليل والنهار، وها هي بعض إحصاءات الواقع:-
 
• كان هناك ثمانية مراكز إسلامية في أمريكا في أوائل القرن العشرين، ومع أوائل القرن الحادي والعشرين زادت عن ألفين.
 
• لم تكن هناك مدرسة إسلامية واحدة قبل خمسين عاماً، والآن تزيد على ستمائة مدرسة كاملة.
 
• تنص إحصاءات الحكومة الأمريكية أنه يدخل الإسلام كل عام من السود فقط 17.500 كل عام.

• دخل الإسلام في فرنسا 40 ألفاً من أصل فرنسي خلال 3 سنوات.
حيث أكدت جريدة "NTV news" في عام 2004 م  أنَّ "الإسلام هو الدين الأكثر انتشارًا في أوروبا"، متفقةً مع التقرير الذي نشرَتْه الوكالة الفرنسية للاستخبارات المحلِّية التي نوَّهت على أن عدد المتحولين إلى الإسلام في فرنسا وصل من 30 إلى 40 ألف!


• دخل الإسلام في ألمانيا 200 ألفاً من أصل ألماني خلال عشر سنوات.
 
• الدنماركيون يتحوَّلون إلى الإسلام على نحو متزايد ، فبعد المساحة الكبيرة التي خصَّصها الإعلامُ للإسلام بعد أحداث 11 سبتمبر، وكذلك بعد الإساءات المتكررة لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام تحول العديد من الدنماركيين إلى الدين الإسلامي، كما لُوحظت عدَّة أشياء تؤكِّد على ازدياد التحوُّل إلى الإسلام؛ منها: زيادةٌ في بيع ترجمة القرآن الكريم  وزيادة أعداد المسجلين في دورات اللُّغة العربية بجامعة "كوبنهاجن".

• صرَّح "موجينس موجينسن" - أحد الباحثين في جامعة "آرثوس" - بأن الدنماركيَّات المتحوِّلات إلى الإسلام أنَّهن انجذَبْن للإسلام بعد دراسته عن قُرب، ووجدنه دينًا عقلانيًّا".
 

• المسلمون هم أقوى شعوب العالم خصوبة وإنجاباً للأولاد وسيكون المسلمون إن شاء الله أكثر شعوب العالم.
 
• رغم كل السجون والمعتقلات والحرب الشرسة على الإسلام والدعاة إليه، لكن لا تزال الدعوة إلى الله في كل أرجاء الأرض، فما يغلق باب إلا فتحت أبواب، ولا قتل رجل إلا عوض الله برجال، وهذه الحكومة الإسرائيلية تقتل وتعتقل في عام واحد في قطاع غزة 1998م ثلاثة وثمانين شاباً فيعوض الله قطاع غزة بولادة 83 ألف طفل ذكر، أي غيب رجل فرزقهم الله بألف.
 
• لا تزال المساجد ملأى والقرآن يتلى يبعث في الأمة الأمل والعمل لإحياء مجدهم.

• موجة الحجاب بين النساء تطارد هذا العهر والعري العالمي ليقف الطهر والنقاء في مواجهة العهر والبغاء.
 
• رغم حملات التنصير والتضليل بميزانيات هائلة إلا أن الإسلام لا يزال أول دين في العالم يتحول إليه الباحثون عن الحق والنور.
 
• لا يزال القرآن الكريم والسنة النبوية وكتب الفكر الإسلامي هي أسرع الكتب شراء وانتشارا في العالم. صفحة واحدة على الإنترنت مثل إسلام أون لاين يدخلها يومياً ثلاثة ملايين مسلم وغير مسلم.



ومن " فن صناعة الأمل " جهود المملكة العربية السعودية ودورها البارز في خدمة الإسلام والمسلمين والتي لم تدخر جهداً للاهتمام بالمسلمين وقضاياهم حيثما كانوا ولم تغفل عن المسلمين في شتى بقاع العالم فكانت السعودية متبنية تلك الاقليات .
ومن ذلك استضافتها لأعداد من مسلمي الأقليات لأداء مناسك الحج ممن منعتهم ظروفهم السياسية أو المعيشية من أداء مناسك الحج والعمرة .

• رعاية بيوت الله في كل ركن من العالم ، ونشر المساجد والمراكز الإسلامية في دول العالم ، وبلغ عدد هذه المساجد والمراكز التي قامت المملكة ببنائها أو أسهمت في إنشائها أكثر من ( 1750 ) ، مسجدا ومركزا إسلاميا ، استفادت منها الأقليات المسلمة أينما وجدت .
وأصبحت هذه المساجد والمراكز الإسلامية في دول العالم معالم إسلامية ومنارات هدى ، تشهد بالدور السعودي في خدمة الإسلام والمسلمين .

• نشر العلم والتعليم بين الأقليات المسلمة :
حيث تنوعت إسهامات المملكة العربية السعودية في هذا المجال ، وأنشأت العديد من المدارس والمعاهد ، ووفرت ما تحتاجه هذه المؤسسات التعليمية من كتب ومقررات دراسية ومدرسين ، وبلغ عدد المدارس التي أنشأتها أو تشرف عليها المملكة في العالم الإسلامي أكثر من ( 1960 ) مدرسة ، كما بلغ عدد المعاهد ( 202 ) معهد ، منتشرة في مختلف أنحاء العالم .
بالإضافة إلى ذلك تتحمل المملكة العربية السعودية تكاليف بعض المنح الدراسية في جامعات ومعاهد خارج المملكة لصالح الطلاب المسلمين ، خاصة النابغين منهم .

• مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة ، والذي يعد أول صرح إسلامي في العالم يخصص لخدمة القرآن الكريم بشكل متكامل .
ويقوم المجمع بطباعة ونشر القرآن الكريم وصيانته من التحريف أو من الأخطاء ، وتغطية حاجة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف والمساجد والجامعات والمدارس وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم من المصاحف والترجمات والتسجيلات ، وكذلك تغطية حاجة العالم الإسلامي من إصدارات المجمع المقروءة والمسموعة ، وخدمة السنة والسيرة النبوية ، وإجراء البحوث العلمية التي تخدم القرآن الكريم والسنة وعلومهما .
كما يتولى المجمع إنتاج تراجم تفاسير القرآن الكريم بلغات الدول الإسلامية ، ولغات العالم الحية ، كما يقوم المجمع أيضا بتسجيل القرآن الكريم على أشرطة كاسيت صوتية لمشاهير القراء .
 
فهل بعد هذا نيأس؟
هل يتضاءل الأمل أم يتضاعف؟
هل  تنهار أمام الباطل نوازعنا أم تقوى في الحق عزائمنا؟
هل نذوب مع العهر والتحلل والإسفاف؟
أم نتحلى بالطهر والتصون والعفاف؟، هل نحبس نور القرآن والسنة في المساجد والبيوتات أم ننشره في المؤسسات والإنترنت والفضائيات والجرائد والمجلات ؟
هل نخاف من ظلم العباد وننسى انتقام رب الأرض والسموات؟.

فما أحوجنا ونحن في هذا الزمن، زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم ( فن صناعة الأمل ) ؛ فمن يدري ربما كانت هذه المصائب باباً إلى خير مجهول، ورب محنة في طيها منحة ؟

أو ليس قد قال الله: 

{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } - [البقرة:216].

لقد ضاقت مكة برسول الله فجعل نصره وتمكينه في المدينة.

وأوجفت قبائل العرب على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مرتدة، وظن الظانون أن الإسلام زائل لامحالة، فإذا به يمتد من بعد ليعم أرجاء الأرض.

وهاجت الفتن في الأمة بعد عثمان - رضي الله عنه -  حتى قيل لاقرار لها ثم عادت المياه إلى مجراها.

وأطبق التتار على أمة الإسلام حتى أبادوا حاضرتها ( بغداد ) - سرة الدنيا - وقتلوا في بغداد وحدها مليوني مسلم وقيل: ذهبت ريح الإسلام فكسر الله أعداءه في عين جالوت وعاد للأمة مجدها.

وتمالأ الصليبيون وجيشوا جيوشهم وخاضت خيولهم في دماء المسلمين إلى ركبها حتى إذا استيأس ضعيف الإيمان نهد صلاح الدين فرجحت الكفة الطائشة وطاشت الراجحة، وابتسم بيت المقدس من جديد.


إن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبراتها (صناعة الأمل) ، نعم إن الهجرة تعلم المؤمنين ( فن صناعة الأمل )

الأمل في موعود الله

 الأمل في نصر الله

الأمل في مستقبل مشرق لـ لا إله إلا الله.

الأمل في الفرج بعد الشدة

الأمل في العزة بعد الذلة 

الأمل في استعادة النصر بعد الهزيمة.


خلاصة القول أن اليأس والكفر متلازمان والأمل والإيمان متلازمان، فالأمل عبادة لله، نأمل في رحمته فنستغفره، ونأمل في كرمه فندعوه، ونأمل في معيته فنذكره، ونأمل في جنته فنترك معاصيه، ونأمل في حبه فنتقرب إليه بالفرائض والنوافل، ونأمل ظل عرشه فنحب إخوانا لنا فيه. وكل عبادة يصحبها أمل في أن يتقبلها الله، ولا أمل إطلاقا لمن لا عمل له.
إن أمل المسلم ليس مكابرة ولا قفزاً على الواقع والوقائع، ولكنه عقيدة راسخة يؤمن بها ويعمل في إطارها، سندها كتاب الله عز وجل: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87]
{ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ } [الحجر:56].


فإلى العمل بعد تحقيق الأمل ، ولنتعلم ( فن صناعة الأمل ) .
____________
(٣٢)
كيف تجذبني لسماع صوت حروفك ؟




الروائي الأمريكي (هيمنجواي) كتب قصة قصيرة جداً من ستة كلمات :
For Sale: Baby shoes , Never used .

بترجمة حرفية:
للبيع : حذاء طفل ، لم يستخدم أبداً .

ما الذي يمكننا أن نفهمه من هذه القصة ؟
بكل تأكيد كل شخص سيكتب من خياله قصة مختلفة عن الآخر حول هذا المعنى باستخدام الكلمات الموجودة .
فلو أردت أن اكتب وأترجم هذه القصة من خيالي سأقول :
هناك امرأة تزوجت ورزقت بطفل جميل يبلغ من العمر أربع سنوات ، وفي يوم من الأيام ذهبت إلى السوق واشترت له حذاء أنيقاً ، ولكن هذا الطفل أصابه مرض ورحل عن هذه الدنيا ولم يلبس الحذاء إطلاقاً  ، لذلك وضعت إعلاناُ في الجريدة للتخلص من الحذاء .
هكذا تخيلت القصة، لعلك تتخيلها بشكل مختلف، ما رأيك أن تجرب الآن؟
تدرب على البساطة، أكتب قصة من ست كلمات .



تدرب وحاول :

- اكتب نفس العبارة المكتوبة
 
- انسخ العبارة المكتوبة
 
- اكتب أي عبارة عن أي موضوع بحيث لاتتجاوز ٢٠ كلمة .

- ضع عنواناً للموضوع.

- اختر عضواً يراجع لك ما كتبته .

- اكتشف الخطأ في العبارة - إن وُجد .

- اقرأ صفحة من أي كتاب وارفع صوتك وأنت تقرأ .

- سجل صوتك بكلمة مرتجلة بلا ورقة ، وعوّد نفسك على القراءة والجرأة ، ومع الوقت ستتطور عندك هذه النقطة .

- حاول مرة أخرى ولكن في هذه المرة أن تقرأ عند أهلك وإخوتك أو عند أشخاص تعرفهم  .


فكل هذا يساعد على زيادة المهارة والجرأة عند الحديث مع الآخرين .


- شخص أرسل لك عبارة مثيرة ومعها رابط كي تفتحه وتشاهد محتواه ، خاتماً عبارته بكلمة ( انشر تؤجر ) ، كأن يرسل لك :
( تلاوة عذبة بصوت ندي وخاشع ..... ثم يضع الرابط ) ؛ فهل سترسله إلى الآخرين قبل مشاهدته ؟


تعتبر الكتابة من الأمور الضرورية في حياة كل فرد كي يعبر عن رأيه في شتى المجالات سواء لغرض نشر العلم وإفادة الآخرين أو للتكسب أو من أجل التدوين وكلها تحتاج إلى وقت وجهد ؛ فكيف إذاً تطور وتحسن من طريقتك وأسلوبك في كتابة الموضوع وعنوان الموضوع أيضاً؟
 
أولاً - القراءة ثم القراءة ثم القراءة :
فهي الكنز من جهتين ، من جهة سعة الاطلاع والثقافة ، ومن جهة أخرى التحسين والتطوير ، فهي المساعد الرئيس على تمكنك من الكتابة. والقراءة هنا أعني بها قراءة الكتب ، ولا تقتصر على المنتديات والمدونات والصحف والمجلات فهذه لا تغني عن قراءة الكتب ، بل اقرأ القرآن الكريم واستمع له من مشاهير القراء المتقنين ، اقرأ عن السيرة النبوية – على نبينا أفضل الصلاة والسلام - وعن سيرة الصحابة – رضوان الله عليهم - واقرأ سيرتهم مروية بألسنتهم ، واقرأ كتب الأدب القديم ، وستجد فيها اللغة والمفردات القوية وستجد البلاغة والمعاني الجميلة والدروس المفيدة فيها ، وابتعد عن قراءة كتب اللهجة العامية المحكية فإنها تضعف ملكاتك اللغوية .
 
ثانياً - كتابة موضوع تجريبي :
لكي تكتب عن موضوع تجريبي ، ضع الاعتبارات التالية محل اهتمامك :
١-  اختر موضوعاً تود الكتابة عنه حول تخصص ما تهتم به وتحبه .
٢-  خطط للموضوع ، واجعله على شكل نقاط أو أسئلة توجهها إلى نفسك للإجابة عليها في الموضوع ، واكتب هذه النقاط بأي طريقة تريدها .
٣- لا تدقق في الأخطاء أثناء كتابتك.
كما يمكنك مراجعة ما كتبته في الماضي وانظر كيف يمكن تحسينه  . ٤- تذكر بأنه لا يوجد أي مقال جيد مكتوب من أول محاولة ، بل إعادة الكتابة والتحرير والربط بين الجمل هو ما يصنع كتابة جيدة .
 
 
ثالثاً - نظّم النقاط التي تود التحدث عنها :
بحيث تكون على شكل عناوين وفقرات (على شكل قائمة مثلاً) ، وتتعلق هذه القائمة بالموضوع الذي تود الكتابة عنه وإيصال مضمونه. كما يمكن استخدم الخرائط الذهنية فهي تساعدك في التنظيم وفي توليد أفكار الموضوع وطريقة عرضها بحيث يمكنك تقسيم الموضوع بطريقتك على ورقة قبل كتابته .
 
رابعاً - لا تدقق ولا تقلق من الأخطاء :
وهذه نقطة ضرورية يجب أن تُذّكر نفسك فيها دائماً إذ لا يوجد موضوع كامل وخالٍ من الأخطاء الإملائية أو من النواقص في المضمون والأسلوب ، لذلك اكتب ما يخطر على بالك ولا تنشغل بالتدقيق كثيراً في بداية كتابتك للموضوع لأن مثل هذا قد يبعدك ويُكرّهك في الكتابة ، واكتب في مسودة ولاتنس المراجعة بعد اكتمال الموضوع ، ويمكنك عرضه على من تثق فيه .
ولا يقصد بالخطأ الإملائي الفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع ، بل الأخطاء مثل: لفظ الجلالة (اللاه – الله)، والمشيئة (إنشاء الله – إن شاء الله) ، و الخلط بين حرفي (ض – ظ) وهكذا .
كما أن استخدام عبارات الترقيم الأساسية  في النص ( النقطة – الفاصلة – الفاصلة المنقوطة – علامتي التعجب والاستفهام ) وغيرها من الأمور التي تُساعد أي قارئ على (تلبُس النص) بشكل جيد ..
ومن الضروري أن تبتعد في أي كتابة لـ نص أو مقال عن العطف المستمر بـ الواو ، فليس أسوأ من نص متصل من البداية إلى النهاية بحرف العطف بين كل جملة وأخرى ، كأن تكتب : " ذهب محمد وقابل صديقه وعاد إلى البيت و و و و …." 
فلا تستطع معه إدراك ما تقرأ !
 
خامساً – الاطلاع على أساليب الآخرين في الكتابة :
وهذا بكل تأكيد عامل مهم للمساعدة على تحسين الكتابة وكذلك تطوير أسلوبك ، ابحث قليلاً في الكتب والمصادر الأخرى وتأكد من معلوماتك ، فالبحث ثم البحث ثم الكتابة .
 
سادساً – ابدأ بالمختصر ثم اذكر التفاصيل :
طريقة كتابة الموضوع مهمة ، وطريقة الكتابة في البريد الإلكتروني أو في المنتديات تختلف كثيراً عن كتابة الكتب ، فعادةً عند كتابة البحوث نفكر في كتابة المقدمة أولاً وقد تستغرق وقتاً طويلاً عند البعض . أما عندما تكتب لشبكة الويب مثلاً أو رسالة في البريد الإلكتروني تذكر أهم قاعدة ألا وهي الاختصار والوضوح ، لا داعي للإطالة في المقدمات والتلاعب بالكلمات ، وتذكر أن الطرف الآخر قد لا يملك الوقت لقراءة كل شيء ؛ فاختصر .
وفي نفس الوقت لا تنس آداب المراسلة ، البدء بالتحية والسلام ثم موضوع الرسالة ثم اختم رسالتك بأي عبارة ولا بد أن تذكر اسمك أو الاسم المستعار، فمن العيب أن تترك رسالتك بدون توقيع .
 
 
سابعاً – العنوان الرئيس أهم من النص :
مقولة نتداولها كثيراً للدلالة على معرفة الاشياء من ظاهرها المعلن (بأن الغلاف أهم من المحتوى) ، (ويعرف الكتاب من عنوانه) فإن كان العنوان جذاباً سيجذب القراء ويشدهم أكثر ، وهنا تكمن مقدرة الكاتب على استكمال القارئ لقراءة الذي كتب!
وأشبه ما يكون تمّيز العنوان وجذبه للقراء بالمنزل من الخارج ، فالأكمل هو تمّيز المنزل من الداخل ومن الخارج ، وبكل تأكيد لن يلفت الانتباه ذاك المنزل من الداخل مهما نمقت وحسنت فيه ومهما كانت جودة العمل واختيار المواد له ؛ لأنهم لن يُشاهد إلا من الخارج فقط ، ولن يشد الآخرين مقارنة لو كان من الخارج بلمسات فنية وبتصميم جذاب .


كيف تختار عنوانا جذابا لموضوعك ؟
من ذلك :
١- دع عنوانك يبرز الفائدة الرئيسية التي يمكن جنيها من موضوعك ،
حاول أن تجعل عنوانك على شكل سؤال ، وسيجعل كل من يقرأ السؤال يحاول أن يفكر بجوابه ، وهذا بدوره سيشده إلى الموضوع ، فمثلاً عنوان : (الحرب على الرشاوى)
يمكن تحويله إلى : 
(من سيربح الحرب على الرشاوى ؟) . 

٢- استخدام الأرقام لإثارة الاهتمام :
إن عنواناً مثل : (الطرق الخمسة للكتابة) هو أكثر إثارة للفضول من مجرد عنوان (طرق الكتابة) .
وكذلك الكتاب المشهور ( العادات السبع للناس الأكثر فعالية ) بكل تأكيد أشد جذباً من ( عادات الناس الأكثر فاعلية) وهكذا .

٣- قم بتطويل العناوين بطريقة معقولة كي تعجل موضوعك أكثر إثارة : 
إن عنواناً مثل : (البلاغة) يمكن تطويله بشكل مثير ليصبح : 
( كيف تصبح بليغاً ؟ ) .


٤- استعمل جملة في موضوعك لتكون عنواناً له :
لا بد أن يكون هناك جملة بليغة أو مهمة في موضوعك تصلح لتكون عنواناً ، استعملها ؛ لأن القراء سيذكرونها أكثر .

٥- استعمل كلمات قوية :
إن بعض الكلمات تتمتع بجاذبية خاصة لدى استعمالها في العناوين مثل : أنت ، كيف ، جديد ، من ، الآن ، فجأة ، مدهش ، معجزة ، القوة ، أسرار ، مثير ، سحري ، التحدي ، خطر .

٦- ويُنصح الذين يكتبون رسائلهم باللغة العربية أن لا يكثروا من استعمال ضميري المتكلم والمخاطب ، مثل ( أنا / نحن / وأرى/ ونرى/ وقد انتهيت في هذا الموضع إلى / ورأيي / .....ونحو ذلك .
ولو اضطروا إلى استعمال ضمير المتكلم فعليهم أن يُظهروا التواضع والأدب الجم ، فالحديث عن النفس غير محبب غالباً للقارئ والسامع ، وعلى الباحث والكاتب أن يتحاشى عبارات مثل :
إن الأبحاث التي قمت بها تجعلني أعتقد... 
ولا أوافق هذا الكاتب على....
لأني استطعت الحصول على مادة...
وغير ذلك من الأساليب التي فيها الإعجاب بالنفس ، وأن يستبدلها بعبارات مثل :
ويبدو أنه...
ويتضح مما تجمع من مادة...
إلى غير ذلك 

٧- مما ينبغي الإشارة إليه قولاً لأحد العلماء ـ المتقدمين ـ سيختصر على الكاتب كثيراً من القول في معرفة الألفاظ التي يجب أن يستعملها عند الكتابة ويحاول التعرف عليها والوصول إليها ؛ يقول : 

- هناك الألفاظ التي يعرفها الناس ويتداولونها ؛ فلا ينبغي للكاتب أن يستعملها ؛ لأنها مبتذلة .
- وهناك الألفاظ التي لا يعرفونها (غريبة - وحشية ... )  فلا يسوغ للكاتب أن يستعملها.
- وهناك الألفاظ التي يعرفها الناس ولكنهم لا يستعملونها لأن فيها رفعة، وفصاحة فلا يستعملونها لأن لغة التفاهم التي يريدونها بينهم في مُجريات حياتهم أبسط منها ؛ فهذه هي التي تستعملها - أيها الكاتب - ويكون لها ثقل ، وإكبار في أذن السامع .
والضابط والمعيار في ذلك هو أن لا تنقع أدبك في أوحال العامية ، ولا ترتفع وتبالغ حتى تصل الغريب الوحشي ، وتخرج عن حيِّز الفصاحة ، والبلاغة .

٨- الخاتمة :
كتابة سطر أو سطرين لإنهاء الموضوع مع إدخال الكلمات الدلالية في الجمل.

مع التأكيد على أن نوع ولون وحجم الخط لها دور كبير في جذب القارئ .

____________

(٣٣)

[الطُرُق المُثلى للتعامل مع الأعمى]



محتويات الموضوع تشتمل على ما يلي :

• مرادفات وأضداد كلمة " الأعمى " .
 
• هل مناداة الشخص بـ الأعمى من التنابز بالألقاب ؟

• ما جزاء من فقد بصره وصبر ؟

• إحصاءات منظمة الصحة العالمية عن عدد المصابين بالعمى وعن أكثر خمسة أمراض أساسية تتسبب في كف الإبصار أو ضعفه . 

• كيف نتعامل مع الكفيف ؟
سواء كان معنا في البيت أو في بيت أحد الأقارب أو في مقر العمل أو في الشارع ...

• أفضل طريقة لشرح مواقع الأشياء للأعمى هي استخدام طريقة الساعة ؛ فماهي طريقة الساعة ؟

• إذا أردت أن ترشد " الكفيف " إلى مكان ما ، وأصبحت أنت المرافق المبصر  فما هي الخطوات الإرشادية الصحيحة ؟

• إرشادات هامة للأم - على وجه الخصوص - عن كيفية التعامل مع الطفل الكفيف .

• وسائل التأقلم مع الأعمى .

• قصيدة على لسان إنسان ضرير.



• من مرادفات كلمة كَفِيف :
أَعْمَى ، ضَرِير ، طَلِيس ، طَمِيس ، أَكْمَه (الأكْمَهَ : كما ورد في سورتي آل عمران  والمائدة ، قال تعالى : {الأكمه والأبرص } الأكمه: مَن ولد أعمى ، أو من ولد مطموس العينين ، أو من يُبصر بالنهار و لا يبصر بالليل )

من أضداد كلمة كَفِيف :
بَصِيرٌ - معاينٌ - مُبْصِرٌ - مُشاهِدٌ - ناظِرٌ - البَصير - الرَّائي - المُشاهِد - المُعايِن

فكم من رجل أعمى العينين ولكن قلبه مُبصر، فهو بقلبه أهدى العقلاء، وكم من مفتَّح العينَين وبصره فيها حديد، ولكنه أعمى القلب؛ فهو أضل من الأنعام والبهائم، وتأمل قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج/ 46].
 
ولو دقَّقنا النظر في آي الذِّكر الحكيم، سنجد أنه لم يُرَدْ بالعمى - في أغلب آيات القرآن - المكفوف الذي ذهب بصرُه ؛ وإنما أُريدَ من العمى المعنويُّ ؛ العمى القلبي، العمى الفكري؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء/72] ؛ أي: من كان في هذه الدنيا أعمى القلب عن رؤية قدرة الله وآياته ورؤية الحق، فهو في الآخرة أعمى ؛ أيْ: أشدُّ عمى وأضلُّ سبيلاً.
 
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - لما نزلت: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى ﴾ ، سأل ابن أم مكتوم النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: أنا في الدنيا أعمى، أفأكون في الآخرة أعمى؟
فنزلت هذه الآية: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج/ 46]؛ إذًا ليس السعيد من كان مفتَّح العيون ؛ وإنما السعيد مَن كان بصير القلب.


• هل مناداة الشخص بـ الأعمى من التنابز بالألقاب ؟

مما اتفق عليه المحدثون : جواز ذكر مثل هذه الأوصاف إذا كانت للتعريف لا للتنقيص ، فقالوا : الأعمى والأعور والأعرج . 
وفي الحِرَف قالوا : الخراز ، والخرقي ، ونحو ذلك ، وهذا لما فيه مصلحة لترجمة الرجال في السند . 
ومثله ليس تنابزا بالألقاب في هذا الفن 
ومثله إذا كان للتعريف في غرض سليم دون تنقص ، كما في قوله تعالى : { عبس وتولى * أن جاءه الأعمى }


• ما جزاء من أُبتُلي بفقد بصره وصبر ؟

في الحديث القدسي ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: [ من أذْهبتُ حبيبتيْهِ (عينيه) فصبرَ واحتسبَ لم أرضَ لَهُ ثوابًا دونَ الجنَّةِ ] . صححه الألباني


• إحصاءات منظمة الصحة العالمية :

نشرت منظمة الصحة العالمية في عام 2004 مقالا يتضمن بعض الحقائق عن الإحصائيات التي قامت بها في عام 2002 إذ أقرت بوجود 161 مليون شخص في العالم يعاني من مشكلات بصرية ما بين كفيف وضعيف بصر مما يمثل 2.6% من سكان العالم!
منهم 137 مليون ضعيف بصر فيما يوازي 2% من سكان العالم ومنهم 37 مليون كفيف فيما يوازي 0.6% من سكان العالم أيضًا.

فالأمراض وسوء التغذية للحوامل هي أولى وأهم أسباب كف الإبصار أو ضعفه، وطبقا لتقارير منظمة الصحة العالمية توجد خمسة أمراض أساسية تتسبب في كف الإبصار أو ضعفه ألا وهي:

١- المياه البيضاء (الكاتاراكتا) بنسبة 47.9%

٢- المياه الزرقاء (الجلوكوما) بنسبة 12.3%

٣- الضمور البقعي الشبكي المرتبط بتقدم اسن (AMD) بنسبة 8.7%

٤- القرنية بنسبة 5.1%

٥- اعتلال الشبكية بسبب مرض السكر بنسبة 4.8%

(علاوة على وجود أمراض أخرى أقل تأثيرا).

ومن الحقائق الثابتة أن ضعاف البصر والمكفوفين في البلدان النامية يعانون من مشكلات بصرية بسبب الظروف الوقائية والتدابير العلاجية التي يفتقرون إليها، وأن الأطفال في المناطق الفقيرة في العالم يعانون من أمراض قد تصيبهم بكف البصر أو ضعفه أكثر من أقرانهم الذين يعيشون في رخاء ، ومع ذلك فإن كافة الأقاليم في العالم تشهد ارتفاع ملحوظ في كف البصر وضعفه ما بين كبار السن الذين يتجاوزون 60 عاما. 


• كيف نتعامل مع الكفيف  ؟
سواء كان معنا في البيت أو في بيت أحد الأقارب أو في مقر العمل أو في الشارع  ، فاالتعامل معهم يحتاج إلى أساليب توعوية ، حيث ينتشر في أوساط المجتمعات المتقدمة أساور أو شارات يكتب عليها عبارات توعوية ، مثل :
( I  am  blind  but  not  deaf)
[تعني أنا أعمى ولست أصماً] ، والمقصود من هذه العبارة هو توعية المجتمع بعدم رفع الصوت عند محادثة الأعمى .

- الكفيف مثل أي شخص آخر لا يختلف عنك ؛ لذا عامِلْه كما تعامل أي شخص بشكل طبيعي وبدون افتعال .

- لا تظهر له العطف الزائد والشفقة، وخاصة كلمة مسكين ، أو معاق فهذه الكلمات تجعله يشعر وكأنه عاجز حقًّا.

- عند اللقاء معه لا بد من تحيته ومصافحته عوضاً عن الابتسامة التي ترتسم على شفتيك لغيره.

- عندما تتحدث مع الكفيف أَعْلِمه أنك تتحدث إليه، فهو لا يرى عينيك حتى يعرف أنك تتحدث إليه؛ لذا نادِهِ باسمه حتى يعرف أن الحديث موجه إليه، وخاصة عندما يكون مع مجموعة فإنك في حديثك تنتقل من شخص إلى آخر.

- عند التحدث معه لا تحاول رفع صوتك، بل اجعل حديثك معه مثل السوي تمامًا لأن ارتفاع الصوت يؤذيه ويؤدي إلى مضايقته.

- لا تشعر بالإحراج من استخدام كلمات تتعلق بالنظر مثل ( انظر، هل رأيت، من وجهة نظرك ...  إلخ ) فهذه الكلمات لا تحرج الكفيف فهو يستخدمها في حديثه وإن كان لا يرى ، ولا تتجنب استخدامها ظناً منك أن ذلك سوف يحرجه.

- لا تشعر بالإحراج من التحدث عن كف البصر وعن إعاقته، فهذا لا يضايقه لأنه قد اعتاد عليها وإنما عليك اتباع الأسلوب المناسب.

- عند التحدث مع الكفيف عليك أن تستدير وتنظر باتجاهه وإن كان لا يراك، فهو يشعر ويعرف إن كنت تتحدث إليه من خلال اتجاه صوتك، وكما أنه من غير اللائق التحدث إلى شخص مبصر دون النظر إليه، فإن ذلك ينطبق على الكفيف أيضًا.

- عند دخولك على كفيف دَعْه يشعر بوجودك وذلك عن طريق إخراج بعض الأصوات ، ولا تعتمد على أنه يعلم بوجودك، فهو لا يراك وأنت تدخل.
وعرف نفسك دائماً عند دخولك لغرفة بها كفيف ويمكنك استخدام جملة (السلام عليكم) مع ضرورة تجنب جمل استفهامية مثل ( هل تعرفني ؟ أو من أنا ؟ ) ... الخ
فهذه لاتصلح حتى مع المبصرين ، فما بالك بغيرهم ؟!!.

- إذا كنت قد انتهيت من حديثك وأردت الخروج من الغرفة مثلاً، فعليك أن تُعْلِم الكفيف وتنبهه لذلك فهو لا يراك وأنت تخرج.. ومن المحرج له أن يتحدث إليك وهو يظن أنك ما زلت في الغرفة ويكتشف بعد ذلك أنه يحدث نفسه.

- لا تقدم الكثير من المساعدات للكفيف وخاصة في الحالات التي يمكنه القيام بالعمل بمفرده، فإنك إن فعلت تجعله عاجزًا عن القيام بأبْسَط الأفعال، ومع مرور الزمن فإنه لن يستطيع الاعتماد على نفسه أبدًا ويتًّكل على الآخرين بشكل تام.

- إذا قام الكفيف بأداء عمل بسيط معتمدًا على نفسه، فلا تنظر إليه باستغراب وكأن عمله معجزة وتقول له: "هل فعلت ذلك وحدك دون مساعدة ؟!"، فإنك تعامله وقتها وكأنه طفل.

- إذا أردت إرشاد الكفيف إلى موضوع ما فلا تقل له هناك فهو لا يرى هناك.. وإنما كن دقيقًا في الشرح وقل مثلاً: على يمينك على بعد ثلاثة أقدام.

- عند تواجدك في مكان ما مع كفيف اشرح له ما يوجد حوله حتى تكون لديه فكرة عما يحيط به، تفاديًا لما قد يقع إذا تحرك دون أن يكون على علم بما حوله، فقد يصطدم بأشياء أو يوقع أشياء أخرى إذا لم يكن على علم مسبق بموقعها، وكذلك فإن الأشياء المعلقة والبارزة على مستوى رأسه قد تكون خطيرة عليه إذا لم يعلم بوجودها.

- عند تركك للكفيف بمفرده في مكان مفتوح حاول أن يكون الكفيف قريب من الجدار أو طاولة أو كرسي.

- لا تترك الأبواب نصف مفتوحة فإن ذلك يعرض الكفيف لخطر الاصطدام بها، فالأبواب يجب أن تكون إما مغلقة تمامًا أو مفتوحة تمامًا.

- إذا لزم الأمر تغيير أثاث الغرفة أو تحريك أي قطعة من مكانها الذي اعتاد عليه الكفيف، فعليك إعلامه بهذا التغيير تجنبًا لأي صدمات غير متوقعة.

- عند تقديمك شيئًا ما للكفيف لا تقل له خذ فهو لا يرى اتجاه يديك وموقعك، وبالتالي فإنك إما تصدر صوتًا بالشيء الذي تريد تقديمه له فيسمع الصوت ويعرف الموقع والاتجاه ويسهل عليه أخذه، وإما أن تقربه إلى يده حتى يلمسه ويشعر به فيستطيع أخذه.

- عند تقديمك شرابًا من أي نوع للكفيف لا تملأ الكأس إلى آخره، فإن ذلك يؤدي إلى سكبه.



• أفضل طريقة لشرح مواقع الأشياء للأعمى هي استخدام طريقة الساعة ؛ ماهي طريقة الساعة ؟

إذا قدمت للكفيف طعامًا فاذكر له ما هو هذا الطعام، واذكر موقعه على الطاولة وموقع الكأس والأدوات الأخرى، وذلك لكي يتسنى له أخذه دون أن يوقعه، وأفضل طريقة لشرح مواقع الأشياء هو استخدام طريقة الساعة .

ماهي طريقة الساعة ؟
 هي كالتالي :
 تشرح للكفيف وتقول له :
إن الكأس عند الساعة 3 
والطبق عند الساعة 6 
وقطعة الجبن عند الساعة 9
والخبز عند الساعة 12
وهكذا....

ولا تستمر في تقديم التوجيهات أثناء تناول الطعام إلا إذا طلب الكفيف منك ذلك.


عند توصيلك الكفيف إلى السيارة ، لا تفتح له الباب، فإنك إن فعلت تعرضه لخطر الاصطدام بحافة الباب؛ لذا يكفي أن تضع يده على مقبض باب السيارة وهو يقوم بالباقي.

إذا قابلت كفيفًا في الطريق فلا تمسك يده مباشرة وتجره فقد لا يحتاج إلى مساعدتك.. وعليك أولاً أن تعرض عليه المساعدة، فإذا كان بحاجة إليها طلبها منك وإذا رفضها فهذا يعني أن بإمكانه الاعتماد على نفسه في هذا الأمر ويجب أن نشجعه على ذلك.

• خطوات إرشادية :
إذا أردت أن ترشد الكفيف إلى مكان ما وأصبحت أنت المرافق المبصر فلا تجره خلفك جرًّا أو تدفعه أمامك دفعًا، وإنما اتَّبِع طريقة المرشد المبصر الصحيحة وهي كالتالي :


- يقف المرشد المبصر متقدمًا نصف خطوة عن الشخص الكفيف، ويقف الكفيف إلى جانب المرشد المبصر.

- يمسك الكفيف منطقة فوق الكوع (المرفق) للشخص المبصر خلف خط الوسط بالنسبة لجسم الكفيف، مستخدمًا يده اليمنى ليمسك فوق المرفق لليد اليسرى للمرشد المبصر وتكون مَسْكَة اليد معتدلة وخفيفة.

- يمكنك تقديم إرشادات لفظية أثناء السير مثل ( أمامنا فراغ ، خلفنا كذا...، إلى جانبنا كذا....، أسفل، أعلى ) وهكذا .

- عند السير في ممرات ضيقة يقوم المرشد بتحريك يده واليد التي يمسك بها الكفيف إلى الخلف ووسط ظهره، وهذه الإشارة تنبِّه الكفيف إلى الوقوف خلف المرشد مباشرة على بعد خطوة وبعد الانتهاء يعيد المرشد إلى الوضع السابق.

- عند صعود ونزول السلالم على المرشد أن يتوقف برهة للإشارة بأنه سوف يصعد أو ينزل السلم، ومن حركة جسم المرشد سوف يدرك الكفيف ذلك، وبإمكانه أن يوضح ذلك لفظًا بقوله (اصعد الدرج).

- عند الجلوس على مقعد يقوم المرشد بوضع يد الكفيف على ظهر أو يد الكرسي.


إن هذه الإرشادات العامة لو انتشرت بين أفراد المجتمع سيكون لها حتماً الأثار المريحة بين أوساط المكفوفين. 



• إرشادات هامة الأم - على وجه الخصوص - للتعامل مع الطفل الكفيف ، منها :

- عاملي طفلك باعتباره أولا طفلا وباعتباره ثانيا معاقا بصريا وهذا يعني أن تقدمي له ما يحتاجه من حب ورعاية.
 
- علميه الصواب والخطأ مثل إخوته مع مراعاة احتياجه الدائم للشعور بالأمان.

- اعلمي إن طفلك يستطيع أداء نفس الأنشطة التي يؤديها الأطفال الآخرون في نفس سنه وساعديه وشجعيه على ذلك.

- اطلبي من طفلك لمس بعض المواد المصنوعة من الخشب أو البلاستيك أو القماش لتنمية حاسة اللمس لديه وساعديه علي التعلم واشرحي له ما يلمسه.

- تكلمي كثيرا معه واسمعيه أصواتاً مختلفة كأصوات الحيوانات أو أصوات من البيئة التي يعيش فيها مثل( فتح الباب وغلقه ـ جرس الباب والتليفون) اشرحي له كل ما يسمعه.
مع تقديم الحيوانات البلاستيكية كي يتلمسها وبالتالي يتخيل شكلها ، مع الابتعاد عن دُمى القماش التي لاتعكس حقيقة ذلك .
ونفس الشيء للأشجار والفواكه وغيرها . 

- أتيحي له فرصة شم روائح مختلفة وتذوق مذاقات مختلفة ومعرفة أنواع المأكولات والفواكه والخضراوات لتنمية حاسة التذوق والشم.

- استمعي إلى أصوات وكلمات الطفل وشجعيه علي تكرارها فهذا يساعده علي استخدام الكلام كوسيلة مهمة للتواصل.

- علميه كيفية تحسس طريقه في البيت دون اصطدام وعرفيه المكان الموجود فيه.

- وأخيرا ننصح أم الكفيف بأن تكون صبورة فالأمر يحتاج إلى وقت طويل واعلمي أن الأطفال الأصحاء يتعلمون بنسبة90% عن طريق الإبصار وتقليد الآخرين وأن طفلك يتعلم عن طريق حواسه الأخرى.


 

• وسائل التأقلم مع الأعمى :

أما بالنسبة لتأقلم المكفوفين وضعاف البصر مع ظروفهم فيقوم الكثيرين من المكفوفين وضعاف البصر بابتكار وسائل خاصة تعينهم على التكيف مع المحيط الذي يعيشون فيه، ومن الوسائل التي يلجأ إليها المكفوفون وضعاف البصر ما يلي:

• استخدام الحاسبات الآلية والتليفونات المحمولة عن طريق البرمجيات المعينة مثل برامج قراءة الشاشة وبرامج قراءة المستندات وتصفح الإنترنت.

• تبني علامات ملموسة في العملات البنكية حتى يتمكن الكفيف من معرفة فئة البنكنوت ( عبارة عن أوراق مصرفية رسمية مطبوعة ) التي يتعامل بها فاليورو والجنيه الإسترليني والكرونة النرويجية تختلف أحجامها باختلاف قيمتها المالية بينما يلجأ المكفوفون في بعض البلدان الأخرى للمطالبة بوجود خط بارز (قد لا يكون الخط البارز التقليدي برايل) بشكل مطبوع على العملة حتى يتمكن الكفيف من تداولها.

• وضع الشرائط اللاصقة بتسميات الأشياء على المقتنيات الشخصية بالخط البارز.

• وضع الأطعمة بشكل منظم على الموائد من أجل التعرف عليها من غير حاجة للمسها باستمرار .

• وضع علامات بارزة على الأدوات المنزلية للتمكن من التعامل معها مثل التعامل مع مكواة الملابس والثلاجة وغيرها.



• وأخيراً ... هذه قصيدة على لسان إنسان ضرير ، يقول فيها :

يا أمي : ما شكل السماء؟ وما الضياء؟ وما القمرْ؟
بجمالها تتحدثون ولا أرى منها أثرْ!
هل هذه الدنيا ظلامٌ في ظلامٍ مستمرْ؟!
يا أمي، مـُدّي لي يديك عسى يُزايلني الضجرْ!
أمشي أخاف تعثـُّرًا وسطَ النهار أو السحَرْ
لا أهتدي في السير إنْ طالَ الطريقُ وإن قصُرْ
أمشي أُحاذر أن يُصادفـَني،إذا أخطوْ، خطرْ
والأرضُ عندي تستوي منها البسائطُ والحُفرْ
عُكازتي هي ناظري هل في جمادٍ من نظرْ؟!
يـجـري الصغار ويلعبون ويرتعون ولا ضررْ
وأنا ضــريرٌ قاعدٌ في عُقر داري مستقرْ
الله يلطـف بي ويصرِفُ ما أقاسي من كدرْ
 

فاللهم أنِر بصائرنا وأبصارنا ياحي ياقيوم ...
أسأل الله أن يمتعني وإياكم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا طول حياتنا ، وأن يجعله الوارث منّا، وأن يُعوّض كل من أُبتُلي في عينيه بالجنة ، وأن يرزقنا جميعاً نعمة البصيرة المنيرة ، والهديَ المستقيم ، إنه سميع قريب مجيب.
__________
(٣٤)

[العمل التطوعي ... أفضل وسيلة لاكتشاف مهاراتك ]


التطوع تَفَعُّلٌ من الطاعة، وتَطَوَّعَ كذا: تَحَمَّلَه طَوْعًا، وتَكَلَّفَ استطاعته، وتطوع له: تكلّف استطاعته حتى يستطيعَه، وفي القرآن: { فمن تَطَوَّعَ خيراً فهو خير له } البقرة/184 ؛ قال الأَزهري: ومن يَطَّوَّعَ خيراً، والأَصل فـيه يتطوع فأُدغمت التاء فـي الطاء، ويقال: تَطَاوَعْ لهذا الأَمر حتـى تَسْتَطِيعَه .


و التَّطَوُّعُ: ما تَبَرَّعَ به الإنسان من ذات نفسه مـما لا يلزمه وغير مفروض عليه.

والمُطَّوِّعةُ: الذين يَتَطَوَّعُونَ بالجهاد، ومنه قوله تعالى: {الذين يلـمزون الـمطوَّعين من الـمؤمنـين} ، وأَصله الـمتطوعين فأُدغم.

وفـي حديث أَبـي مسعود البدري فـي ذكر الـمُطَّوِّعِينَ من الـمؤمنـين: قال ابن الأَثـير: أَصل الـمُطَّوِّعِ الـمُتَطَوِّعُ فأُدغمت التاء فـي الطاء وهو الذي يفعل الشيء تبرعاً من نفسه.


فالعمل التطوعي هو: تقديم العون والنفع إلى شخص أو مجموعة أشخاص، يحتاجون إليه، دون مقابل مادي أو معنوي.

ويكون النشاط ذا أغراض (اجتماعية-تنموية -إغاثية -رعائية -خدمية -علمية -بحثية) ويتم تسجيله وفقاً لاحكام وقوانين . 


فضائل التطوع وفعل الخير :

فضائله كثيرة متعددة ولذلك جاء الحث عليه في الكتاب والسنة، قال تعالى:

- { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء/73).

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج/77).

{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة/148).

- { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (المائدة/48).

ومن السنة ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

1- ( كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين أثنين صدقة ، تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها الى الصلاه صدقة ، وتميط الاذى عن الطريق صدقة )متفق عليه.

2- ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا اله الا الله وأدناها أماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) متفق عليه.

3- ( لقد رأيت رجلأً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) رواه مسلم .

4- ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار ) متفق عليه .

5- ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربه من كرب الدنيا فرج الله عنه كر به من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما سترة الله يوم القيامة ) متفق عليه .

6- ( من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنوات ) أخرجه الطبراني في الكبير و الحاكم

7- ( مثل المومنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه احمد ومسلم


أقسام وأنواع المتطوعين: 
* منهم المتطوع بماله: صدقات، تبرعات، قروض، مشاركات في شركاته، تنمية مال.
* ومنهم المتطوع ببدنه: مراسلات، حرف، تحميل، حراسة..
* ومنهم المتطوع بجاهه: شفاعات، علاقات...
* ومنهم المتطوع بوقته: كل يوم، ساعة في اليوم، ساعة في الأسبوع، في المواسم، عند الطلب والفزعات..
* ومنهم المتطوع بفكره: تقديم رأي صائب، استشارة، بحث، استبانات، دراسات، إحصاءات، خطط، نقد، تقويم...

 

عديدة هي الأسباب التي تدفعنا إلى التطوع ومساعدة الآخرين، ولعل أهم هذه الأسباب يكمن في الفوائد النفسية والبدنية التي تعود على المتطوع والمستفيد بُعيد القيام بهذا العمل الخيري.



أمثلة من القرآن الكريم :

تطوع ذو القرنين ببناء السد ؛فكان بناء السد نعمة عظمى للبشرية وسبباً من أسباب هناء العيش على الأرض 

{قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا }

قال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: " خرجاً ": أي أجراً عظيماً يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدا.
فقال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير: 
{ما مكّني فيه ربي خير } أي إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه كما ورد في كتاب الله على لسان سليمان - عليه السلام- : {أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم }
وهكذا قال ذو القرنين الذي أنا فيه خير من الذي تبذلونه ولكن ساعدوني بقوة أي بعملكم وآلات البناء { أجعل بينكم وبينهم ردما * آتوني زبر الحديد }
 والزبر: جمع زبرة وهي القطعة منه.


قال تعالي:
{ ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير } (القصص/24)

{ولما ورد ماء مدين } أي وصل إليه، وهو الماء الذي يستقون منه 
{ وجد عليه أمة من الناس يسقون } أي وجد على الماء جماعة كثيرة من الناس يسقون مواشيهم، ومدين اسم للقبيلة لا للقرية 
{ ووجد من دونهم } أي من دون الناس الذين يسقون مابينهم وبين الجهة التي جاء منها 
{ امرأتين تذودان } أي تحبسان أغنامهما عن الماء حتى يفرغ الناس ويخلو بينهما وبين الماء.
{قال ما خطبكما } أي قال موسى للمرأتين: ما شأنكما لا تسقيان غنمكما مع الناس ؟
{قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء } أي أن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء وينصرفوا منه حذراً من مخالطتهم، أو عجزاً 

عن السقي معهم والرعاء: جمع راعٍ
{ وأبونا شيخ كبير } عالي السن لا يقدر أن يسقى ماشيته من الكبر فلذلك احتجنا ونحن امرأتان ضعيفتان أن نسقي الغنم لعدم وجود رجل يقوم لنا بذلك. 


ومن أمثلة التطوع : شهادة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بصور كثيرة من صور العمل التطوعي :
وذلك أنه لما رأى جبريل عليه السلام ونزل عليه بقول الله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . إقرأ وربك الأكرم } رجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة ، وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي .
فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .. الحديث (متفق عليه) 


فوائد التطوع:

 

أولاً: 

تعلُّم المهارات الجديدة وتنميتها، حيث يعد التطوع أفضل وسيلة لاكتشاف مهاراتك الكامنة. يقال عش كأنك تموت غدًا وتعلم كأنك تعيش للأبد، فلا يعني أنك أنهيت دراستك أو كبرت في بالسن أن تتوقف عن التعلم.

 

ثانيًا:

 يجعلك جزءًا من المجتمع، فيعتمد الناس في المجتمعات على بعضهم بعضًا للمضي قدمًا في هذه الحياة؛ فالتطوع ينعكس إيجابًا على صحة عيش المستفيدين، ويعد الطريقة الأفضل للتواصل مع المجتمع.

 

ثالثًا:

 الشعور بالإنجاز؛ فيعنى التطوع بتقديم وقتك وطاقتك ومهاراتك بلا مقابل، ويجعلك تشعر بالإنجاز وينتج هذا الشعور من الرغبة والحماس للمساعدة.

 

رابعًا: 

يعزز خياراتك المهنية، حيث وجدت دراسة أجرتها مؤسسة تايمبانك في بريطانيا أن 73% من أصحاب العمل يفضلون الموظفين الذين يتمتعون بخبرات تطوعية على غيرهم، كما يعتقد 94% من أصحاب العمل أن العمل التطوعي يعزز من مهارات الفرد، إضافة إلى أنه استفاد 94% من الموظفين الذين تطوعوا حيث اكتسبوا مهارات جديدة إما بالحصول على وظيفتهم الأولى أو أنه تمت ترقيتهم.

 

خامسًا: 

اهتمامات وهوايات جديدة، فمن خلال الهرب من الروتين اليومي، يخلق التطوع توزانًا في حياتنا. يشكل إيجاد اهتمامات وهوايات جديدة من خلال التطوع أمرًا مثيرًا للمرح والاسترخاء والنشاط.

 

سادسًا:

 خبرات جديدة، حيث يعد التطوع طريقة رائعة للحصول على الخبرة، سواء قمت بترتيب مكتبة أو أي أمر آخر، فأنت ستختبر العالم الحقيقي من خلال العمل بيديك.

 

سابعًا:

 الالتقاء بأناس جدد، يجلب التطوع الناس من مختلف الخلفيات والمجالات، فيمكن أن يشكل زملاؤك المتطوعون مصدر إلهام لديك وطريق لتنمية مهاراتك الذاتية، وهي فرصة أيضًا لتتعلم كل ما تريد عن الآخرين من مختلف بيئات الحياة وخلفياتها.

 

ثامنًا:

 تحسين الحالة الصحية، تقلل الأعمال التطوعية من حدة أعراض الآلام المزمنة وأمراض القلب، كما يخفض التطوع معدل نبضات القلب وضغط الدم ويعزز قوة جهاز المناعة.

 

 

أين يمكن أن أجد فرصًا للتطوع؟

قد يرغب بعضهم أحيانا في التطوع، إلا أنهم لا يعلمون أين يتطوعون وكيف يساعدون الآخرين، ويمكن عادة إيجاد فرص التطوع في المكتبات ومراكز رعاية المسنين، المنظمات الخدمية التي تقدم المساعدة للعامة، إضافة إلى المتنزهات العامة والمستشفيات والمدراس والمساجد.

 

 

نصائح للتطوع بحكمة:

 

1- حدد المهارات التي تتمتع بها وتريد تقديمها لتمكين جمعيات الأعمال التطوعية من وضعك في المكان الصحيح الذي يناسب قدراتك.

 

2- حاول البحث عن أعمال تطوعية جديدة من شأنها أن تكسبك مهارات جديدة، على سبيل المثال، التطوع بكتابة النشرات الإخبارية للمنظمات الخدمية أو غيرها سيعزز من قدراتك الكتابية والتحريرية.

 

3- ابحث عن أعمال تطوعية تتيح لك الفرصة لإنجاز أهدافك الخاصة، كالأعمال التي تحتوي على أنشطة بدنية لفقدان بعض الوزن مثلاً.

 

4- لا تبالغ في برنامجك التطوعي واجعله يتناسب مع تفاصيل حياتك، بحيث لا تكون أعمالك التطوعية على حساب عملك أو واجباتك البيتية.

 

5- عند التطوع العائلي، يفضل التفكير في الأعمال التطوعية الجماعية التي تناسب العائلة، كعمل الأبوين مع أطفالهما على سبيل المثال.

 

6- يمكنك التطوع عن بعد من خلال إنجاز بعض الأعمال من المنزل، كطباعة أوراق لمؤسسات خيرية إن لم يكن لديك الوقت الكافي لأنواع التطوع البدني الأخرى. 


آثار التطوع:

1-  كسب الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.

2- حل المشاكل والمعضلات وخاصة وقت الأزمات.

3- التآلف والتحابب بين الناس، ومعالجة النظرة العدائية أو التشاؤمية تجاه الآخرين والحياة.

4- التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع.

5- الزيادة من قدرة الإنسان على التفاعل والتواصل مع الآخرين والحد من النزوع إلى الفردية وتنمية الحس الاجتماعي.

6- تهذيب الشخصيَّة ورفع عقلية الشح وتحويلها إلى عقلية الوفرة والكسب الأعظم مصداقاً للآية الكريمة (ومن يوقَ شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون).

7- العمل التطوعي يتيح للإنسان تعلم مهارات جديدة أو تحسين مهارات يمتلكها.

ونسأل الله أن يؤلف على الخير قلوبنا، ويجمع شملنا، ويبعد الشرور عنا، ويحفظ عباده من المحن والمصائب، والحمد لله رب العالمين.

__________

(٣٥)

[أمناء الأسرار]


يقول الماوردي : (إن من الأسرار ما لا يُستغنى فيه عن مطالعة صديق مساهم، واستشارة ناصح مسالم، فليختر لسره أمينًا، إن لم يجد إلى كتمه سبيلاً، وليتحرَّ المرء في اختيار مَنّ يأتمنه عليه، ويستودعه إياه، فليس كلُّ مَنْ كان أمينًا على الأموال؛ كان على الأسرار مؤتمنًا، والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار؛ لأن الإنسان قد يضيع سر نفسه، بمبادرة لسانه، وسقط كلامه، ويشح باليسير من ماله، حفظًا لهُ وضنًا به، ولا يرى ما أضاع من سره كبيرًا، في جنب ما حفظه من يسير ماله، مع عظم الضرر الداخل عليه، فمن أجل ذلك كان أمناء الأسرار أشد تعذرًا، وأقل وجودًا من أمناء الأموال، وكان حفظ المال أيسر من كتم الأسرار؛ لأن أحراز الأموال منيعة، وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق) .

ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزانها كان أوثق لها، أما الأسرار فكلما كثرت خزانها كان أضيع لها!!

عبارة عجيبة جديرة بالتأمل .

السر نوعان:

أحدهما: ما يبوح به إنسان لآخر من حديث يُستكتم، وذلك إما تصريحًا كأن يقول له: اكتم ما أقول لك، وإما حالاً كأن يتحرى القائل حال انفراده بمن يتحدث معه، أو يخفي حديثه عن بقية مجالسيهِ. 

وفي هذا قيل: إذا حدثك إنسان بحديث فهو أمانة.

أما الثاني من الأسرار فهو أن يكون حديثَ نفسٍ بما يستحي الإنسان من إشاعته، أو أمرًا ما يريد فعله. 

والكتمان في النوعين محمود؛ فهو في الأول نوعٌ من الوفاء، وفي الثاني نوعٌ من الحزم والاحتياط والستر.

كتمان السر.. طريق النجاة:

قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- : ( سِرُّك أسيرك، فإن تكلَّمتَ به صِرْت أسيره ).

فكم من إظهار سّرٍ أراق دم صاحبه ومنعه من بلوغ مآربه، ولو كتمه أمِنَ سطوته. 

قال بعضهم: من حصَّن سره فله بتحصينه خصلتان: الظفر بحاجته، والسلامة من السطوات.

إن في الكتمان قضاء الحوائح، وإنجاح المقاصد وبلوغ الغايات، وكما قيل : "استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود".

وما أحسن ما قال الشاعر:

أجود بمكنون التـلاد وإنني

بسري عمَّن سألني لضنين


وإن ضيَّع الأقوام سري فإنني

كتوم لأسرار العشير أمين


إفشاء السر خيانة:

إن الناس يخالط بعضهم بعضًا ويفضي بعضهم إلى بعض بما قد يكون سرًا، وإن من الخيانة أن يُستأمن المرء على سر فيذيعه وينشره، ولو إلى واحد فقط من الناس، فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة".

أي الذي يريد إخفاءه ثم التفت أي يمينا وشمالا احتياطا فهي أي ذلك الحديث وأنت باعتبار خبره.


نماذج من كتمان السر :

لما تأيمَّت ( أي مكثت بلا زوج
 ) حفصة بنت عمر - رضي الله عنها وعن أبيها الفاروق عرضها أبوها على عثمان - رضي الله عنه - ليتزوجها فاعتذر فعرضها على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فلم يرد عليه بإيجاب أو نفي، فغضب منه أكثر من غضبه على عثمان، فلما خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقابل أبو بكر عمر قال له : لعلك وجدت علىَّ حين عرضت حفصة علي فلم أرجع إليك شيئًا ؟
قال : نعم، قال : إنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئًا حينما عرضت علي إلا أنني كنت علمت أن النبي يذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
( رواه البخاري).


وهذه فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها – تضرب لنا مثالاً في أمانة حفظ السِّر، كما روت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها-  : إنَّا كُنَّا أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعًا لم تغادرْ منا واحدة، فأقبلت فاطمة - رضي الله عنها - تمشي ما تُخطئ مشيتَهَا من مِشيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها رحَّب، قال : «مرحبًا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه – أو عن شماله – ثم سارَّها»، فبكت بُكاء شديدًا، فلما رأى حُزْنَها سارها الثانية، فإذا هي تضحك , فقالت لها : أنا من نسائه خصك رسول الله بالسِّر من بيننا ثم أنت تبكين !
فلما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم - سألتُها عمَّا سارَّها ؟ 
قالت ما كنت لأفشي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - سره ، فلما توفي قلت لها : عزمت عليك – بما لي عليك من الحق – لما أخبرتني !
 قالت : أما الآن فنعم ، فأخبرتني قالت : أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل - عليه السلام - كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك ، قالت : فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارَّني بالثانية، قال : يا فاطمة ! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة !» .
(رواه البخاري) .

ولأن الكرام ينأون بأنفسهم عن أخلاق اللئام فقد رأينا هؤلاء الكرام يربون أبناءهم على حفظ الأسرار وعدم إشاعتها، فهاهي أم أنس بن مالك رضي الله عنها يتأخر عليها ولدها أنس فتسأله: "ما حَبَسَك؟ 

قال بعثني رسول الله لحاجة.

قالت ما حاجته؟

قال: إنها سر. 

قالت: لا تحدثنَّ بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا".

هكذا تكون التربية مع أبناءنا .


وذات يوم أسرَّ معاوية رضي الله عنه إلى الوليد بن عتبة حديثًا فقال الوليد لأبيه: يا أبتي إن أمير المؤمنين أسرَّ إليَّ حديثًا وما أراه يطوي عنك ما بسطه إلى غيرك. 

قال: فلا تحدثني به، فإن من كتم سره كان الخيار له، ومن أفشاه كان الخيار عليه. 

قال الوليد: يا أبتي وإن هذا ليدخل بين الرجل وبين أبيه؟ 

قال: لا والله يا بني، ولكن لا أحب أن تُذلِّل لسانك بأحاديث السر. 

قال الوليد: فأتيت معاوية رضي الله عنه فأخبرته، فقال: يا وليد أعتقك أخي من رق الخطأ.


إفشاء الأسرار الزوجية :

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها".  بل وصل الأمر إلى أن يشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بشيطان أتى شيطانة في الطريق والناس ينظرون.


لا تلومنَّ إلا نفسك:

إذا استودعت أحدًا سرك فأفشاه فلا تلومنَّ إلا نفسك؛ إذ كان صدرك أضيق عنه.

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: "ما وضعت سري عند أحدٍ فأفشاه عليَّ فلمته؛ أنا كنت أضيق به حيث استودعته إياه".

كرام الرجال يفخرون بكتمان الأسرار:

إذا كان الرجال معادن، فإن كتمان الأسرار يدل على جواهر الرجال ومعادنهم؛ ولهذا وجدنا أصنافًا من الرجال يفاخرون بكتمانهم الأسرار .

قال المهلب:

أدنى أخلاق الشريف كتمان السر، وأعلى أخلاقه نسيان ما أسر إليه.

وقيل لأعرابي: ما بلغ من حفظك للسر؟ قال: أمزقه تحت شغاف قلبي ثم أجمعه، وأنساه كأني لم أسمعه.

هكذا أخلاق الكرام :

وترى الكريم إذا تصرَّم وصله

يخفي القبيح ويُظهر الإحسانا


وترى اللئيم إذا تقضي وصله

يُخفي الجميل ويُظهر البهتانا


كتم السر :

قال بعض الأدباء : من كتم سره أحكم أمره ، وكانت الخيرة في يده ونال الظفر بحاجته ، وأحرز سلامته من كل شر . 
قال الشاعر :
وإن أردت نجاحاً أو بلوغ منى
فاكتم أمورك عن حاف ومنتعل

وقال احد الحكماء لابنه : يا بني كن جواداً بالمال في موضع الحق ، ضنيناً بالأسرار عن جميع الخلق ، فان أفضل جود المرء : الإنفاق في وجه البر ، والبخل بمكتوم السر 

ورضي الله عن عمر بن عبد العزيز حيث يقول : القلوب أوعية ، والشفاه أقفال ، والألسن مفاتيحها ، فليحفظ كل إنسان مفتاح سره . 

وقال انس ابن مالك - رضي الله عنه:
ولا تفش سرك إلا إليك
فان  لكل نصيح نصيحا

 فإني رأيت وشاة الرجل
لا يتركون أديما صحيحا

وقال آخر :
إذا المرء أفشى سره بلسانه  
ولام  عليه  غيره  فهو أحمق

إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه 
فصدر الذي يستودع السرّ أضيق



ورد في كتاب " ثمار القلوب في المضاف والمنسوب " لأبي منصور الثعالبي :
" للحيطان آذان " ، قال في ذلك المعنى :

أبو النصر الأيبوردي :

من أمثالهم ( للحيطان آذان ) أى خلفها من يسمع ما تقول .

قال الطرائفي الأبيوردي :
سر الفتى من دمه إن فشا
فأوله حفظاً وكتمانا

واحتطْ على السرّ بإخفائه 
فإن للحيطان آذانا 

وقال الحاكمي الخوارزمي :

ولا تفهْ بكلام لست تأمنه 
فربما كان للحيطان آذانُ

وقال بهاء الدين زهير :

إياك يدري بيننا أحدٌ 
فهم يقولون للحيطان آذانُ


وقال أبو حفص عمر بن علي :

وبارد الطلعة حاذانا 
واسترق السمع فآذانا

فقلتُ للجلاس لا تنبسوا 
فإن للحيطان آذانا


وقال ابن دانيال الموصلي :

وأطرقوا ثمَّ قالوا خفّضوا وَقفوا 
منها هنا اليوم للحيطان آذانُ

وقال شهاب الدين بن العطار :

يا ناطقاًمن جدار وهو ليس يرى 
اظهر وإلا فهذا الفعل فتانُ

لم تسمعِ الناسُ للحيطان ألسنةً
وإنما قيل للحيطان آذانُ

كما أن مجالات السر ليست على درجة واحدة ولكنها متفاوتة هناك مجالات للسر هامة وخطيرة يجب العناية بها إلى حد كبير، والخطورة تأتي إما من جهة صاحب السر، وإما من خطورة العمل والسر نفسه، وإما من خطورة الظروف والمناسبات، فِسرُّ الرجل العظيم ليس كسِرِّ غيره، وسر العمل الهام ليس كسر عمل بسيط، والسر عند الظروف الحرجة، ليس كالسر في الظروف العادية .

وكما قيل: "قلوب العقلاء حصون الأسرار".

وما أجمل قول حسان بن ثابت - رضي الله عنه - في حفظ الأمين للسر:

وأمينٍ حَفَّظتُه سِرَّ نفسي
فوعاهُ حِفْظَ الأمينِ الأمينَا


وإن المحافظة على الأسرار من أعظم الأمانات في العلاقات؛ ليس على المستوى الفردي فحسب؛ بل على مستوى الدول والحكومات، وكم من أسرار كُشفت للخصوم والأعداء؛ سبَّبت الذل والهوان لأفراد وشعوب وأمم!.

كما أن المحافظة على الأسرار مشروطة بأن لا تؤثر في حق الله تعالى، أو حق المسلمين، وإلا عُدَّ من الخيانة لحق الله تعالى أو حق المسلمين، وليس حفظ الأسرار هنا من الأمانة .

اللهم إنا نسألك قلبك واعياً أميناً، ونفساً مطمئنة، وخاتمة حسنة، وجنة عرضها السماوات والأرض.. 
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وصلى الله على نبينا محمد 

__________

(٣٦)

[خاف فضاعت الحياة]

يحكى أن رجلاً سأل فلاحا : هل زرعت قمحا هذا الموسم ؟ 

فأجاب الفلاح : لا ، كنت أخشى أن تمطر السماء فأخسر القمح !

فسأله هل زرعت ذرة ؟

فأجاب الفلاح : لا ، كنت أخشى الحشرات التي تأكل الذرة ! 

فسأله الرجل : إذن ماذا زرعت هذا الموسم ؟

فأجاب الفلاح : لم أزرع شيئاً !!

أحببت أن أكون في الجانب الآمن !..

الجانب الآمن قد يشل الحياة أحيانا ..

توكل على الله ومارس حياتك وعملك .

____

(٣٧)

[من الذي يُطْعِمكَ بِملعقَةٍ فارغة ؟]


قد يبدو هذا العنوان غريباً نوعاً ما !!
وقد يسأل سائل فيقول :
هل يمكن أن يطعمك أي شخص بملعقة فارغة ؟
أو قد يقول آخر ربما هذه الملعقة لاتحمل ما فيها من الطعام إما لصغرها أو لوجود خرم فيها !!

ولكم أن تتخيلوا شخصاً يريد أن يطعم شخصاً آخراً من أي طعام مشروب ( كالشوربة أو المرق ) على سبيل المثال ؛ فماذا سيستقر بالملعقة المخرومة أو المتشققة ؟!
بالتأكيد لن يبقى بها شيئاً .

من طبائع الإنسان ميلُهُ إلى سماع الإطراء يوجهُ إليه من الآخرين ، وفي المقابل لا يحبُ أن يسمع مَن يريه خصله السيئة أو أخطاءه وعيوبه.
وقد كانت هذه الحقيقة منطلقاً لكثير من الناس لتجنيد أنفسهم لمهمة المديح الزائف والإطراء المبالغ فيه، للأصدقاء والحكام والمسؤولين وذوي النفوذ، حتى صار من ديدن بعض الناس وشيمهم هذه الصناعة التي يحذقونها.
وهي صناعة زائفة ممجوجة، ينبغي لصاحب النفس الكبيرة والمروءة أن يتعالى عليها وأن يمنعها، لتفسد بضاعة الحاشية التي تزين الغرور للمسؤول والانتفاخ الكاذب للصديق.

لذلك قيل: من يُسْمِعكَ الكلامَ المعسولَ يُطْعِمكَ بِملعقَةٍ فارغة.
فالكلام المعسول الدائم كذب صريح لا يفيد المرء ولا يقدم له غذاء حقيقياً نافعاً ؛ لأنه أشبه بمن يطعم إنساناً طعاماً يعده به طويلاً ثم يكتشف في خاتمة المطاف أن الملعقة كانت فارغة، وهذا مصدر جمال هذه المقولة.

وقال وهب بن منبه - رحمه الله -  : ( إذا سمعت الرجل يمدحك بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك ) 
أي وهو راض ٍ عنك سيمدحك 
وعندما يسخط عليك ؛ سيذمك !

وقد يندرج تحت هذه المسميات مسميات عدة مثل التملق والمداهنة والمجاملة والمداراة ... وغيرها


فالتملق هو المديح الزائف المبالغ فية الذي يهدف لأن يحقق لمن يقوله مكاسب أو مصالح أو لمحافظة على مكانة أو التقدم في عمل .
وقد وجد المتملقون في جميع الحضارات على مر العصور ومازالوا يوجدون إلى يومنا هذا خاصة في حاشيات الشخصيات ذات الجاة والنفوذ !

ومن طرائف المتملقين لذوي السلطة : 
أنه عندما انتقد الناس الفيلسوف الإغريقي ( اريستيبو) لأنه ركع على الأرض عند قدمي الطاغية (ديونوزيو)
 وتملقه له ليطلب منه شيئا فقال :
وما ذنبي إن كان (ديونوزيو) لا يسمع إلا بقدميه !!

وكان فردريك وليام ملك (بروسيا) يهوى الرسم ، وفي يوم ما أفرط أحد وزرائه في امتداح لوحة جديدة رسمها 
فسأله الملك :
كم تساوي هذه اللوحة في رأيك إذا أردت أن أبيعها ؟

أجابه الوزير قائلاً:
لا يوجد ثمن يقدرها أيها الملك ، ولن تقل عن ألف جنيه من الذهب .
فقال له الملك :
سأعطيك خدمة بأن أبيعها عليك بنصف الثمن !!
وجعله يدفع خمسمائة جنيه ذهب ثمنا لها .

ويجب أن ننوة هنا بحقيقتين :
الأولى :
العظماء يكرهون التملق ويحتقرون المتملقين .
الأخرى :
تملقك لمن تحبهم كالزوجة والأولاد ومن في حكمهم يعتبر مشروع . 

المجاملة كلمة دارجة وأصبحت عرفا في مجتمعنا وفي جميع المجتمعات الأخرى ، بل أصبحت شيئا محببا وضرورة أيضا ، بحيث أن الذي لا يجامل أصبح يقبع في ركن بعيد 
ويكون غالبا وحيدا .. !!

المجاملة في اللغة هي : من جَمل : وهي الملاطفة في أدب الكلام والمعاشرة .. 
وسَايَرَهُ فِي كَلاَمِهِ مُجَامَلَةً : تَأَدُّباً لَهُ لاَ عَنِ اقْتِنَاعٍ أَوْ تَسْلِيمٍ .

فالمجاملة محمودة لأنها محدودة وقد نلجأ لها من أجل قول الصدق ، ففي بعض الأحيان إن كنت تريد أن يتقبل كلامك الناس - وخاصة الأشخاص الغرباء- بكل صدق وصراحة لا بد وأن تحتاج إلى استخدم أسلوب المجاملة في البداية ، لأن قول الصدق بشكل مباشر قد يكون قاس ٍ على النفس ولا يتقبله الآخر فيظن الظنون ، فأكون قد فتحت للشيطان باباً والآخر رحب به .
فالأفضل هو اللطف والمجاملة ونقول بعدها رأينا الصريح بكل أدبٍ وذوق .
لأن قول الصدق بشكل مباشر قد يكون قاس ٍ على النفس ولا يتقبله الآخر فيظن الظنون ، فأكون قد فتحت للشيطان باباً والآخر رحب به .

فالناس تبحث عن المديح حتى لو كان
غير حقيقي! 
حتى لو اتى من خلف قناع يخفي 
اكثر مما يظهر بكثير .. !!
ولكن للمجاملة حدوداً متى ما تجاوزتها لا تكون مجاملة بل تندرج وفق مسميات أخرى تتبع تلك الحالة .

لا اعتراض عندما تكون المجاملة في محلها فكلنا نجامل ، وهناك من يستحق أن نجامله وربما لا نفيهِ حقه .
بل تكون المجاملة أحياناً وسيلة إلى المحبة وتوطيد الروابط الأسرية فمثلاً نرى الزوج يجامل زوجته، والأبوان يجاملان الأبناء ، وكذلك مع الزملاء والأصدقاء.

يقول الماوردي -رحمه الله تعالى - : 

إذا كان للإنسان عدو ، وقد استحكمت شحناؤه واستوعرت سراؤه ، واستخشنت ضراؤه ، فهو يتربص بدوائر السوء ، وانتهاز فرصة ، ويتجرع بمهانة العجز مرارة غصة ، فإذا ظفر بنائبة ساعدها ، وإذا شاهد نعمة عاندها ، فالبعد عن هذا حذراً أسلم ، لكف عنه متاركة أغنم ، لأنه لا يسلم من عواقب شره ، ولا يفلت من غوائل مكره إلا بالبعد عنه أو مداراته ، 
وقد قال لقمان لابنه : يا بني كذب من قال : إن الشر بالشر يطفأ ، فإذا كان صادقاً فليوقد نارين ، ولينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى ، وإنما يطفئ الخير الشر كما يطفئ الماء النار .


(لاطف الناس ودارهم ولكن لإيصالهم إلى ما يحبه الله ويرضاه، وإلاّ فلا تدهن فتغش ولم تُكْرَه! وارض الله ولو بسخط الناس ؛ يكتب لك رضاه ، واحذر سخطه ؛ فيحل عليك غضبه ومن يحلل عليه غضبه ؛ فقد هوى، أعاذني الله وإياك من ذلك ومن اتباع الهوى).

وقد دَأَبَ أربابُ الضلال على السعي للظفر بمداهنة أهل الحق، ولم ينقطع طمعُهم في ذلك، حتى مِنَ النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} - [القلم:9] .

قال ابن القيم - رحمه الله - :
"المداراة صفة مدح ، والمداهنة صفة ذمٍّ ، والفرقُ بينهما: أنَّ المُداري يتلطف بصاحبه حتى يستخرج منه الحقَّ أو يردَّه عن الباطل، والمداهن يتلطف به لِيُقِرَّه على باطله ويتركه على هواه. فالمداراة لأهل الإيمان، والمداهنة لأهل النفاق، وقد ضُرب لذلك مثلٌ مطابِقٌ، وهو حال رَجُلٍ به قُرحة قد آلمته، فجاءه الطبيبُ المداوي الرفيقُ، فتعرَّف حالها، ثم أخذ في تليينها حتَّى إذا نَضجت أخذ في بَطِّها برِفْقٍ وسهولة، حتى أخرج ما فيها، ثم وضع على مكانها من الدواء والمرهم ما يمنع فساده ويقطع مادته، ثم تابَعَ عليها بالمراهم التي تُنْبت اللحم، ثم يَذُرُّ عليها بعد نبات اللحم ما يُنَشِّف رطوبتها، ثم يَشُدّ عليها الرباط، ولم يزل يتابع ذلك حتى صلحت. والمداهن قال لصاحبها: لا بأس عليك منها، وهذه لا شيء، فاسترها عن العيون بخِرْقة، ثم الْهُ عنها، فلا تزال مادتها تَقْوَى وتستحكم حتى عظُمَ فسادها" . (الروح [1/ 231]).
انتهى كلامه رحمه الله.

وأما الذين يُداهنون مِن أَجْل المكاسب الدنيوية ؛ فما أكثرهم في سائر الأزمان، فكيف الشأن الآن ؟!

يذكر بعضُ أهل الأخبار أنه لما نَصَّب معاويةُ رضي الله تعالى عنه ابنَه يزيدَ لبعض الولايات؛ أقعده في قُبَّةٍ حمراء، وجعل الناسُ يُسَلِّمون على معاوية رضي الله عنه، ثم يُسَلِّمون على يزيد، حتى جاء رجلٌ ففعل ذلك، ثم رجع إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين؛ اعْلَمْ أنك لو لم تُوَلِّ هذا أمورَ المسلمين لأضعتَها! والأحنف بن قيس - أبا بحر - رضي الله عنه - في المجلس ساكت.
 فقال معاوية رضي الله عنه: ما لك لا تقول يا أبا بحر؟ 
فقال: أخاف اللهَ تعالى إنْ كذبتُ، وأخافكم إنْ صدقتُ! 
فقال: جزاك الله خيرًا عما تقول، ثم أمر له بعطاءٍ، فلما خرج الأحنفُ لقيه ذلك الرجلُ بالباب، فقال له: يا أبا بحر؛ إني لأعلم أنَّ هذا فيه وفيه، ولكنهم استوثقوا من الأموال بالأبواب والأقفال، فلسنا نطمع في إخراجها إلا بما سمعتَ. فقال له الأحنفُ: يا هذا؛ أمسِكْ، فإنَّ ذا الوجهينِ خَليقٌ أنْ لا يكون عند الله وجيهًا.

• أقوال السَّلف والعلماء في الحثِّ على السَّتْر 

• أقوال السَّلف والعلماء في الحثِّ على السَّتْر :

نعم الإله على العباد كثيرةٌ

وأجلهــــــن نَجـَـــابة الأولادِ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق