الصفحات

الأربعاء، 10 فبراير 2016

أقوالٌ وحِكمٌ من درر الكلم

[قالوا عن " الشَّيْب " ]

•  نظر كسرى إلى رجلين من مرازبته أحدهما قد شاب رأسه قبل لحيته ، والآخر قد شابت لحيته قبل رأسه ، فأراد أن يعرف جواب كل واحد منهما عن حاله تلك !
فقال لأحدهما: لم شاب رأسك قبل لحيتك ؟
قال: لأن شعر رأسي خُلِق قبل شعر لحيتي ، والكبير يشيب قبل الصغير. 

وقال للآخر: لم شابت لحيتك قبل رأسك ؟
قال: لأنها أقرب إلى الصدر موضع الهّم والغّم .

• قال حبيب:
شاب رأسي وما رأيت مشيب الـ
رأس إلا من فضل شيب الفؤاد

• قيل لعبد الملك بن مروان: أسرع إليك المشيب !!
قال: فكيف لا أشيب وأنا أعرض عقلي على الناس في كل أسبوع - يعني الخطبة.

• قال بعض الحكماء:
الشيب موت الشعر.

• نظر بعض الأعاجم إلى شيبٍ في رأسه أو لحيته، فجمع نساءه وقال: تعالين فاندبنني إذا مات بعضي، لأبصر كيف تندبنني إذا مات كلي !.
         
من كتاب : ( بهجة المجالس وأنس المجالس - لابن عبدالبر )

___________

 [أقوال بليغة]

• قال بعض الناس :
" من التوقي تركُ الإفراط في التَّوقي"

• وقال بعضهم :
" إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون " .

• وقال بعضهم:
" أعجب العجب ، ترك التعجب من العجب" .

• وقال بعض النُسّاك :
" أنا لِـمــا لا أرجو أرجى مني لِـمــا أرجو " .
 
• قيل لأعرابي في شكاته: كيف تجدك ؟ 
قال: " أجدني أجد ما لا أشتهي ، وأشتهي ما لا أجد ، وأنا في زمان من جاد لم يجد ، ومن وجد لم يجد" .

• وقيل لابن المقفع ألا تقول الشعر؟ 
قال : الذي يجيئني لا أرضاه ، والذي أرضاه لا يجيئني .

• وقال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - لعبد بني مخزوم:
" إني أخاف الله فيما تقلدت ، قال: لست أخاف عليك أن تخاف ، وإنما أخاف عليك أن لا تخاف " .

• وقال الأحنف لمعاوية :
" أخافك إن صدقتك ، وأخاف الله إن كذبتك " .

• وقال الشاعر:
قدَرُ الله وارد .... حين يُقضى ورودهُ

فأرد ما يكون إن ... لم يكن ما تريده

(من كتاب:البيان والتبيين-الجاحظ)

_____________
من أقوال وحِكَم (بزرجمهر *) :

قال بُزُرْجِمِهْر :
" نصحني النصحاء، ووعظني الوعاظ شفقة وتأديباً، فلم يعظني شيء مثل شيبي، ولا نصحني مثل فكري ، ولقد أستضأت بنور الشمس وضوء القمر، فلم استضئ بضياء أضوأ من نور قلبي ، وكنت عند الأحرار والعبيد ، فلم يملكني ولا قهرني غير هواي. وعاداني الأعداء ، فلم أر أعدى علي من نفسي إذا جهلت ، وزاحمني المضايق ، فلم يزاحمني مثل سوء الخلق ، ووقعت في أبعد البعد وأطول الطول، فلم أقع علي شيء أضر علي من لساني. ومشيت علي الجمر ووطئت الرمضاء، فلم أر ناراً أشد حراً من غضبي ، وتوحشت في البرية والجبال ، فلم أر أوحش من قرين السوء ، وأكلت الطيب وشربت الهنيء ، فلم أجد شيئاً ألذ من العافية والأمن. وأكلت الصبر وشربت المر، فلم أر شيئاً أمر من الفقر ، وركبت البحار ورأیت الأهوال ، فلم أر هولاً مثل الوقوف علی باب سلطان جائر. وقدت الجيوش وصارعت الأقران ، فلم أر قِرناً أغلب من امرأة السوء ، وعالجت الحديد ونقلت الصخر ، فلم أر حملاً أثقل من الدين.ولبست الكسى الفاخرة، فلم ألبس شيئا ًمثل الصلاح ، وطلبت أحسن الأشياء عند الناس ، فلم أجد شيئا أحسن من حسن الخلق ، وسررت بعطايا الملوك ومواهبهم ، فلم أُسر بشيء أکثر من الخلاص منهم".


بزرجمهر بن البختكان (فارسية: بزرگمهر بختگان) كان رجلاً حکیماً عالما ً ، وزيراً لأنوشيروان .
وقد ذكر اسمه في بعض الأعمال المهمة فی الأدب الفارسي، وعلی الأخص فی الشاهنامة ، وتنسب إليه الكثير من الحكم والأمثال .
أمر كسرى الثاني حفيد أنوشيروان بقتل بزرجمهر لأن الوشاة حول كسرى لم يدعوه وشأنه ، فأعدمه كسرى على مرأى من الناس ، وعلى مرأى من ابنته.

___________

[ مما قالوا عن سوء الأدب ]

 قال بعض الحكماء:
رجلان ظالمان يأخذان غير حقّهما ، رجلٌ وسّع له في مجلس ضيّق فتربّع وتفتح ، ورجلٌ أهديت إليه نصيحةٌ فجعلها ذنباً. 


ومن سوء الأدب في المجالسة:
أن تقطع على جليسك حديثه، أو تبدره إلى تمام ما ابتدأ به خبراً كان أو شعراً، تتمّ له البيت الذي بدأ به، وتريه أنك أحفظ منه. فهذا غايةٌ في سوء المجالسة، بل يجب أن تصغي إليه كأنك لم تسمعه قط إلاّ منه.


 قيل لداود الطّائّي:
لِمَ تركت مجالسة الناس؟
قال : ما بقي إلاّ كبيرٌ يتحفّظ عليك، أو صغيرٌ لا يوقِّرك !


 وقيل : " لا تُكْثِرِ الْعِتَابَ ، فَإِنَّ الْعِتَابَ يُورِثُ الضَّغِينَةَ وَالْبَغْضَةَ ، وَكَثْرَتُهُ مِنْ سُوءِ الأَدَبِ " .

___________

[مما قالوا عن المودة والعداوة]

 قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " لا يكن حبك كلفًا ولا بغضك تلفًا ، فقلت: كيف ذاك ؟!
قال: إذا أحببتَ كَلفت كلَفَ الصبي ، وإذا أبغضت أحببتَ لصاحبك التلَف ".

وقال الفضيل لسفيان - رحمهما الله- : دلني على صديق أركن إليه إذا غبت ، وآمن معه إذا حضرت. 
فقال: تلك ضالة لا توجد. 

 وقد وُجِدَ على خاتم أحد ملوك الهند نقش : " مَن وَدَّكَ لأمر وَلَّى عنك عند انقضائه " .

 وقيل لرجل: من أبعد الناس سفراً ؟
فقال: من كان سفره في طلب أخ صالح. 

 ورأى بعض الحكماء رجلين لا يفترقان فسأل عنهما فقيل: هما صديقان.
قال: ما بال أحدهما غني والآخر فقير؟!!

 وقيل: لا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما يرى لنفسه. 

وقال محمد بن علي: أيدخل أحدكم يده في كم أخيه فيأخذ حاجته؟
قالوا: لا.
قال: فلستم إذاً بإخوان .

 وقيل لبعض الفضلاء: كم لك من صديق؟
قال: لا أعلم لأن الدنيا مقبلة علي والأموال موجودة لدي ، وإنما أعرف ذلك لو ولت الدنيا، ألم تسمع إلى قول طريح:
الناس أعداءٌ لكل مدقع
صفر اليدين واخوةٌ للمكثر

 وقال عبد الملك لأصحابه: أيكم يصف لي عامة الناس؟
فقال الوليد ابنه: إخوان طمع وأعداء نِعم.

 وقيل: إذا احتاج إليك عدوك أحب بقاءك ، وإذا استغنى عنك وليك هان عليه موتك.

 وقيل: من أحببت فلا تأمنه ، ومن أبغضت فلا تهجره . 

ولما نكب علي بن عيسى لم يطر بناحيته أحد، فلما ردت إليه الوزارة رأى الناس حوله فأنشد:
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها
فأينما انقلبت يوماً به انقلبوا

____________

مما قيل عن :
[ أمناء الأسرار ] 


 من عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزانها كان أوثق لها ، أما الأسرار فكلما كثرت خزانها كان أضيع لها!!

 إذا استودعت أحدًا سرك فأفشاه فلا تلومنَّ إلا نفسك ؛ إذ كان صدرك أضيق عنه. 

 وقيل :
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه 
فصدر الذي يستودع السرّ أضيق


 ورد في كتاب " ثمار القلوب في المضاف والمنسوب " لأبي منصور الثعالبي :
من أمثالهم ( للحيطان آذان ) أي خلفها من يسمع ما تقول .

قال الطرائفي الأبيوردي :
سر الفتى من دمه إن فشا
فأوله حفظاً وكتمانا

واحتطْ على السرّ بإخفائه 
فإن للحيطان آذانا 

 وقال الحاكمي الخوارزمي :

ولا تفهْ بكلام لست تأمنه 
فربما كان للحيطان آذانُ

وقال بهاء الدين زهير :

إياك يدري بيننا أحدٌ 
فهم يقولون للحيطان آذانُ


 وقال شهاب الدين بن العطار :

يا ناطقاً من جدار وهو ليس يرى 
اظهـر وإلا فهذا الفعـل فتانُ

لم تسمعِ الناسُ للحيطان ألسنةً
وإنما قيل للحيطان آذانُ

 وقال أبو حفص عمر بن علي :

وبارد الطلعة حاذانا 
واسترق السمع فآذانا

فقلتُ للجلاس لا تنبسوا 
فإن للحيطان آذانا
__________

 [من عجائب الكلام]

جاء في كتاب (بدائع الزهور في وقائع الدهور) للمؤرخ ابن إياس :
ركب " القاضي الفاضل البيساني " فرسه يقصد السفر ، فقال له " العماد الاصفهاني "  :
( سِـرْ فلا كَبَا بِك الفَرَس )
كبا : أي تعثر وسقط
ففطن " القاضي الفاضل " فرد قائلا:
( دام عُلا العماد ) .

قال ابن إياس: وهذا النوع يقرأ طردًا وعكسًا، وهو عزيز الوقوع . أهـ

ويلاحظ فيما قاله " العماد الاصفهاني"  و " القاضي الفاضل " أنه يمكن قراءته من اليمين واليسار .

ومن ذلك أيضا ما يسمى :
(ما لا يستحيل بالانعكاس)

سماها الحريري في (مقاماته) بهذا الاسم ، وسماها غيره (القلب المستوي) وهو ما يُقرأ عكساً وطرداً ( من اليمين أو من اليسار ) .
وللحريري في هذا الميدان براعة لا يشق له غبار ، فقد دخل الرجل في الميدان بالتدريج من المفردات إلى الجمل والأبيات الشعرية حتى المقالة أو الرسالة الكاملة ، وتكلف في ذلك تكلفاً بالغاً ، ولم يترك لوناً من ألوان الكلام إلا قلبه .
وأخذ بالترتيب التصاعدي ؛ فبدأ بما يتركب من :
• كلمتين: (ساكب كاس)

• وثلاثاً: ( لُمْ أخاً مَـلَّ ) ١ 

• وأربعاً: (كَبِّر رجاءَ أجرِ ربِّك) ٢

• وخمساً: (مَنْ يَرُبّ إذا برّ ينْمُ) ٣

• وستاً: (سكِّتْ كلَّ مَنْ نَمَّ لك تَكِسْ) ٤

• أخيرا جاء بجملة من سبع كلمات فقال: ( لُذْ بكل مؤمّلٍ إذا لَمّ وملَك بذَلَ ) ٥

- وبعد هذه الجمل جاء (الحريري) بأبيات شعرية يمكن أن يقلب كل بيت منها ، سأطرحها لاحقاً - بإذن الله . 

                 *********
١) لم: من اللوم - مل: من الملل .
٢) كبر: أي عظّم الكبير وقدمه على نفسك.
٣) يرب: يصلح - بر: أكرم - ينم: يزيد.
٤) تكس: تكن كيساً وهو العاقل .
٥) لذ: الجأ إليه - مؤمل: مرجو لفعل الخير.
____________



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق